78% من طلاب الطب والاختصاص يفكرون بالسفر
يعتزم الطبيب “علي حسن” السفر بعد إنهاء مرحلة الاختصاص نهاية العام الجاري فالظروف التي تمر بها البلاد وبيئة العمل السيئة فاقت قدرته على تحمل أسباب البقاء.
يتشارك “علي” قرار السفر مع 78.1% من طلاب الطب والاختصاص الذين استطلعنا آراءهم خلال الإعداد لهذه المادة. ربما يسافر كل هؤلاء أو نصفهم أو ثلثهم لكن بكل الأحوال هذا استمرار لنزيف الأطباء الذي تعاني منه البلاد.
تمثل هجرة الأطباء أحد أكبر التحديات التي تواجه القطاع الطبي في البلاد. وتنعكس على عمل المؤسسات الصحية وعلى صحة المواطنين الذين لا تتناسب أعدادهم مع عدد الأطباء المتوفرين.
حيث تشهد سوريا بحسب تقارير رسمية لنقابة الأطباء نقصاً في أطباء الجراحة العامة، العظمية، الأوعية، الصدرية. وكذلك أطباء التخدير الذين تقدم 6 منهم فقط لامتحان البورد السوري عام 2022 بينما كانت تحتاج البلاد أكثر من 50 طبيباً. وقد بدأت المشكلة تنعكس على سلامة المواطنين فقد شهدنا خلال الأيام الماضية حالات وفاة بالمستشفيات سببها نقص “أطباء التخدير”.
بينما يقصد الأطباء السوريون وجهات مختلفة منها دول أوروبية مثل ألمانيا، أو دول المنطقة كالعراق والخليج. إضافة إلى ذلك تعد دول مثل السودان والصومال التي تتشارك واقعاً معيشياً مشابهاً لسوريا وجهة رئيسية مؤخراً للأطباء السوريين الذين يحصلون على رواتب فيهما تصل إلى 1200 دولار.
ظروف عمل محفزة على الهجرة
يحصل الطبيب “علي” على راتب 105 آلاف ليرة سورية خلال سنوات الاختصاص التي أمضى 5 منها وهو لا يكفيه لأيام قليلة بظل الغلاء المعيشي الفاحش الذي تعيشه البلاد.
بينما يعمل طبيب الجراحة العصبية المقيم “عزيز” 25 عاماً قرابة 12 ساعة يومياً في المستشفى ولخمسة أيام في الأسبوع. الأمر الذي لا يتيح له البحث عن عمل آخر لسد احتياجاته بظل الرواتب المنخفضة. ويضيف:«بعد 6 سنوات اختصاص بهكذا راتب سأتخرج دون أن أتمكن من تأمين مبلغ لفتح عيادتي الخاصة. لذلك بالتأكيد سوف أسافر».
أما آية 27 عاماً وهي طبيبة نفسية تعزو قرارها الهجرةَ أيضاً لقلة الرواتب وتضيف لذلك إهمال اختصاصها حكومياً ومجتمعياً وحصر فرص العمل بأقسام الطب النفسي الموجودة حصراً ضمن المستشفيات في العاصمة وحلب.
من جهته “عبادة الحاج بكري” طبيب سوري سافر إلى ألمانيا بعد التخرج ووصف دوافعه للهجرة بالقول:«القطاع الصحّي في البلاد يحتضر ببطء في ضوء نقص الكوادر والمعدّات الحديثة. صحيح أنّ الأطباء في سوريا يقومون بعمليات ناجحة لكنَّ المعدّات التي يستخدمونها “أكلَ عليها الزمن وشرب”. وأنا لا أريد أن أكون جرّاحاً “دقّة قديمة”».
في استطلاع رأي أجريناه في سناك سوري وشمل عينة من 32 طالب/ة طب واختصاص في سوريا فإن78.1% منهم أجابوا بـ نعم على سؤال هل “تفكرون بالهجرة”. واللافت أن 25% منهم فقط بدؤوا التفكير بالهجرة قبل دخول الكلية أما البقية وهم الغالبية الساحقة تشكلت الفكرة لديهم بعد دخول الجامعة أو بدء مرحلة الاختصاص. وهذا مؤشر على دور الظروف التعليمية والمعيشية في البلد على اتخاذ قرار السفر عن شريحة الأطباء.
تساهم ظروف العمل بالمستشفيات في اتخاذ قرار السفر لدى 93.8% من المشاركين بالاستبيان وهي نسبة عالية جداً تعكس وجود خلل في بيئة العمل. بينما تأتي التعويضات والأجور المنخفضة في مقدمة الأسباب المحفزة للهجرة بنسبة 96.9% من عينة البحث.
بينما خدمة العمل التي كانت أحد أبرز الأسباب لهجرة عشرات الآلاف من الشبان لم تعد مشكلة بالنسبة لغالبية طلاب الطب. وذلك بعد التدخل الحكومي لحل هذه المشكلة من خلال تحديد مدة خدمتهم بعام ونصف فقط في المنطقة التي يرغبون فيها وإعفائهم من الخدمة الاحتياطية.
لا يفصل طلاب الطب والاختصاص بين مشكلتهم والمشكلة العامة التي تعاني منها البلاد. ويعتبر من التقيناهم أن حل الأزمة في سوريا وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي عموماً سيساهم في الحد من هجرتهم.
اقرأ أيضاً: رئيسة عبد الله.. أول طبيبة وأول امرأة تقود سيارة خاصة في مصياف
لكنهم يتناولون بشكل أدق الحلول الخاصة بهم فيقترح “علي” تعديل نظام الإقامة وتقليل ساعات الدوام الأسبوعية بحيث تكون متوازنة ومقبولة. وتسمح له بأن يكون لديه حياة عملية وشخصية أيضاً ولا تسلبه كل وقته.
بينما ترى آية ضرورة في رفع الحد الأدنى لأجور الأطباء العاملين في المشافي الحكومية إلى مستوى يمكّنهم من تأمين احتياجتهم دون الاستدانة من عوائلهم وأصدقائهم بعد أيام من بداية كل شهر.
“عزيز” يطالب بوجود تشريعات خاصة باحترام المهن الطبية. ويدعو لتأمين حصانة وحماية للطواقم الطبية لمنع الاعتداء عليهم من قبل بعض مرافقي المرضى.
من جانبه “عبادة” يرى أيضاً ضرورة تحسين بيئة العمل لناحية حداثة الأدوات الطبية. وتحسين الوضع الاقتصادي لأنه الطريق لتحسين التعليم الأكاديمي وخلق فرص العمل.
وهناك اقتراحات أخرى عديدة منها زيادة مقاعد الاختصاص وغيرها.
وأنتم برأيكم ماهي الحلول المناسبة للحد من هجرة الأطباء؟
سناك سوري – حلا منصور
إضافة تعليق جديد