الناس يعرفون وأكاذيب الحكومة غير مجدية
عندما كانت حكومة المهندس عطري تقترب من إصدار قرارها برفع سعر مادة المازوت في العام 2008، لجأ عبد الله الدردري إلى عقد جلسات نقاش غير رسمية مع عدد من الصحفيين الإقتصاديين، بغية ضمان مساندة الإعلام المحلي، والرسمي خاصة، للخطوة المذكورة، وتسويقها شعبياً.
لكن عملياً لم يتمكن النائب الإقتصادي من استمالة الإعلام المحلي كاملاً إلى جانبه، فمثلاً حافظت الصفحة الإقتصادية في صحيفة تشرين، والتي كنت أشرف على تحريرها آنذاك، على بعض الموضوعية في تناول القرار عبر نشرها لمختلف الآراء، المؤيدة والمعارضة، فكانت أن نشرت دراسات هامة لباحثين اقتصاديين بارزين كالأستاذ الدكتور إلياس نجمة. لا بل أذكر أنني نشرت للدكتور عمرو سالم، و كان يشغل في ذلك الوقت منصب وزير الإتصالات، مذكرة رسمية حذر فيها من حدوث مشاكل سياسية وإجتماعية وإقتصادية إذا ما استمرت الحكومة في مقاربتها لمشروع الدعم بالآلية المقترحة.
ومع ذلك لم تنجح الحكومة في مقاربة الدعم بشكل صحيح لأسباب عدة، ولم تنجح أيضاً في كسب دعم الشارع الشعبي، وآنذاك لم يكن هناك شبكات تواصل مؤثرة كتلك الموجودة اليوم، والدليل أنه مع بداية الأزمة كان من بين القرارات العاجلة المتخذة تخفيض سعر المازوت، وزيادة الرواتب والأجور.
لذلك مهما فعلت الحكومة الحالية، أياً كان مستوى اللجان التي تشكلها، وحجم الحملات الإعلامية التي يمكن أن تقوم بها، فإن سياساتها وقراراتها لن تجد تفهماً أو تقبلاً من قبل الشارع لسببين فقط:
-الأول أن هذه السياسات والقرارات غير شعبية، غير موضوعية، غير علمية، والأهم أنها متسرعة تطبخ على عجل بلا أدنى مشاركة وشفافية في نقاشها، وتعمق من حجم المشكلة الإقتصادية في البلاد.
-الثاني أن المشكلة باتت أعمق من مجرد معارضة الشارع لسياسة اقتصادية ما أو التخوف من مشروع يضر بمصالح الناس. المشكلة اليوم ببساطة هي في إنعدام الثقة الشعبية والمجتمعية في الأداء الحكومي، وقدرته على وقف التدهور الحاصل في الوضع الإقتصادي والمعيشي.
وبناء عليه، فإن الخطوة الأولى هي في ترميم جدار الثقة المنهار بين الحكومة والمواطن، وهذا يتطلب مجموعة خطوات، بعضها يتركز على مشاركة الناس في مشروعات القرارات الهامة وذات الأثر الشعبي، وبعضها الآخر يتجه نحو معالجة هواجس المواطنين وتلبية طموحاتهم بما هو متوفر من إمكانيات وقدرات.
فمثلاً... في ملف إعادة هيكلة الدعم، وهو "بيت القصيد" في كل الإجراءات الحكومية الأخيرة، فإن كسب دعم الرأي العام المحلي يبدو مستحيلاً ما دام المواطن يلمس عن قرب حجم الفساد والهدر في مؤسسات الدعم، وما دام هناك في البلاد من يراكم ثروات هائلة على حسابه وحساب أولاده بذريعة العقوبات وتأمين احتياجات المواطنين!
ملخص القول: الناس تعرف كل شيء، وتالياً فمهما ضخت الحكومة من أخبار ومقالات بذريعة التمهيد لقراراتها، فذلك لن يغير شيئاً من الحقيقة المترسخة بأذهان الناس.
زياد غصن: فينكس
إضافة تعليق جديد