الشحن الهوائي هل ينهي الحاجة إلى الأسلاك والبطاريات
علاء الدين عطوني:
تعتبر تقنية الشحن الهوائي من أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، وهذا التطور هو أمر طبيعي جداً باعتبار أن تقنيات الشحن السلكي السريع قد وصلت حتى 120 واط في بعض هواتف شاومي، وحتى شركة ريلمي قد أعلنت مؤخراً عن تقنية الشحن السلكي السريع بقدرة 125 واط، والتي سوف تصل إلى بعض هواتفها في العام القادم، وأيضاً تقنيات الشحن اللاسلكي السريع قد وصلت إلى سرعات كبيرة في بعض الهواتف.
وعلى الرغم من أن تقنية الشحن الهوائي ما تزال قيد الأبحاث والتجارب، إلا أنها تقنية تعد بالكثير بما يخص الأجهزة الإلكترونية، وتحديداً البطاريات الخاصة بها والتي من الممكن أن نستغني عنها مستقبلاً بالكامل بفضل تقنية الشحن الهوائي “لا يمكنني تخيل ماذا سوف تضع الشركات المصنعة من تقنيات جديدة بفضل المساحة الخالية التي تركتها البطاريات وراءَها”.
الغريب في الأمر أن الشركات التي تعمل على تطوير تلك التقنية ليست كثيرة، وأبرزها حالياً هم شاومي وموتورولا، حيث أظهروا بعضاً من الحلول والتقنيات التي تدعم فكرة الشحن عبر الهواء.
يمكن أن تقدم تقنية الشحن الهوائي من موتورولا (Space Charging) القدرة على شحن 4 أجهزة في وقت واحد.
كما يوفر أيضاً حل موتورولا المطوّر عبر الهواء إمكانية الشحن حتى بُعد ثلاثة أمتار.
كانت Xiaomi أول علامة تجارية رئيسية تعرض تقنية الشحن الهوائي، حيث عرضت ما اسمته “Mi Air Charge” في وقت سابق من هذا العام والذي يسمح للمستخدمين شحن أجهزتهم عبر الهواء، وسرعان ما تبعتها موتورولا بتقديم عرض موجز يوضح تقنيتها الخاصة، لكن الشركة عادت فيما بعد بمزيد من التفاصيل ومقاطع الفيديو التوضيحية.
عند الكشف الأولي عن تقنية الشحن الهوائي الخاصة بشركة موتورولا، قامت الشركة بنشر التفاصيل على حسابها في موقع “Weibo” الصيني، حيث أظهرت تقنية Space Charging القدرة على شحن جهازين في نفس الوقت عبر دائرة قطرها مترين، لكن من الواضح أن التقنية أصبحت متطورة أكثر الآن.
تقول الشركة أن تقنية الشحن الهوائي Space Charging الخاصة بها تسمح الآن لشحن ما يصل إلى أربعة أجهزة في وقت واحد على مسافة تصل إلى ثلاثة أمتار، ويوفر هذا الحل أيضاً زاوية تغطية تبلغ 100 درجة.
أشارت شركة موتورلا أيضاً إلى أن محطة الشحن الجوي تمتلك أنتينا، ويمكنها المرور عبر العوائق المقابلة، وهي متطورة لدرجة إيقاف الشحن مؤقتاً في منطقة معينة عند اكتشاف استشعار وجود جسم الإنسان.
لم يصدر بعد أي تقرير رسمي يخص السرعة القصوى في تقنية الشحن الهوائي، مع وجود تسريبات تقول إنها قد تتجاوز 5 واط، وهذا بالطبع بطيء جداً بالنسبة لبطاريات بحجم 4000 مللي أمبير و 5000 مللي أمبير، لذلك ما يزال علينا الانتظار حتى اكتمال تلك التقنيات وزيادة سرعتها على الأقل حتى 30 واط.
لكن هذه السرعة قد تكون مفيدة في حالة شحن الأجهزة الأخرى ذات البطاريات صغيرة الحجم، مثل تلك الموجودة في الساعات الذكية أو سماعات الأذن الحديثة التي تعمل عبر البلوتوث، كما وضحت الشركة أيضاً بأن تلك السرعة البطيئة منطقية، والسبب أن وجود تقنية الشحن الهوائي تسمح لك بترك هاتفك على المنضدة أو في أي مكان في المنزل خلال اليوم، مما يجعلك في غنى عن وجود دعم سرعات الشحن العالية.
