مكاتب بورصة تمارس التدليس على العملاء
لاقى العرض السابق لمكاتب البورصة غير النظامية العاملة في السوق ردود أفعال مختلفة,حتى أن بعض المتخصصين والمهتمين اقترحوا أن يتم عرض الموضوع بتفصيل أكثر,ليعي الناس خطورة وأساليب التدليس التي تمارسها هذه المكاتب.
برزت مكاتب الوساطة في سورية بالسنوات الماضية الأخيرة لتصبح كوات لتصدير رأس المال الوطني عبر ممارسة تداول الكتروني للعملات والبضائع وأسهم الشركات المساهمة العالمية.
هذه المكاتب غير المرخصة استطاعت جذب عدد كبير من التجار والصناعيين وحتى صغار المدخرين للمضاربة بالسوق العالمية عن طريقها ولكن يكمن السؤال هنا بعد عدة سنوات من ظهورها وهو ماذا قدمت هذه المكاتب من خدمات وفوائد أم إنها لم تكن تحمل أكثر من سلبيات?!.
بداية لنأخذ فكرة موجزة عن آلية عمل هذه المكاتب إذ تعتمد مبدأ إقراض العميل مبلغاً من المال مقابل إيداعه مبلغ تأمين يساوي 1 أو 2% من قيمة المبلغ المقترض على أن يبقى هذا المبلغ في عهدة الشركة والعميل هنا فقط يمتلك صلاحية تنفيذ أوامر بيع أو شراء بهذا المبلغ المقترض دون القدرة على سحب المبلغ. وفي حال حقق هذا المبلغ أرباحاً فإن جميع الأرباح المحققة تعتبر ملكاً للعميل إلا أنه بالمقابل أي خسارة تترتب على المبلغ المقترض فإنها تحتسب من مبلغ التأمين فإذا كان التأمين يشكل 1% من قيمة العقد وحدثت خسارة 1% من المبلغ المقترض فإن هذه الخسارة تحتسب من المبلغ التأميني دون أن ينقص من المبلغ المقترض أي شيء.
وجميع عمليات البيع والشراء هذه تنفذ عن طريق الانترنت بواسطة برنامج تداول خاص حيث تمتلك كل شركة برنامجاً خاصاً بها يسمح للعميل بالبيع والشراء المباشر عن طريق شبكة الانترنت ومراقبة حسابه وإعطاء كشف تفصيلي عن مجمل نتيجة عمليات المتاجرة التي قام بها العميل ويمكن للعميل الدخول إلى السوق في أيام العمل وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة عدا يومي السبت والأحد.
وتحدد هذه الشركات اسم حساب خاص تابع لها ليقوم العميل بإيداع المبلغ الذي يريد أن يضارب فيه مع العلم أنه لا يمكن للعميل الاستحواذ الحقيقي على أي ورقة مالية أو بضاعة بطريقة المضاربة بالهامش إذ تبقى قيمة الصفقة كاملة مرهونة للشركة ولا يحصل العميل إلا على نتيجة الصفقة إما ربح يضاف إلى حسابه أو خسارة تقتطع منه.
ˆ المشكلة الحقيقية التي تكمن في مكاتب الوساطة هذه أولاً أنها غير مرخصة وبالتالي لا تخضع لاي رقابة مالية قانونية على عملياتها وخدماتها وبذلك يصبح العميل معرضاً للاحتيال إذا قام أحد هذه المكاتب بعمليات تداول وهمية أو تم إغلاق المكتب دون إشعار مسبق أو توضيح لتذهب هذه الأموال التي من المفروض أن تكون للمضاربة أدراج الرياح.
ˆ أسلوب التدليس الذي تمارسه هذه المكاتب على عملائها لجذبهم إلى استثمار أموالهم بالتداول الالكتروني والذي يستخدم حساب الهامش في عمليات المتاجرة إذ تكاد تختفي عملية توعية العميل في هذه المكاتب إلى مخاطر المتاجرة بحساب الهامش ولا يذكر إلا الإيرادات الكبيرة التي بالإمكان تحقيقها من هذه المتاجرة وبالتالي يضع العديد من المستثمرين أموالهم في استثمارات مجهولة المخاطر بسبب تدليس العديد من هذه المكاتب.
ˆ العمولات الكبيرة التي تأخذها هذه المكاتب على تنفيذ الصفقة الواحدة سواء كانت النتيجة ربحاً أم خسارة وهذه العمولات تتراوح بين العشرين والأربعين دولاراً أمريكياً على الصفقة الواحدة وهي عمولة كبيرة جداً إذا ما قورنت بالخدمات التي تقدمها هذه المكاتب والتي لا تتعدى توفير مكان فخم ومريح للمضاربة وموظفين لتنفيذ أمر البيع أو الشراء الذي يريده العميل ويمكن أن تحقق هذه المكاتب عمولات من خلال رأس المال المضارب به خلال سنة بنسبة قد تصل حتى 100% كربح على رأس المال.
