19-12-2021
تعديلات عدوانية على قانون الجرائم الإلكترونية
بعد عشرة سنوات من الحرب والجنون فإن القلق والخوف على الذات والمكانة بات يشمل أبناء السلطة كما أفراد الشعب، مما يجعل من غالبيتنا قساة وخطرين على بعضنا بعضا، ويتجلى ذلك في خروج الكثير من الأفراد على القوانين الناظمة للمجتمع، وفي مبالغة أبناء السلطة بتسلطهم على الناس بغية كبحهم وردعهم من التطاول عليهم وعلى مصالحهم، بما يوسع دائرة الإستبداد والإستعباد..فالسوريون سلطة وشعبا مازالوا يساعدون في تخريب بلادهم منذ عشرة سنوات بسبب قلة معرفتهم بما يفيدهم ويضرهم، حيث يتصرفون بناء على مخاوفهم الظاهرة. وقد يكون الأخطر على الدولة والمجتمع اليوم طبقة أثرياء الحرب الذين يستغلون الجميع ويحاولون حماية أعمالهم غير القانونية بوضع قوانين تشرعنها وتحميها، كما حصل مع قانون الجمارك الذي رفضه مجلس الشعب في الدور التشريعي الماضي. إذ يواجه المجلس اليوم تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية الذي عطل حرية الرأي والتعبير وشكل خطرا على أي مواطن سوري، في كل جملة يكتبها، أورسالة يرسلها، أوحتى نكتة يتداولها مع أصدقائه. حيث حمى القانون أثرياء الحرب وموظفي السلطة من النقد والفضيحة جزئيا، ليضيفوا عليه اليوم تعديلات تسد الثغرات التي يتسرب الخطر منها عليهم، وتضاعف درع حمايتهم من النقد، حتى لو كان صحيحا، وترفع من حصانتهم لدرجة أنها تماهي مكانتهم بالذات الإلهية !؟
لن أدخل في تفنيد تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية المطروحة فهي تحتاج إلى فصل كامل، وأظن أن النواب الصالحين في مجلس الشعب سوف يصوتون ضده كونه يشكل عدوانا على حرية التعبير عند الشعب، بل إن تجربتنا مع شرطة الجرائم الإلكترونية ومحاكمها أظهرت أن هذه المؤسسة اعتقلت أفرادا صالحين من كتاب وصحفيين وأبطال مقاتلين حمو الدولة من انهيارها، ولم نسمع أنها اعتقلت فاسدا أو شريرا كبيرا.. ولم أفهم بعد كيف لدولة أن تسامح وتصالح القتلة الذين دمروها ثم تعاقب الأبطال الذين حموها !!
وعلى أي حال فإن إقرار هذا القانون كاف لإدخال نصف الشعب إلى السجن وإعفائهم من انتظار عطاءات البطاقة الذكية، باعتبار أن السجن يوفر لهم سقفا وسريرا ووجبة طعام مجانية.. ففي سورية قد يتغير قريبا تعريف الإنسان بكونه حيوانا ناطقا.. وقد يغدو ساكتا بقوة القانون. ولنا كلام لاحق حول الحرية التي أُجبرنا على ترداد اسمها في شعاراتنا المدرسية دون تذوق طعمها منذ زمن طويل. فقط أعداءنا بالخارج يستطيعون الكلام !؟
هامش: منذ شباط الماضي وأنا منشغل بدراسة تاريخ الخطأ السياسي والإجتماعي والديني والإقتصادي في سورية والبلاد العربية.. ولي في كل أسبوع مراجعة طويلة أنشرها على صفحتي وموقعي الجمل، بانتظار أن يُحسّن أبناء السلطة في أدائهم ويتعاونوا مع شعبهم، ولكنهم أبدا للخلف يسيرون، حتى باتوا يشكلون خطرا على الدولة والمجتمع، ولم يعد بالإمكان السكوت عنهم، لذلك عدنا، والعودة إلى الكفاح فضيلة..
إضافة تعليق جديد