جذور الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط
سامح عسكر:
يشهد العالمان العربي والإسلامي، منذ عقود، صراعاً طائفياً بين السنّة والشيعة من جهة، وبين المسلمين والعرب ضد الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، ما أدى إلى قتل وتشريد الملايين في العراق والشام وفلسطين ومناطق مختلفة من العالم، وهو ما يستوجب البحث في جذور منشأ هذه الصراعات في التاريخ، وطبيعتها الفكرية وأبعادها الزمنية ودوافعها السياسية والدينية.
ولأن هذا الصراع ترافق مع نشر مطالب وشعارات الحكم الديني للجماعات الإسلامية واليهودية المتطرفة، منذ أربعينيات القرن الماضي، صار من الواجب رصد ماهية الدول التي رفعت هذه المطالب، نظراً إلى حقيقة عملية تشهد بأن الصراع الطائفي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط كان موازياً لانتشار هذه الجماعات الدينية وقوّتها.
جذور الصراع
تشير المصادر التاريخية القديمة إلى أن الاقتتال بين السنّة والشيعة، بدأ بالظهور لأول مرة في كتب التاريخ في العصر العباسي، إذ يقول ابن تغري بردي، إنه في سنة 174 هـ "وقعت العصبية وثارت الفتن بين أهل السنّة والرافضة" (النجوم الزاهرة 2/ 77)، لكن لم يذكر أي تفاصيل عن هذه الفتن، ما يدل على أنها كانت خفيفةً وعابرةً، أي غير مؤثرة، وتبعها هدم الخليفة المتوكل بالله العباسي لقبر الإمام الحسين عام 236 هـ، وأيضاً لم ينجم عنه أي قتال طائفي، وفيه يقول ابن الأثير: "في هذه السنة، أمرَ المتوكّل بهدم قبر الحسين بن علي، وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يُبْذر ويُسقى موضع قبره" (الكامل في التاريخ 7/ 55).
لكن منذ قيام الدولة البويهية (334-447 هـ)، اشتعلت الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة بشكل أوسع، فتعددت حوادث القتل الطائفي. يقول ياقوت الحموي إنه في سنة 347 هـ انتشرت ظاهرة سب وتكفير الصحابة (معجم البلدان 4/ 448)، وفي العام التالي سنة 348 هـ، يقول ابن الجوزي البغدادي إنه "قد حدثت حرب شديدة بين السنّة والشيعة أدت إلى قتل وحرق الكثير" (المنتظم 6/ 39).
ثم في العام التالي سنة 349 هـ، حدثت معركة طائفية حكاها الذهبي: "وفيها تمت وقعة هائلة ببغداد بين السنّة والرافضة، وقويت الرافضة ببني هاشم وبمعز الدولة، وعطلت الصلوات في الجوامع، ثم رأى معز الدولة المصلحة في القبض على جماعة من الهاشميين فسكنت الفتنة" (العبر في خبر من غبر 2/ 286) و(تاريخ الإسلام 25/ 231).
وفي عاشوراء سنة 363 هـ، حدثت فتنة أكبر، يقول عنها ابن كثير: "في عاشوراء، وقعت فتنة عظيمة في بغداد بين أهل السنّة والرافضة، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه، بعيد عن السداد، وذلك أن جماعةً من أهل السنّة أركبوا امرأةً وسموها عائشة، وتسمّى بعضهم بطلحة وبعضهم بالزبير، وقالوا: نقاتل أصحاب علي، فقُتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير، وعاث العيّارون في البلد فساداً، ونُهبت الأموال، ثم أُخذت جماعة منهم، فقُتلوا وصُلبوا فسكنت الفتنة" (البداية والنهاية 11/ 275) و(الكامل في التاريخ لابن الأثير 7/ 340).
وقد حكى ابن الأثير عن بعض أسباب ذلك؛ "ففي عام 352 هـ، قرر البويهيون إقامة مراسم عاشوراء بشكل غير مسبوق في التاريخ الإسلامي، وفي العاشر من محرم، أمر معزّ الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم، ويبطلوا الأسواق والبيع والشراء، وأن يظهروا النياحة، ويلبسوا قباباً عملوها بالمسوح، وأن تخرج النساء منشرات الشعور، مسودات الوجوه، قد شققن ثيابهن، يدرن في البلد بالنوائح، ويلطمن وجوههن على الحسين بن علي رضي الله عنهما، ففعل الناس ذلك، ولم يكن للسنّة قدرة على المنع منه، لكثرة الشيعة ولأن السلطان معهم" (الكامل في التاريخ 7/ 279).
الصراع الصفوي العثماني
عن هذا القرار التاريخي للبويهيين وتأثيره في الفتنة المذهبية بين المسلمين، يقول المرجع الشيعي محمد الحسون: "في أيام البويهيين، اتّخذ معزّ الدولة البويهي اليوم العاشر من محرّم يومَ حزن وعزاء بصفة رسميّة، وانتعشت هذه المجالس في أيّام الدولة الصفويّة، واتسعت مساحتها، ودخلتها أُمور كثيرة مُستحدثة، وعندما سيطر العثمانيّون على العالم الإسلامي -ومنه العراق- منعوا إقامة هذه الشعائر بشتّى الأساليب والطُرق" (قراءة في رسالة التنزيه لمحسن العاملي 3/ 2).
فقد تغيّر منحى التاريخ الإسلامي بين السنّة والشيعة بعد هذا القرار الذي أصبح بموجبه الشيعة مطالبين بإحياء ذكرى دينية تستفز مشاعر وعقائد السنّة، وفي المقابل كان على قادة العثمانيين تقديم أنفسهم كحماة لمذهب السنّة والجماعة، فحدث الانقلاب في علاقة أبناء المذهبَين ببعضهم، خصوصاً بعد استقرار العالم الإسلامي لسلطتين (عثمانية وصفوية) بدءاً من القرن 10 هـ/ 16 م.
وتُعدّ فترة السلطان العثماني سليم الأول (1470-1520 م) والشاه إسماعيل الصفوي (1487-1524 م)، مفصليةً في اندلاع الفتنة السنية الشيعية، حيث يقول الدكتور علي الصلابي في كتابه "الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط"، إن "السلطان سليم زعيم الدولة السنّية أعلن في اجتماع لكبار رجال الدولة والقضاة ورجال السياسة وهيئة العلماء في عام 920 هـ/ 1514 م، أن ايران بحكوماتها الشيعية ومذهبها الشيعي، يمثّلان خطراً جسيماً لا على الدولة العثمانية بل على العالم الإسلامي كله، وأنه لهذا يرى الجهاد المقدس ضد الدولة الصفوية"، ويضيف: "ما يدل أكثر على الطابع الديني للحرب، رسالة سليم الأول لإسماعيل الصفوي التي قال فيها: 'بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله الملك العلام إن الدين عند الله الإسلام ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين'".
يقول الكاتب والمفكر العراقي أحمد الكاتب، في حديث إلى رصيف22: "الصراع بين الصفويين والعثمانيين سببه كان تبنّي الشاه إسماعيل الصفوي سياسة لعن الخلفاء الراشدين الثلاثة علناً في الشوارع والأسواق، مما أثار ضده المسلمين عموماً، والعثمانيين وغيرهم، وبالتالي الهجوم على الشيعة في حلب وغيرها، ولكن الملك الإيراني نادر شاه الذي حكم في أواسط القرن الثامن عشر، اتبع سياسةً وحدويةً وعقد مؤتمراً في النجف ضم علماء جميع المذاهب الإسلامية ومن مختلف البلاد؛ العراق وإيران وأفغانستان وطاجكستان وغيرها وتوصلوا في المؤتمر إلى تحريم سب الخلفاء ورفع التكفير عن الشيعة واعتبار التشيّع مذهباً خامساً".
ويشير إلى أنه "بعد قتل نادر شاه، عاد التطرف إلى الشيعة بشكل أو بآخر، نتيجةً للإيمان بنظرية الإمامة الإلهية ونصب الإمام علي خليفةً من بعد الرسول، واغتصاب الخلفاء الخلافة منه، وإجباره على البيعة والهجوم على داره وكسر ضلع زوجته السيدة الزهراء وإسقاط جنينها وما إلى ذلك، وهو ما يؤجج العداء ضد الخلفاء، حيث اعتاد الشيعة على إحياء ذكرى وفاة الزهراء كل عام ووراثة ما حدث لها من أساطير".
غير أن رئيس هيئة قضايا الدولة في مصر الأسبق بين عامي 1959 و1968 م، المستشار عبد الحليم الجندي، وفي كتابه عن الإمام "جعفر الصادق 35/ 12"، قال: "وفي سنة 930 هـ، قتل العثمانيون القاضي الحنفي ظهير الدين الأردبيلي، وعلّقوا رأسه على باب زويلة في مصر، لأنه قال إن مدح الصحابة ليس بفرض، وفي تركيا عام 926 هـ، قَتل السلطان سليم الأول نحو أربعين ألفاً من الشيعة"، ويُقدّر السيد علي الطباطبائي في كتابه "رياض المسائل 1/ 67"، ضحايا هذه المذبحة الطائفية لسليم الأول بـ70 ألف شيعي وقعوا جميعهم ضحايا في بلاد الأناضول وسواحل تركيا على المتوسط".
وهذه الأعمال الدموية لم تكن لها أن تحدث لولا فتاوى دينية صدرت من مراجع سنّية عثمانية بوجوب قتل الشيعة أو استحباب ذلك مثلما رأينا في فتاوى الشيخ علي ابن أحمد الهيتي، في كتابه "السيف الباتر لرقاب الشيعة والرافضة الكوافر"، والشيخ حسين بن عبد الله الشرواني في رسالته بعنوان "الأحكام الدينية في تكفير القزلباش". والفقيه الحنفي مُلا علي القاري، في كتابه "شمّ العوارض في ذمّ الروافض"، وغيرهم.
إيران وتركيا والصراع الطائفي
بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979، وتأسيس حزب العدالة والتنمية التركي سنة 2001، ونجاحه في الوصول إلى الحكم في تركيا سنة 2003، تغيّرت الخريطة المذهبية للمسلمين في الشرق الأوسط، بعد عقود من السلام الاجتماعي والأمن، إلى صراع ديني مذهبي بين السنّة والشيعة، فطبقاً للمرجعية الشيعية لثورة إيران، والسنّية لحزب أردوغان (العدالة والتنمية)، ولعوامل سياسية متعددة؛ استدعت كل دولة ميراث أجدادها المذهبي ممثلاً في الحرب الطائفية بين العثمانيين والصفويين.
تم تشكيل النظام الإيراني على أساس ولاية الفقيه الشيعي للأمة، الذي أصبحت بموجبه إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحكم بهذا المذهب في قانونها العام متسلحةً بثورة شعبية وقوة عسكرية مهمة، وفي ذلك يقول الكاتب ياسر عبد الحسين في كتابه "السياسة الخارجية الإيرانية"، إن "المرجعية الدينية للفقيه الشيعي هي أصل النظام السياسي الإيراني، حيث تؤكد ديباجة الدستور الإيراني المعدّل لعام 1989، على مسألة ولاية الفقيه وأنها أعلى سلطة في إيران، وتم ترسيخها في متن الدستور، وتحديداً في المادة (57) التي أعطت التأكيد الشرعي الدستوري لهذا المبدأ، وقد منح المرشد الأعلى السيادة السياسية والدينية، فضلاً عن جعل الإيمان بولاية الفقيه من الركائز السياسية للجمهورية الإيرانية".
ويرصد الكاتب محمد السماك، دوافع تمثيل تركيا للعالم السنّي ضد إيران بقوله في مقالة في جريدة إيلاف إن "الفتنة المذهبية بين المسلمين في العراق سنة 2006، فرضت على تركيا إعادة النظر في سلّم أولوياتها الإستراتيجية. ذلك أن قيام كيان سياسي كردي في شمال العراق يشكل في حد ذاته عاملاً مشجعاً لحركة الانفصال التي يقوم بها الأكراد في جنوب شرق تركيا. كما أن العراقيين التركمان (أي المنحدرين من أصول تركية)، يتطلعون إلى تركيا لرفع الغبن الذي قد يتعرضون له بسبب كونهم أقليةً وسط الأكثرية الكردية في شمال العراق".
ويشير تقرير لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ومقرها واشنطن، في آذار/ مارس عام 2017، بعنوان "شبكات الدولة الإسلامية في تركيا"، إلى "أن تركيا سمحت لتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الجهادية الأخرى بتأسيس خلاياها في إسطنبول وأنقرة ومدن تركية أخرى بالقرب من الحدود السورية، وأن حضور الجهاديين يتزايد على الإنترنت باللغة التركية، وفي الواقع أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا من أهم منصات التجنيد لتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المتطرفة الأخرى".
ويتحدث تقرير مماثل للمركز الأطلنطي الأمريكي عام 2016، عن أن "البنية التحتية لتنظيمات داعش والقاعدة في المدن التركية منتشرة بدعم ورعاية الحكومة التركية، والتي تخرج منها أعمال نقل المتطرفين السنّة لداخل سوريا والعراق، بهدف التصدي للتنظيمات الشيعية المتطرفة الأخرى التي دعمتها إيران".
وما سبق، يشهد بأن الصراع الإيراني التركي وإن بدا في ظاهره مسالماً سياسياً، إلا أنه يتسم بالتعصب الطائفي والصراع الأيديولوجي بين السنّة والشيعة في العمق، وما جرى من أحداث مذهبية في سوريا والعراق تم برعاية ودعم هاتين الدولتين في الغالب.
ويصف ذلك باختصار الكاتب العراقي نافع شابو البرواري، في مقاله في الحوار المتمدن بعنوان "كيف استطاعت إيران احتلال أربع دول عربية؟"، بتاريخ 3 آب/ أغسطس 2021، ويقول إن "كلا الدولتين، إيران وتركيا، قامتا بإشعال الحروب الطائفية والمذهبية (بين عرب الشيعة والسنّة) في العراق والشام وحاولتا في مصر وليبيا والسودان وتونس واليمن. كما كان هناك تنسيق وتفاهم بين الثورة الإسلامية في ايران وبين حزب العدالة والتنمية في تركيا، حيث تم جلب مئات المقاتلين من أنحاء العالم الإسلامي من خلال تركيا وايران للقتال في العراق وسوريا".
الصهيونية كفكرة طائفية واستعمارية
تقوم الفكرة الصهيونية على إنشاء دولة إسرائيل الكبرى وفقاً لتصريحات نخبة إسرائيل وقادتها، التي نقلها روجيه غارودي في كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، كتصريحات موشي ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي التي نقلتها صحيفة جيروزاليم بوست، في 10 آب/ أغسطس عام 1977، حين قال "إنه إذا كنا نملك التوراة ونعتبر أنفسنا شعب التوراة، فعلينا أن نمتلك جميع الأراضي المنصوص عليها في التوراة"، وتصريحات يورام بن بورات، رئيس الجامعة العبرية في القدس الذي قال لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في 14 تموز/ يوليو 1972، إنه "لن تكون هناك صهيونية ولن يكون هناك وجود للدولة اليهودية إلا بطرد العرب والسيطرة على أراضيهم".
وقد شهدت بدايات القرن العشرين حتى منتصفه، مجازر طائفيةً عدة بين مسلمين وعرب من جهة، وبين يهود من جهة أخرى نتيجةً لهذا التوجه الصهيوني الديني ومشروع إنشاء إسرائيل الكبرى، منها مجزرتا الخليل وصفد سنة 1929 ضد اليهود، ومجازر متعددة ضد العرب والمسلمين من سنة 1937 إلى سنة 1939، زيادةً على قتل آلاف الفلسطينيين على يد ميلشيات يهودية خلال الحرب الممتدة بين عامي 1947 و1948.
وقد أبرزت حرب فلسطين سنة 1948، التي اجتمعت فيها جيوش عربية عدة لقتال إسرائيل، واقعاً عربياً وإسلامياً جديداً، أصبح فيه الشرق الأوسط ساحة صراع ديني وقومي مختلط بين العرب والمسلمين من جهة، وبين الصهاينة وبعض اليهود من جهة أخرى، نتيجةً لهذا الادعاء الديني والرؤية الطائفية المذهبية لنخبة إسرائيل وقادتها في إنشاء دولة يهودية، ونزولاً عند حقيقة أخرى أنه ليس جميع اليهود من مؤيدي الصهيونية، وأن الصهيونية فكرة أيديولوجية ينتمي إليها الكثير من غير اليهود.
تقول الباحثة ريجينا الشريف، في كتابها "الصهيونية غير اليهودية... جذورها في التاريخ الغربي"، إن "الجذور الاجتماعية للسياسة الصهيونية غير اليهودية برزت أولاً في المحيط الديني الذي كان سائداً في الدول الأنغلو-ساكسونية البروتستانتية، ومع مرور الأيام تطورت هذه الأفكار وأصبحت جزءاً من الثقافة الغربية، مع أن الصهيونية لم تهجر ميدان الدين والرمزية إلى العمل في السياسة، إلا في القرن التاسع عشر، وكان هناك توافق بين الصهيونية كعقيدة قومية والسياسة الاستعمارية السائدة".
وتؤيد هذا الرأي جهود بعض القساوسة الإنجيليين في بريطانيا لخدمة ونشر الصهيونية خلال القرن الـ19، منهم القس لويس واي المتوفى عام 1840، والثاني جون نيلسون داربي المتوفى عام 1882، وكلاهما يؤمنان بوجوب إنشاء دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات قبل مجيء السيد المسيح آخر الزمان، وفقاً لرؤية عالم اللاهوت بول ريتشارد ويلكنسون في كتابيه "من أجل صهيون: المسيحية الصهيونية"، و"دور جون نيلسون داربي، وفهم الصهيونية المسيحية: مكانة إسرائيل في مقاصد الله"، وأيضاً وفقاً لرؤية المؤرخ الأمريكي والتر لاكوير، في كتابه "الصهيونية ونقّادها الليبراليون 1896-1948".
ويستعرض المؤرخ الإنكليزي دكتور أندرو كروم ذلك بتوسع في كتابه "المسيحية الصهيونية والهوية الوطنية الإنكليزية، 1600-1850"، ومن خلال هذا الدعم الإنكليزي الديني، تم القضاء على المعارضة اليهودية للصهيونية أو كبح جماحها، واستولت الصهيونية على الجماهير اليهودية من خلال الضغط (من فوق) أي من جهة الدولة الإمبريالية الراعية، وفقاً لرؤية الدكتور عبد الوهاب المسيري في كتابه "الصهيونية والعنف".
وقد ختم ذلك بقرارات مؤتمر بليتمور في نيويورك عام 1942، بضرورة إنشاء دولة يهودية تكون وطناً قومياً لليهود في فلسطين، رفضوا فيه ما يُسمّى بالكتاب الأبيض الإنكليزي الذي ربط شروط الانتداب البريطاني على فلسطين بوقف عمليات شراء الأراضي من أموال الدعم الغربية التي كانت تأتي لليهود بالتبرعات، وتحديد عمليات الهجرة اليهودية لفلسطين رداً على الثورة الفلسطينية بين عامي 1937 و1939، وهو الرفض الذي أدى إلى فتح الهجرات اليهودية لفلسطين خصوصاً من يهود ألمانيا وبولندا وأوروبا الشرقية الفارّين من مجازر هتلر.
وقد أدى مؤتمر بليتمور إلى إطلاق الجيش اليهودي في مادته السابعة، ودعمه بالتبرعات في عهد الرئيسين روزفلت وترومان، ليكون إنشاء الجيش العربي والإسلامي هو حلم المتشددين في الجهة المقابلة، ومادة حشد ديني وعاطفي للأحزاب الطائفية الإسلامية إلى اليوم.
رصيف 22
إضافة تعليق جديد