ˆ المتاجرة بحساب الهامش يتطلب خبرة كبيرة في الاستثمار والتداول والذي تقوم به هذه المكاتب هو تأهيل وسطاء ماليين بغض النظر عن خلفيتهم العلمية أو المهنية لفترة لا تتعدى الشهر وبعد ذلك يطلب من هؤلاء جلب زبائن ليقوموا بإدارة حساباتهم وبالتالي يقع الموظف والزبون ضحية لهذه المكاتب خاصة إذا ما علمنا أن معظم الزبائن التي يأتي بها الوسيط المالي هي دائرة الأصدقاء الذين يثقون به والنتيجة في مثل هذه الحالات خسارة رأس المال ولذلك يمكن ملاحظة معدل الدوران العالي للوسطاء الماليين في هذه المكاتب.
ˆ العديد من هذه المكاتب هم وكلاء لصانعي السوق Market Makers ومن مصلحة هذه الشركات أن تربح على حساب العميل نفسه وبالتالي قد يقدم أحد الوسطاء وبالتواطؤ مع صانع السوق على إلحاق خسارة متعمدة بالعميل لتجني بها الشركة والوسيط أرباحاً غير مشروعة على حساب هذا العميل.
ˆ أيضاً ظهور هذه المكاتب قبل افتتاح سوق الأوراق المالية النظامية في سورية وضعت المستثمر بوضع ضبابي حول ماهية البورصة وآليتها ليتم إيصال رسالة له أن التداول الالكتروني هو الأسلوب الوحيد للتداول في البورصة.
ˆ هذه المكاتب تلزم جميع العملاء ليقوموا بعمليات المضاربة بتحويل أموالهم من الليرة السورية إلى الدولار الأميركي في حسابات خارجية وبالتالي أصبحت تشكل هذه المكاتب نزيفاً لرأس المال الوطني وإضعافاً لليرة السورية خاصة إن علمنا أن معظم هذه الاستثمارات لم تأت بالأرباح المتوقعة منها بل العديد منها قد حقق خسارات وصلت إلى حد الإفلاس.
ˆ العديد من هذه المكاتب تتعمد الإغلاق لتفتح بمكان آخر وباسم جديد وبوكالة لشركة جديدة بعد أن يفتضح أمرها إما بسوء إدارة كادرها للأموال أو بعمليات تدليس على عملائها السابقين.
ˆ لا يوجد أي عملية متابعة أو مراقبة للعمليات التي يقوم بها الوسطاء الماليون التابعون للشركة والموكلون من بعض العملاء بإدارة حساباتهم وبالتالي يمكن لهذا الوسيط ضعيف الخبرة أن يودي بالحساب إلى الإفلاس دون أي تدخل أو محاسبة من إدارة مكتب الوساطة إذ ما يهم الإدارة فقط هو عدد الصفقات التي ينفذها الوسيط دون النظر لنتيجتها.
ˆ معظم الانطباعات المكونة عن البورصة بأنها مقامرة أتت نتيجة استثمار هؤلاء أموالهم في هذه المكاتب بعد أن حققوا خسائر غير متوقعة نظراً للإغراءات المالية التي وعدتهم بها هذه المكاتب إن استثمروا أموالهم بهذا السوق.
ˆ تخصص هذه المكاتب نسبة من عمولتها للوسيط المالي على كل صفقة الأمر الذي جعل العديد من هؤلاء مع غياب الرقابة الإدارية يدخلون في صفقات كثيرة الهدف الوحيد منها الحصول على عمولة الصفقة.
ˆ وهذه المكاتب منتشرة في جميع المحافظات السورية والحصول على وكالة شركة وساطة مالية أجنبية ليس بالأمر العسير إذا يكفي أن يأتي صاحب المكتب بعدد من الزبائن لتقبل الشركة أن يكون وكيلها دون النظر إلى اعتبارات أو معايير أخرى. ولا يمكن التقدير بشكل دقيق حجم الأموال السورية المتداولة عن طريق هذه المكاتب خاصة أنها غير رسمية إذ يتعمد أصحاب هذه المكاتب الحفاظ على سرية عدد المتعاملين وأرصدتهم ونتائج عمليات المتاجرة التي يقومون بها.
وخلاصة القول فإن هذه المكاتب لم تأت بفائدة تذكر لا على مستوى الاقتصاد الوطني ولا على مستوى المستثمرين الأفراد بل كانت شباك صيد استفادت منها الشركات الأجنبية عن طريق فرق السعر spreadبين سعر البيع والشراء والمكاتب الوكيلة لها عن طريق العمولات التي تتقاضها عن كل صفقة. وهذا يؤكد ضرورة نشر وعي مالي لآلية عمل هذه المكاتب ويفرض قيام نشاط تدريبي ( تأهيلي ) تطلع به هيئة الاوراق والاسواق المالية سواء بشكل مباشر او عن طريق مكاتب بديلة .
مرشد ملوك
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد