ورشة روسية سورية لترميم قوس النصر التدمري

“رؤى ومنهجيات ترميم وإعادة بناء قوس النصر”، كان عنوان الورشة العلمية التي عقدت أعمالها على مدى ثلاثة أيام ما بين تدمر والعاصمة السورية دمشق، ضمن اللجان المشتركة من المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، والأكاديمية الروسية للعلوم والأمانة السورية للتنمية.

وكان مسلحو تنظيم “داعش” الإرهابي (محظور في روسيا وعدة دول) قد قاموا في شهر تشرين الأول من العام 2015، بتفخيخ وتفجير قوس النصر في مدينة تدمر المدرجة على لائحة التراث العالمي.

إنهاء المرحلة الأولى

وأكدت وزيرة الثقافة السورية، الدكتورة لبانة مشوح، أهمية قوس النصر في تدمر الذي يعد أحد أبرز رموز سورية التاريخية التي نعتز بها، وأن “إعادة بنائه وترميمه غاية في حد ذاتها، ونعمل على تكثيف الجهود لتحقيقها”.

وبينت الوزير مشوح ، وجود “جملة عوامل تحتم توخي الحرص الشديد في تنفيذ مشروع إعادة بناء قوس النصر، وتحملنا أمانة كبيرة في التشدد إلى أبعد الحدود لدى ترميمه وفق أفضل المعايير الدولية، وبالاستفادة من أهم الخبرات المتوافرة في هذا المجال، وعلى هذا الأساس بنيت الاتفاقية الثنائية بين المديرية العامة للآثار والمتاحف في وزارة الثقافة ومعهد تاريخ الثقافة المادية للأكاديمية الروسية للعلوم في روسيا”.

وأشارت الوزيرة السورية إلى أن المرحلة الأولى من المشروع أنجزت بنجاح، ثم حاز المشروع لأهميته الوطنية الفائقة رعاية قيادتي البلدين، فانضمت إليه مؤسسة (الأمانة السورية للتنمية) كداعم أساسي، وبما يسرع الأعمال في المرحلة الثانية وهي المرحلة الأصعب لما تتطلبه من علم وخبرة ودقة وارتفاع في التكلفة.

وأعربت وزيرة الثقافة السورية عن تقديرها للجهود التي تبذلها كل الأطراف، مشيرة إلى “قناعتها الراسخة بأن الشركاء في روسيا الصديقة، لا يقلّون حرصًا ولن يألوا جهدًا في إتمام المشروع على النحو الأمثل وفق ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف الثلاثة”.

ثلاث مراحل

بدورها أشارت مديرة المعهد العلمي الروسي لترميم الآثار، الدكتورة ناتاليا سولوفيوفا، إلى انتهاء الأعمال الخاصة بمشروع ترميم قوس النصر في تدمر، وخلال الأيام المقبلة سيتم عرض نتائج هذه الأعمال لعلماء من الدول المختلفة.

وبينت سولوفيوفا أن أعمال ترميم القوس، التي تتم على ثلاث مراحل، ستزود بعد نحو ثلاثة أشهر بالأجهزة الفنية الدقيقة المطلوبة لإنجاز المرحلة الأخيرة تدريجيًا، والتي تشتمل على تركيب ورفع أحجار القوس وإعادته كما كان سابقًا، بعد أن تقدم الأوراق والدراسات اللازمة إلى منظمة اليونسكو.

20% حجارة أصيلة

وكشف مدير عام الأثار والمتاحف في سوريا، الدكتور نظير عوض إلى أن “بداية العمل الحقيقي وعلى أرض الواقع لترميم قوس النصر، ستكون في بداية شهر أيلول من هذا العام، حيث تم الانتهاء من الخطوة الأولى حاليًا وهي الدراسات لرفعها إلى الخبراء في اليونيسكو”.

وحول خسائر قوس النصر، أشار عوض إلى أن خسائر قوس النصر نتيجة الإرهاب كبيرة فهو مدمر بشكل كامل.

وأضاف مدير الآثار في سوريا: من خلال المسح الذي أُجري من قبل الخبراء الروس، تبين استخدام الإرهاب لنوع من المتفجرات التي محت جميع معالم التاريخ والتراث الذي يعنيه هذا القوس .

وأضاف عوض: الأساسات وقواعد القوس تعرضت لدمار كامل، والحجارة الأصلية للقوس تفتت، وقد لا تتجاوز نسبة الأصلية الذي سيتم بناؤه بها من جديد الـ 20%، فيما باقي الحجارة التي يتم الاستعانة بها تعود للثلاثينات من القرن الماضي، وهي ذاتها التي استخدمت من قبل المرممين الفرنسيين آنذاك.

وأكد مدير الأثار في سوريا إلى أن التقنية التي ستستخدم في بناء قوس النصر ستكون مقاومة لأي عامل طبيعي كالزلازل.

أهمية عالمية

بدوره نوه الدكتور إيغور غيراسيموف، الخبير الروسي المشارك في ترميم قوس النصر على أهمية العمل وفق المعايير الدولية للوصول إلى الهدف الأساسي وهو عودة تدمر واستعادة موقعها التاريخي، لما تحمله من أهمية عالمية ومكانة مرموقة في ذاكرة الشعوب.

وبين غيراسيموف أنه تمت مناقشة أهم الخطوات التي يجب العمل عليها خلال الفترة القادمة، بعد المسح الذي أقيم في تدمر لخسائر قوس النصر، مضيفا بأن اللجان المشتركة، من المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، والأكاديمية الروسية للعلوم، أنهت عملها الميداني ضمن المرحلة الأولى من عملية ترميم القوس في مدينة تدمر الأثرية السورية، وفق الاتفاقية الموقّعة في هذا الخصوص.

وفي نهاية الورشة، تم الاتفاق على مجموعة من التوصيات التي ستشكل الأساس لعملية الترميم وإعادة التأهيل لقوس النصر في تدمر، على أن تتم وفق بروتوكولات اليونسكو والمعايير الدولية المعتمدة، وبما ينسجم مع قانون الآثار السوري، وأن يتم عرض المشروع على الجهات الدولية والمحلية العلمية.

سبوتنيك