تحذيرات من تدني جودة البيتون منذ عام 2015
طلال ماضي:
منذ عام 2015 ظهرت تحذيرات هندسية من وجود مشكلة في البيتون المنتج في المنطقة الساحلية، ولم يكن يحقق المقاومات المطلوبة، وغياب الرقابة الدقيقة على هذه المادة، ومنذ هذا التاريخ تقدمت بفكرة تحقيق استقصائي في إحدى الوسائل الإعلامية حول تدني جودة البيتون تم إعداده ولم يكتب له حظ النشر .
والتحذيرات ركّزت على سوء الإحضارات الداخلة في الخلطة البيتونية وخاصة مادة الرمل، وكانت غير مطابقة للمواصفات، والتحذيرات لم تبق في الإعلام فقط، بل تم ترجمتها بكتب ومراسلات، وتم تشكيل لجان في وقتها وإطلاق تحذيرات أكاديمية من تأثير تدني جودة البيتون، وتأثيرها على ديمومته، وعلى البنية الإنشائية، وبذلك على سلامة المواطنين، ويمكن التحقق من ذلك بالعودة إلى تقارير المخابر ونتائج الكسر والمقاومات المتدنية التي تم التغاضي عنها.
التحذيرات أيضاً طالت بشكوك كبيرة سلامة المواد الأخرى الداخلة بالإنشاء وخاصة الحديد، وهل يحقق المواصفات المعتمدة حسب الكود العربي السوري، ولماذا كان الحديد يُكسر عند ثنيه، كما طالت التحذيرات مجابل البيتون العامة والخاصة وتنفيذ الخلطات البيتونية.
والذي حدث ياسادة كما هو عادة جميع المشاكل في البلد تم تشكيل لجان وقدمت اللجان تقاريرها، وهناك أطراف متضررة قامت بالضغط ومن ثم تلاشى عمل اللجان لعدم جدية الجهات المعنية في مراقبة عمل اللجان ومتابعة النتائج التي كانت تصدر .
وهذا الكلام للأسف مازال هناك بعض المسؤولين في مكاتبهم وهم شهود على هذا الكلام، وعلى المراسلات التي تمت، وعلى التقارير التي صدرت، وسميت اللجان واليوم لا تملك الجرأة للوقوف والقول نحن ظلمنا أبناء بلدنا كوننا كنا على اطلاع على المشكلة، ولكن نمنا عليها لأسباب شتى، وكان من المفترض أن لا تنام ولا نسمح للمشكلة بالنوم كون الضريبة التي دفعناها اليوم ليست قليلة وآلاف الأضعاف التي كان من الممكن دفعها من أجل تحسين جودة البيتون ومراقبة سلامة المواد الداخلة في البناء، ومراعاة الأملاح البحرية التي تؤثر على الحديد .
اليوم مضى هذا الإهمال ودفع جميع السوريين الضريبة بالأرواح والجرحى والأذى المادي والنفسي، والسؤال هل سنتعلم من الدرس القاسي ونتخذ القرارات الصارمة التي يمنع العبث فيها إن كان في التدعيم أو إعادة البناء أو استمرار البناء ؟, وهل سيتم مراقبة الإحضارات في تنفيذ البيتون بشكل دوري وإلزام الجهات المنفذة بتصميم الخلطات بشكل دقيق ومراقبة التنفيذ بما يتناسب مع تغيرات خواص المواد المستخدمة ؟، وهل سنعمل على توفير مخابر حديثة تحقق معايير الدقة والجودة من خلال مراقبة هيئة المواصفات السورية ؟. وهل سيتم الاعتماد على أصحاب الخبرة العلمية والعملية في وضع المواصفات المطلوبة ومراقبتها ومتابعتها بشكل يومي ؟، وهل سيستمر الإهمال وترك المجابل تعمل دون رقيب أو حسيب والمتعهدين دون إشراف وتخطيط، والمخالفات دون أدنى شروط السلامة والبناء بحديد مستعمل ؟، وهل سيكون هناك مراقبة حقيقة لمن يطلق هذه التصريحات "المحافظة تقوم بالتجارب اللازمة وتراقب عمل المجابل" ؟.
إضافة تعليق جديد