تقنية الشحن الهوائي Mi Air Charge من شاومي
تصنف شاومي من أقوى الشركات عالمياً في صناعة الهواتف الذكية، ولا سيما في مجال البطاريات وسرعات الشحن، حيث شهدنا وجود بعض هواتفها الذكية بقدرات شحن لاسلكية حتى 67 واط مثل Mi 11 pro / Mi 11 Ultra، كما قامت الشركة بتقديم شحن لاسلكي سريع بقدرة 100 واط، لكن السلطات الصينية قد منعت مؤخرا إنتاج شحن لاسلكي سريع بقدرة أكثر من 50 واط.
تابعت شاومي تفوقها في مجالات الشحن السريع حتى وصلت إلى تطوير تقنية الشحن الهوائي Mi Air Charge الخاصة بها، والتي ما تزال قيد التطوير في مختبرات شاومي، ولكن في الأغلب سوف تكون الأولى عالمياً في إنتاج تقنية كهذه وتوظيفها بشكل فعلي في منازل المستخدمين.
في أوائل عام 2021، أعلنت شركة Xiaomi أنها تعمل على حل الشحن اللاسلكي تماماً (عبر الهواء)، وعلى عكس تقنية الشحن اللاسلكي التقليدية Qi، يهدف حل Xiaomi إلى شحن جهازك حتى لو لم يكن على لوحة الشحن الخاصة، وهذا يتم بمجرد وجود هاتفك في الغرفة نفسها مع جهاز Mi Air Charge.
تحقق تقنية الشحن الهوائي Mi Air Charge ذلك باستخدام 144 أنتينا موجودين ضمن جهاز ينقل إشارة الموجات المليمترية، ثم يستقبل الهاتف الذكي هذه الإشارة من خلال 14 هوائياً مدمجاً داخل الهاتف، مما يحول تلك الأمواج إلى طاقة تصل قدرتها إلى 5 واط. من المتوقع أن يبلغ مدى Mi Air Charge بضعة أمتار، ويمكنه حتى المرور عبر الأشياء دون انخفاض في كفاءة الشحن.
على الرغم من أن إعلان Xiaomi أثار حماسة الكثير من الناس بشأن هذه التقنية، إلا أن المتحدث الرسمي باسم Xiaomi Global قد وضح أنها مجرد عرض تقني، وليس لدى الشركة أي خطط لإصدارها في عام 2021 ولهذا ليس أمامنا سوى أن نأمل أن تكون قادمة في عام 2022.
إن Mi Air Charge ليست أول تجربة فعلية لنقل الطاقة لاسلكياً، فإن برج Wardenclyffe، المعروف أكثر باسم برج “Tesla”، تم بناؤه بواسطة العالم العبقري نيكولا تسلا في عام 1901 في Long Island، نيويورك، كجزء من تجربته في نقل الطاقة اللاسلكية، وقد نجحت التجربة نظرياً؛ ولكن تم إخفاء جميع أبحاثه لاحقاً لأسباب غير معروفة، تحديداً بعد رفض تمويل المشروع من قبل بنك “J.P.Morgan”.
ولكن الآن، مع عمل Xiaomi الكبير على تطوير تقنية مماثلة، لدينا شركة تقنية ضخمة بمليارات الدولارات تتدخل إلى جانبنا، حيث يمكن أن تساعد مواردها الهائلة في تطوير تلك الأبحاث وتحقيقها فعلا لإنتاج هذا النوع الجديد من القوة.
أسباب فشل تقنية الشحن الهوائي (حتى الآن)
أحد الأسباب هو أن الشحن عن طريق الهواء بطيء بشكل كبير، وحتى العرض التوضيحي من Xiaomi قدم سرعة 5 واط فقط كحد أقصى، ويعد هذا رقماً ضعيفاً جداً في عصر تتوفر فيه الآن قدرة الشحن السريع بسرعة 120 واط والذي قدمته شاومي بنفسها لأول مرة، مما يجعلنا نأمل أن تركز على تحسين سرعة الشحن الهوائي في المستقبل.
علاوة على ذلك، إذا قمت بشراء جهاز شحن يدعم تقنية الشحن الهوائي الموجودة حالياً، فلا يزال عليك تثبيت ملحقات إضافية ضمن هاتفك الذكي لجعله متوافقاً. لذا، يجب أن يكون هاتفك النحيف والأنيق، مزوداً بعلبة ملحقة ضخمة وقبيحة الشكل متصلة به.
أيضاً سبب آخر لعدم انتشار تقنية الشحن الهوائي وعدم ازدياد شعبيتها بين المستخدمين، هو وجود تقنيات شحن سريعة جداً سواء كانت سلكية أو لاسلكية، وأيضاً الكثير من المستخدمين يقوم بشحن هاتفه في الليل أثناء نومه، وكذلك وجود بطاريات كبيرة في الهواتف حديثاً يجعل أغلب المستخدمين لا يهتمون حقاً بشحن هاتفهم طول اليوم.
إصرار شاومي على تطوير تقنية الشحن الهوائي
بالطبع توجد أسباب متعددة تدعو شاومي للاستمرار في تطوير تقنية الشحن الهوائي على الرغم من عدم اهتمام المستخدمين بها، وهذه بعض منها:
تقليص حجم البطاريات أو إزالتها
إذا قمت بفتح هاتفك من الداخل، فستلاحظ أن البطارية هي أكبر مكوناته، حيث تشغل معظم بطاريات الهاتف 60-70% من مساحة الجهاز الكلية، وهي أيضاً أحد الأجزاء الأولى التي تتحلل في الهاتف، وإذا نظرت إلى هاتف من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فسيظل يعمل حتى يومنا هذا (بشرط أن تكون بطاريته ما تزال تعمل).
لذلك، إذا تمكنت Xiaomi من إيجاد طريقة توفر الطاقة لهاتفك الذكي لاسلكياً طوال الوقت (بنفس الطريقة التي توفر بها شركات الهاتف الإشارات الخلوية)، فيمكنها تقليل سعة البطارية في هاتفك أو حتى إزالتها تماماً!
قد تجعل تقنية الشحن الهوائي الهواتف الذكية المستقبلية أخف وزناً وأكثر صلابة، وهذا يسمح بمزيد من التصاميم الإبداعية، كما أن لها فائدة إضافية تتمثل في تقليل اعتمادنا على البطاريات، وبالتالي تقليل الطلب على تعدين الليثيوم المحتمل تدميره مع نفايات البطاريات في مقالب القمامة لدينا.
عالم خالٍ من الأسلاك
في حين أن تقنية Xiaomi Mi Air Charge موجهة بشكل أساسي لمستخدمي الهواتف الذكية، إلا أن هناك عالماً من الفرص لها يتجاوز ذلك، وهذا يشمل التطبيقات الصناعية والطبية وحتى العسكرية.
على سبيل المثال، يمكن أن تسمح الطاقة اللاسلكية عبر تقنية الشحن الهوائي للأطباء بتشغيل أجهزة مراقبة لاسلكية بالكامل على المرضى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع إلى أجل غير مسمّى. كما أنه يتيح سهولة التنظيف، والصرف الصحي، وتطهير الأجهزة الطبية الإلكترونية.
في التصنيع، يمكن أن يؤدي استخدام كبل كهربائي أقل إلى تشغيل خط الإنتاج بكفاءة أكبر مع طاقة إنتاجية أعلى بكثير، حيث يمكن أن يجعل سير العمل أكثر سلاسة ويقلل من فرص وقوع الحوادث.
سيكون المجال العسكري أيضاً مهتم بهذه التكنولوجيا، طالما أنها يمكن أن توفر موثوقية بنسبة 100%، فسيكون الشحن اللاسلكي مفيداً في تطبيقات ساحة المعركة (حيث يمكن أن يؤدي قطع أو تلف كابل الطاقة إلى تقليل الكفاءة وتعطيل الاتصالات).
إذاً، هل تقنية الشحن الهوائي Mi Air Charge هي الحل الأمثل للانتقال إلى المستقبل؟ الجواب على ذلك هو نعم ولا، حيث يمكن إعادة شحن هاتفك لاسلكياً، ولكن هذه التقنية الحالية ليست متقدمة بما يكفي لجعلها عملية وقيد الاستخدام.
تستوعب طاقة قصوى بقدرة 5 واط فقط، وتحتاج إلى ملحقات إضافية لجعلها تعمل، وجهاز الشحن كبير الحجم، ولا يوجد أي إثبات حول كفاءتها أو حتى استدامتها، وحتى من غير المعروف ما مقدار الطاقة التي سوف يستهلكها الجهاز من منفذ الكهرباء الموجود في الحائط حتى يقدم شحنات كافية في الهواء، وبالطبع السؤال الأبرز يتمحور حول آثار تلك الشحنات الموجودة في الهواء على الجسم البشري.
ومع ذلك، فإن وجود Xiaomi، إحدى الشركات العالمية الرائدة في تصنيع الهواتف الذكية والإلكترونيات، في سياق هذه العملية يعد علامة جيدة.
بالطبع ليست كل تقنية عملية وبأسعار معقولة في البداية، ولكن مع الوقت والجهد والموارد، هناك فرصة جيدة لأن نرى شحناً لاسلكياً حقيقياً في السنوات القادمة.
أراجيك
إضافة تعليق جديد