توصيات للحكومة السورية: كيف يمكن تفادي النتائج الكارثية للزلازل؟
جعفر جنيدي:
مقدمة جيولوجيّة
1- الانهدام السوري الافريقي The Great Rift:
تتحرك الصفيحة العربية (سوريا- شرق الانهدام) الى الشمال بحركة أفقية أسرع مقارنة مع الصفيحة الإفريقية (مناطق الساحل و لبنان) بمعدل إزاحة يبلغ حوالي 4 - 6 ملم سنوياً، وهذه الحركة النسبية مرتبطة بحدوث الزلازل على مر العصور نتيجة للإجهادات التكتونية المتولدة في الصخور على جانبي صدع البحر الميت التحويلي.
2- فالق الأناضول الشرقي East Anatolian Fault و القوس القبرصي Cyprus Arc:
يعتبر صدع الأناضول الشرقي صدعاً تحويلها (انتقالياً) يمند باتجاه شمال شرق جنوب غرب في جنوب تركيا، ليتحول إلى فالق عكسي Thrust في منطقة القوس القبرصي داخل البحر الأبيض المتوسط و من المعروف جيّداً أن الالفوالق العكسية تتسبب بزلازل أكثر قوة من الصدوع التحويلية (القوس القبرصي العكسي يتسبب مثلا بزلازل أقوى و ذات شدة تدميرية أكبر منها على صدع البحر الميت التحويلي).
3- لا يمكن نفي قدرة بعض الصدوع عند حدوث زلازل عليها على تنشيط صدوع أخرى مرتبطة بها بنائيا، فالحركات الأرضية على الصدوع غير متجانسة أو متوافقة بالضرورة، وهي مرتبطة بالسلوك البنائي لأنظمة الصدوع والعلاقة فيما بينها، وخصائص سطح الفالق نفسه، ومعدل الإزاحة النسبية عليه، وغيرها من العوامل ، ولهذا فإن حدوث زلازل على صدع معين لا يعني بالضرورة حدوث زلازل في أجزاء أخرى من صدوع المنطقة، ولكن لا يمكن نفي احتمال تنشيط البعض منها.
4- لا تعتمد الآثار المدمرة والمميتة للزلازل فقط على قوة الزلزال أو شدته التدميرية فقط، ولكنها تعتمد على عدة عوامل أخرى كقرب بؤرة الزلزال من المناطق السكنية والطبيعة الجيولوجية والجيوتقنية للموقع، ونوعية البناء، وكذلك مدى الالتزام بالمعايير والاشتراطات الهندسية وحسن تنفيذها، بالإضافة الى ذلك فإن خطط الاستعداد والإستجابة ودقتها وواقعيتها بناءً على دراسات تقييم الخطورة الزلزالية والخسائر المترتبة سيكون لها أثر حاسم في تحديد مدى الخسائر في حالة وقوع زلازل (لا قدر الله)، وقدرة الدولة والمجتمع على التعافي من آثاره.
التوصيات :
(1) ضرورة تحديث منظومة الرصد الزلزالي في سوريا ودعم المركز الوطني للزلازل بالقدرات البشرية والتقنية اللازمة، والتوصية بضرورة تشكيل لجنة علمية لتفعيل التعاون مع الزملاء المختصين من الجامعات والجهات المعنية لدعم جهود المركز وتطويره.
(2) ضرورة السعي لإنشاء منظومة إنذار مبكر للزلازل.
(3) ضرورة دراسة تقييم الخطر الزلزالي وبشكل ممنهج للمناطق المأهولة بالسكان، وتحديث المنفذ منها، وعكس نتائج هذه الدراسات على مخططات استعمالات وتنظيم الأراضي، وذلك عند توسيع الرقعة الحضرية وإنشاء التجمعات السكانية الجديدة وبناء المباني المكتظة كالمدراس والمستشفيات وعند تنفيذ مشاريع المنشآت الحرجة كالسدود والمنشآت العسكرية.
(4) ضرورة انشاء قاعدة بيانات دقيقة مؤلفة من عدة خرائط المفردات البنية التحتية، كخرائط الطرق وشبكة المياه والكهرباء والصرف الصحي، والاتصالات والمباني العامة كالمدارس والمشافي، ودور العبادة وغيرها، والعمل المستمر على أن يتم ادامة تحديثها بهدف تنفيذ ومراجعة دراسات الخطورة الزلزالية وبشكل مستمر، تُنفذ ضمن برنامج أولويات الخطورة الزلزالية
(5) ضرورة إنشاء نقابة الجيولوجيين السوريين لدورها المستقبلي في خطط تقييم وتخفيف المخاطر الزلزالية عند وضع خطط الإستراتيجية للطوارئ وخطط الاستجابة للزلازل.
(6) التأكيد على ضرورة تعديل التشريعات اللازمة لتفعيل دور المكاتب الجيولوجية ودور الجيولوجي في دراسات استطلاع الموقع جيولوجياً وتقييم السلوك الزلزالي للمواقع وقدرتها على تضخيم الطاقة الزلزالية وتحديد العيوب الجيولوجية القائمة في صخور الاساس والتي لا يمكن الكشف عنها فقط من خلال الحفر السبرية، انما بإجراء المسوحات الجيوفيزيائية أيضا.
(7) ضرورة تعاون جميع الجهات الفنية الهندسية والجيولوجية بشكل تكاملي لضمان الوصول الى مباني ومجتمعات آمنة وبعيدا عن التنافس العلمي أو المحاصصة وتحمل المسؤوليات القانونية والاخلاقية كلّ في مجاله .
و على ذلك، من الضرورة بمكان تقييم المباني القائمة والقديم منها ودراسة قدرتها على تحمل الاحمال الزلزالية المتوقعة بناء على دراسات تقييم الخطورة الزلزالية المنفذة وكذلك تقييم سلوك التربة الزلزالي لديها .
(8) وحيث أن المباني هي من يتسبب بفقدان الأرواح، لا الزلزال نفسه، أرى بضرورة التدقيق والمتابعة وضبط الجودة عند تنفيذ المشاريع الهندسية في جميع مراحل المشروع من قبل جهات أو لجان مشتركة محددة بالقانون سواء كانت نقابية أو حكومية أو من طرف ثالث كهيئة الطاقة الذرية السورية، على سبيل المثال، صونا لمقدرات الدولة وحفظا لحقوق المواطنين.
(9) دراسة إمكانية التأمين على المباني زلزاليا ووضع التشريعات اللازمة لذلك.
(10) العمل السريع على تنفيذ إجراءات وحملات توعوية مجتمعية و تربوية في المدارس وضمان استمرارها بشكل دوري بهدف التدريب المستمر على كيفية التصرف قبل وأثناء وبعد حدوث النشاط الزلزالي، وكيفية الإخلاء من أجل غرس مفهوم الأمان الزلزالي والوقاية لدى الطلبة تحديداً والمجتمع بشكل عام.
(11) ضرورة تمكين المجتمعات المحلية بتشكيل فرق إنقاذ تطوعية على مستوى الأحياء في المناطق ذات الخطورة الزلزالية المرتفعة، والرفع من قدراتهم الفنية ليكونوا عوناً لأجهزة الإنقاذ بعد حدوث الكارثة
إضافة تعليق جديد