هل ستلتحق قطر قريباً بركب العائدين إلى سوريا؟
تُصنَّف قطر على أنها من أكثر الدول العربية تعنّتاً في موقفها الرافض للتقارب من سوريا، فالموقف الرسمي للدوحة عبّر عنه قبل يومين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال كلمة في افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة، بقوله: “من الخطأ استغلال المساعدات الإنسانية لتحقيق أغراض سياسية”، إلّا أن القراءات التحليلية تشير إلى أنه قريباً قد نشهد تغيّراً في السياسة القطرية إزاء سوريا، وذلك استناداً إلى التبدلات التي طرأت على السياسات الدولية إزاء سوريا.
في هذا الصدد أشار عبد الله سليمان علي، في صحيفة “النهار العربي” اللبنانية إلى أنه “على الرغم من أن قطر تعلن بانتظام عن رفضها لتغيير مقاربتها السياسية إزاء سوريا، إلا أن الجديد هذه المرة هو أن مواقفها المعتادة تزامنت مع تسريبات حول مصير سفارة الائتلاف السوري في الدوحة، في ظل معلومات عن ممارسة السلطات القطرية ضغوطاً على شاغليها بهدف إخلائها تمهيداً لمواكبة المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية التي باتت تحيط بالملف السوري، وتجعل تغيير المقاربة السياسية خياراً لا بد منه” مضيفة أنه “يرى مراقبون للمشهد السوري أن ثمة توزيعاً للأدوار بين كل من تركيا وقطر حيال كيفية التعاطي مع ملف التقارب مع سوريا، حيث تقوم تركيا بدور الدبلوماسية المرنة فيما تبدي قطر مواقف متشددة لتحقيق أهداف متنوعة من بينها إبقاء دمشق بين ناري الترغيب والترهيب لدفعها إلى تقديم مزيد من التنازلات على طاولة المصالحة، وكذلك لحفظ ماء وجه قطر التي لعبت أدواراً أساسية في الأزمة السورية جعلتها تعاني حتى الآن من تداعياتها المتمثلة في توجيه اتهامات لها بدعم الإرهاب وتمويله، وثمّة من يرى من هؤلاء المراقبين أن قطر تربط تغيير موقفها إزاء الملف السوري بتغيير الرياض موقفها لأنها تريد أن تكون آخر بلد عربي يعيد تطبيع علاقاته مع دمشق، وبما أن المملكة العربية السعودية لا تزال تدور في فلك التصريحات من دون اتخاذ أي إجراء عملي للتقارب مع دمشق، فإن الدوحة ستظل متمسكة بموقفها المتشدد”.
وسلّط الكاتب والمحلل السياسي خيّام الزعبي، في مقال نشرته صحيفة “رأي اليوم” الضوء على موقف الداخل القطري من التقارب مع دمشق، لافتاً إلى أن “الشعب القطري يرحّب بإعادة قطر علاقاتها مع دمشق من أجل مصالح البلدين، وفي قراءة سريعة لكواليس التحول السريع التي فرضت على الجانبين السوري والقطري إنهاء الخلاف وفتح صفحة جديدة، هناك عدة عوامل وعلى رأسها، مأزق السياسة القطرية في سوريا بعد أن رهنت مجمل نشاطاتها الدبلوماسية والاستخباراتية والإعلامية والمالية على مدى 12 سنة بمشروع إسقاط الدولة السورية” مضيفاً أن “هناك تغييرات وإرادة دولية بدأت تتضح معالمها في الملف السوري، خاصة بعد الخطوات العربية المتسارعة نحو إعادة العلاقات مع دمشق، التي من خلالها شارفت لعبة كسر القيود على نهايتها، فلا غريب أن يسمع السوريون في يومنا هذا تصريحات قطر أن تستعيد مواقفها وإعادة النظر بالسياسة التي أدت إلى القطيعة مع دمشق”.
وبصورة شاملة نشر الكاتب العراقي فاروق يوسف، مقالاً نشرته صحيفة “العرب” بعنوان “ما ثمن عودة سوريا؟”، قال فيه: ” لا يزال البعض مترددا في الإعلان عن رغبته في الانضمام إلى الأصوات المنادية بإنهاء القطيعة. ذلك التردد لا يعني الرفض ولكنه يعبّر عن نوع نادر من الحياء السياسي” مضيفاً أنه “يشعر العرب اليوم بالحرج، لأنهم مطالبون بأن يزيلوا الضباب عن موقفهم ويضعوا الحقائق في مكانها، ما فعلوه وما لم يفعلوه، ما ربحوه وما خسروه، فهم حين تخلوا عن الدولة السورية لم يدعموا مطالب الشعب السلمية، لأنهم فقدوا القدرة على الضغط على سوريا”.
تتعدد وجهات النظر والآراء حول أسباب التغيرات التي تشهدها سياسات الدول العربية إزاء سوريا، إلّا أن هذه الآراء تتفق على فكرتين، الأولى هي أن هذه التغيرات حصلت دون تقديم أي تنازل من قبل الدولة السورية، والفكرة الثانية، هي أن التطورات الدولية بين القوى العظمى في العالم كان لها تأثيرها على سياسيات بعض هذه الدول تجاه سوريا.
إضافة تعليق جديد