عن حقوق المستبعدين من الدعم

05-02-2022

عن حقوق المستبعدين من الدعم

 زياد غصن:
أن تقرر الحكومة استبعاد مجموعة أسر من خانة الدعم بحجة أنها "مقتدرة" مالياً، فهذا يُحمل الحكومة مسؤولية ضمان ما يمكن تسميته بحقوق المستبعدين من الدعم. وإلا فإن إجراء الاستبعاد يصبح أمراً غير موضوعي.

طبعاً نحن هنا نتحدث عن الأسر المستبعدة، التي تملك من مصادر الدخل ما يمكنها من الإنفاق وتأمين احتياجاتها من السلع الغذائية وغير الغذائية، وحسب تقديرات الباحثين فإن متوسط الإنفاق الشهري للأسرة يجب ألا يقل عن مليون ونصف المليون ليرة.

أولى حقوق الأسر المستبعدة تتمثل في تأمين حصولها على جميع السلع والمواد بأسعارها الحقيقية، بعيداً عن مظاهر الاستغلال، الاحتكار، والنفقات الكثيرة غير المنظورة. ويصبح هذا الحق أكثر من ضرورة في حالة السلع والمواد المدعومة، إذ لا يمكن استبعاد أسر من خانة الدعم في وقت تعجز فيه الحكومة عن ضبط تكاليف إنتاج وتوريد هذه السلع بعيداً عن الهدر، الفساد، الطوابير، والسوق السوداء.

ويعلم الجميع أنه خلال الفترة الماضية، كانت هناك مقارنات عديدة بين أسعار بعض السلع في دول عربية وأجنبية، وبين أسعارها في الأسواق المحلية، والنتيجة وجود فوراق كبيرة يدفعها المواطن السوري من لقمة أطفاله!

الحق الثاني يتمثل في تمكين الحكومة للأسر المستبعدة من المحافظة على دخلها وزيادته، وذلك من خلال تحسين بيئة الأعمال، وتفكيك ما أفرزته الحرب من ممارسات وأنشطة غير شرعية. فالدعم وجد أساساً لتعويض الأسر عن التفاوت العميق في توزيع الدخل القومي من جهة، ولمساعدتها على تجاوز بعض الظروف الإقتصادية الصعبة، التي كانت تمر بها البلاد من جهة أخرى.

وما دام تفاوت توزيع الدخل القومي قائماً، لا بل أنه تعمق أكثر خلال سنوات الحرب، والأوضاع الإقتصادية تزداد سوءاً، فإن إخراج أسر من خانة الدعم يجعل من إيصال هذا الحق لأصحابه أكثر من أولوية، وغير ذلك فسيكون قرار الاستبعاد مقدمة لإدخال أسر جديدة في خانة الفقر. 
الحق الثالث يتمثل في تجنب خلق أي مظهر من الانقسام الطبقي في المجتمع، فالأسر المستبعدة في النهاية جزء من النسيج المجتمعي، وإذا كان وضعها المادي أفضل من باقي الأسر، فهذا لا يعني أنها مستغلة، أو دخلها يتأتى من مصادر غير مشروعة. وللأسف هذا قد يحصل نتيجة الخطاب الإعلامي العشوائي أو ما يجري تداوله على شبكات التواصل الإجتماعي.

والسؤال: هل استطاعت الحكومة توفير مثل هذه الحقوق قبل أن تستبعد حوالي 600 ألف أسرة من خانة الدعم؟

أو ليكن السؤال أكثر وضوحاً وجرأة: هل الحكومة قادرة فعلاً على تجسيد هذه الحقوق كأمر واقع؟

أنا لا أشك بذلك فقط... أنا متيقن أنها غير قادرة، ولا تملك ما يؤهلها لفعل ذلك.

إذاً... نحن سنكون أمام مشكلة اقتصادية واجتماعية جديدة، ولا تقل خطورة عن المشاكل التي تواجهها البلاد منذ سنوات بفعل السياسات الإقتصادية المتبعة من جهة، وتداعيات الأزمة بكل جوانبها من جهة أخرى.
فينكس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...