فضيجة كهربائية
في كل مرة يخرج فيها مسؤول في وزارة الكهرباء على الإعلام يربط بين تحسن وضع التغذية الكهربائية، وبين زيادة كميات الغاز والفيول الموردة إلى محطات التوليد. وهذه معادلة منطقية تحكم العملية الإنتاجية في جميع القطاعات الصناعية، الزراعية، الطاقوية، وغيرها.
لكن من بديهيات علم الاقتصاد أن تحسين الإنتاجية تبدأ أولاً بتحقيق أفضل استثمار لمدخلات الإنتاج من خلال مراجعة الواقع القائم ومعالجة أوجه القصور والضعف الحاصلة لضمان أن يكون هناك استثمار أفضل للموارد والإمكانيات. وتالياً فإن مسؤولي الكهرباء في جميع تصريحاتهم لم يكونوا موضوعيين في تبرير ارتفاع ساعات التقنين الكهربائي، بل كانوا دوما يلقون بالكرة إلى ملعب وزارة النفط.
في هذه المادة سنتولى القيام بهذه المهمة عوضاً عن وزارة الكهرباء، وذلك من خلال مقاربة بعض الأرقام والبيانات الخاصة بإنتاج الكهرباء في البلاد، وأعتقد أن النتائج ستكون صادمة، وسنكون سعيدين فيما لو قدمت وزارة الكهرباء رؤيتها لذلك. مع العلم أن هناك تبايناً واضحاً في تقديرات الإنتاج الكهربائي السنوي.
بحسب تصريحات مسؤولي وزارة الكهرباء الأخيرة، فإن إنتاج الكهرباء حالياً يتراوح ما بين 2000 إلى 2500 ميغا واط ساعي. ووفقاً لبيانات رسمية صادرة عن وزارة النفط، فإن النفط تزود الكهرباء بحوالي 7 ملايين متر مكعب من الغاز، منها 500 ألف متر مكعب تأتي من الحسكة و6.5 مليون متر مكعب تأتي من الحقول الخاضعة لسيطرة لحكومة يضاف إليها حوالي 6 آلاف طن فيول أي ما يعادل 17 ألف متر مكعب، وبذلك فإن محطات توليد الكهرباء تحصل يومياً تقريباً على 7.017 مليون متر مكعب لتولد بموجب ذلك وسطياً 2250 ميغا واط ساعي، وهذا يعني أن كل 3118 متر مكعب من الغاز تولد واحد ميغا واط، بينما المتعارف عليه فإن كل 1800-2000 متر مكعب من الغاز تعطي واحد ميغا واط ساعي. وعليه فإن كميات الغاز والفيول الموردة إلى محطات التوليد يجب أن تولد ما يقرب من 3500ميغا واط ساعي
إذاً هناك كمية مساوية للكمية المنتجة، وتقدر بحوالي 1000-1250 ميغا واط ساعي، تهدر نتيجة عدة أسباب واحدة منها قدم محطات التوليد وتراجع جاهزيتها بسبب العقوبات والحرب. لكن هل المسؤولية يمكن تحميلها فقط لوضع محطات التوليد؟ أم أن هناك سوء إدارة؟ الإجابة على ما سبق يحتاج إلى عملية تدقيق موضوعية وشفافة من قبل لجنة خبراء مشهود لأعضائها بالنزاهة والخبرة وهم موجودون بالفعل، طبعاً هذا إذا كنا مهتمين فعلاً بمعالجة وضع قطاع الكهرباء الحكومية واستعادة حضورها في حياة المواطنين.
إذاً هناك كمية مساوية للكمية المنتجة، وتقدر بحوالي 2000 ميغا واط ساعي، تهدر نتيجة عدة أسباب واحدة منها قدم محطات التوليد وتراجع جاهزيتها بسبب العقوبات والحرب. لكن هل المسؤولية يمكن تحميلها فقط لوضع محطات التوليد؟ أم أن هناك سوء إدارة؟ الإجابة على ما سبق يحتاج إلى عملية تدقيق موضوعية وشفافة من قبل لجنة خبراء مشهود لأعضائها بالنزاهة والخبرة وهم موجودون بالفعل…. طبعاً هذا إذا كنا مهتمين فعلاً بمعالجة وضع قطاع الكهرباء الحكومية واستعادة حضورها في حياة المواطنين.
ومع ذلك لنناقش المسألة من جانب آخر توخياً للدقة والموضوعية، ولنعتمد على حسابات أخرى مستقاة من أحد الخبراء العاملين في وزارة الكهرباء، الذي أكد أن محطات التوليد قبل الحرب كانت بحاجة إلى 242 غرام من الفيول لإنتاج كيلو واط ساعي، إلى و0.25 متر مكعب من الغاز لإنتاج واحد كيلو واط ساعي.
أما خلال فترة الحرب، وتحديداً بين عامي 2016و2017 فقد زادت الكمية المطلوبة لإنتاج واحد كيلو واط ساعي، فأصبح 250 غرام من الفيول أو 0.26 -0.28 متر مكعب غاز، وتالياً فإن كميات الفيول الموردة يومياً إلى محطات التوليد، والبالغة حوالي 6 آلاف طن، عليها أن تنتج حوالي 24 مليون كيلو واط ساعي يومياً أي حوالي 8.7 مليارات كيلو واط ساعي سنوياً.
وبالنسبة للغاز، فإن الكمية الحالية، والبالغة حوالي 7 ملايين متر مكعب، يجب أن تنتج يومياً حوالي 26 مليون كيلو واط ساعي، أي ما معدله سنوياً 9.4 مليارات كيلو واط ساعي. وبذلك يكون إجمالي الكهرباء المفترض أن تنتج حوالي 20 مليار كيلو واط ساعي، فيما المنتج في العام 2022 حوالي 16 -18مليار كيلو واط ساعي أي هناك هدر إنتاجي ضائع يتراوح ما بين 2-4 مليارات كيلو واط، وهي كمية تشكل حوالي 11-25% من الكمية المنتجة حالياً، أي هناك هدر يومي تبلغ قيمته وفقاً لتكلفة الكيلو الواحد المنتج، وذلك حسب تصريحات وزارة الكهرباء الأخيرة، حوالي 1400-2900 مليار ليرة.
وبذلك نستنتج أن إجمالي قيمة الفاقد الفني والتجاري وقيمة الهدر الإنتاجي يستهلكان معاً نسبة غير قليلة من اعتمادات الدعم السنوي الذي لا تترك الحكومة والوزارة مناسبة إلا وتمنن المواطن به.
اثر برس
إضافة تعليق جديد