غول الأسعار يلتهم ما تبقى من طعام الفقراء
طلال ماضي:
آخر تسعيرة نظامية للسكر كانت 7500 ليرة واليوم كيلو السكر يتراوح بين 13500 ويصل في بعض المتاجر إلى 15 ألف ليرة، وهذه الفروقات يدفعها المواطن من فم ساكت من دون أي حسيب أو رقيب للأسعار في الأسواق .
وما يحدث لسلعة السكر مسطرة قياس لجميع السلع في الأسواق التموينية وغيرها، وكون السلع غير التموينية توقفت والطلب عليها يكاد يكون معدوما يبقى الغول فاتحا فمه على السلع التي من شأنها أن تسد جوع الفقراء .
غول السوق الذي يمص دماء الأغنياء والفقراء لا يشبع ولا يعنيه معاناة الناس كل ما يهمه الربح والربح أولا، ويقوم بتبديل أسعار السلع مرتين وثلاث مرات في اليوم الواحد، وعينه على الأخضر ويتعامل بطمع غير محدود لا يعنيه أبدا الرقابة كونها غير موجودة ولا يهمه أنين الفقراء، ولا انخفاض قدرتهم الشرائية ولا يفكر بتداول الفواتير، ولا يرى سوى المحافظة على رأس ماله بالسعر الأسود.
وبعيد جدا عن معادلة البيع والربح بنور الله، وحتى هذا النور لم تعد تعترف عليه التجار علما أن كبار التجار كانت تدرك أن الرزق الحلال فيه بركة تدوم ورزقتها تحمل نكهة طيبة بينما اليوم لا أحد من التجار يعترف على البركة همه وعينه على الغول الذي يأكل التضخم، ويسعر على السعر الوهمي وغير معني بصراخ الفقراء.
فقراء البلد بحسب إحصائية الأمم المتحدة هم 9 من كل 10 أشخاص في سورية، وراتبهم يصنفهم تحت خطر الفقر المدقع يحملون همومهم التي تعجز الجبال عن حملهم، وعينهم على أمانتهم وأطفالهم يسعون خلف رزقهم منذ الصباح حتى المساء لا يتكبرون على أي عمل وأطفالهم تعمل في سن مبكر وبناتهم يبحثن عن أي فرصة والغول ينتظرهم مع بداية العام الدراسي يكشر عن أنياب الأسعار ويرفع القرطاسية إلى حد العجز التام عن دخول المدارس.
ويمر موسم المونة ولا أحد يلتفت إليه فكيلو الملوخية ب10 آلاف ليرة وصديق الملوخية الرز مفقود وأسعاره مجنونة إن وجد، والبصل اليابس ينافس الثوم في ارتفاع الأسعار، وأول سعر للكيلو 6 آلاف ليرة، ومن كان يعتاد للتموين 20 كيلو أي راتب موظف وحبة مسك، والمكدوس غول الزيت سرق نكهته .
هذا الغول الذي يسرح ويمرح في الأسواق ولا يترك سلعة تفلت من رفع أسعارها في بلدي لا يوجد قوة شرائية تصمد في وجه الغول ولا قوة إدارية تكبح سطوته، وحتى من كان يخرج للناس عبر وسائل الإعلام يتوعد بالمحاسبة في وزارة التموين نفتقدهم ونسأل عنهم ونخشى أن يكون الغول قد أغلق أبوابهم.
هذا الغول الذي يفكر بمصلحته ورفع الأسعار المستمر وإذا فقد المستهلك من الأسواق ماذا سيفعل، هل سينهش نفسه ويلعن ساعة الطمع التي أوصلته إلى خسارة كل ما يملك، فمن يتعظ ومن المسؤول عن غول الأسواق وإغلاق فمه من ابتلاع لقمة الفقراء.
b2b
إضافة تعليق جديد