النوسان الجهادي
رشاد انور كامل:
نبهني صديقي نبيل صالح الى انه هناك عموماً تقصير من المثقف السوري في فضح ميل المعارضة السورية للحالة الجهادية السلفية و ذات النفس الطائفي الخانجي الرائحة.
المشكلة في هذا التوصيف والذي ينطبق على معظم المعارضين السوريين لا جميعهم، هو بحد ذاته يعيدنا الى انتقاد النظام والذي اوصل ملايين من السوريين الى هذه الحالة...
لا يمكن ان الوم النتيجة فقط ... واجرمها..
هذه النتيجة ليست مؤامرة خارجية كما نرغب ان نسميها، وانما هي تراكم اخطاء في حكم البلد من الستينيات الى تاريخه...
وان استمرت هذه الاخطاء ستنتج معارضة اشد فتكاً واشد تطرفاً وسلفيةً.
هناك مزيج متفجر اوصلنا الى مجتمع جاهز للانزلاق الى الحالة الجهادية، تحالفنا مع تركيا والترويج لها منذ العام ٢٠٠٢، وبعدها قطر والتي تآخينا معهم، و والتهليل لدور جمهورية ايران الاسلامية، وتبني حزب الله من جهة، وحماس، والحشد الشعبي العراقي من جهة اخرى، والترويج لهم جميعهم على انهم شكل مستقبل المقاومة وممانعة الاستكبار الغربي، والذي سيسقط اسرائيل، والترويج لعقد كامل لتركيا على انها حامل الشكل الاقتصادي الاسلامي الناجح، والسماح حصرا للدعاة الاسلاميين بالحراك التوعوي في سورية، واعتبارنا لكل اشكال الحرية الفكرية والليبرالية حديثة ام قديمة منتجات غربية تهدف الى تفتيت مجتمعاتنا، ضف على هذا المزيج انهاء اي عمل حزبي سياسي حقيقي معارض ام موال لستين او سبعين سنة مضت، جميعها ومع فشلنا في التنمية ومحاربة الفساد ، ولنزيد الطين بله اضفنا على هذا المزيج انفجار سكاني سوري زاد فيه السوريين مليون كل سنة من العام ٢٠٠٠، كان من الطبيعي ان نحصل على مزيج جاهز عند أي شرارة... للانفجار، وانفجر.
اذاً، لم نلوم شعوبنا ان اخذت رسائلنا تلك على محمل الجد...!!! ولم نلومها ان وصلت الى النتيجة ان الحل هو عبر مجموعة حلول جهادية، او دول واحزاب تدعي ان الاسلام ما اوصلها الى هنا...
كنا نهلل لانتحاريي العراق ممن ضربوا عمق الجيش الامريكي وحلفائه، وكنا نهلل لانتحاريي حماس من ضربوا العمق الاسرائيلي، كنا ولا زلنا نعتبر تجربة حزب الله الجهادي تجربة مهمة وناجحة، وعندما تبنت الفصائل المعارضة كل تلك التجارب، ادركنا اننا لم ننتج بالمقابل اي مشروع وطني مقاوم قائم على احزاب ديمقراطية واننا غرقنا بمشاريع هي نفس المشاريع التي هللنا لها عندما كانت بندقيتها موجهة لإسرائيل وامريكا والغرب عموما .. والان وجهت تلك البنادق الى صدورنا ..
نعم المعارضة استطيع بسهولة ان اعتبرها اسلامية ومشروع جاهز للتطرف وبأحسن احواله يشبه تركيا الاخوان...
هذا نتاجنا نحن، نظاما وحزبا و رواية
ونحتاج عقودا لإصلاح ماتم افساده في عقود..
نعم معظم المعارضة خرجت من رحم العمل الجهادي، او انخرطت به سريعاً، ولكن السؤال من اين كنتم تتوقعون ان تخرج؟
من احزاب غير موجودة...
ام من ديمقراطية مرفوضة...
ام من صناديق الانتخابات ذات اللون الواحد ...
نعم يجب ان نرفض معارضة تختبئ وراء مشروع جهادي، ويجب ان نرفض ايضا اي مشروع جهادي يختبئ وراء مقاومة اسرائيل وامريكا..
نعم انا ارفض الجهاد المعارض او المعارضة الجهادية، وارفض امثالها في العمل المقاوم، وارفض ان تختزل دولة في دين او طائفة، وارفض اي حل غير حل الدولة القوية القومية..
لابد لنا من بعث جديد، مشروع جديد..
مشروع ديمقراطي وطني حر مستقل جامع لا يحدد في دستوره دين رئيس الدولة...
إضافة تعليق جديد