عندما يغدو خطاب العالم بعثيا

"لاأحد بريء سوى الحيوانات العجماء": تذكرت هذه الجملة التي تسببت فيها بأزمة وطنية منتصف تسعينات القرن الماضي وأنا أقرأ استقالة الرئيس التنفيذي ومؤسس مؤتمر Web Summit بادي كوسغريف، من منصبه أول أمس بعد تصريحاته حول الحرب القائمة،  حيث قال "أن جرائم الحرب تبقى جرائم حرب حتى عندما يرتكبها الحلفاء، ويجب أن يتم التنديد بها على ما هي عليه". مما تسبب بمقاطعة شركتا "ميتا" المالكة لفيسبوك و"إنستغرام" و"واتساب"، و"ثريد"، و"ألفابيت" (غوغل) لقمة الويب رغم اعتذار بادي، كما أعلنت كل من "أمازون" و"إنتل كورب"، و"سيمنس" ومجموعة كبيرة من أصحاب رؤوس الأموال إلغاء خططها بحضور المعرض. كما قاطع غاري غوشن مدير شركة "إيه آي 21 لابس" الإسرائيلية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي.. وبالطبع نحن نستيقظ الآن على أن كل شركات العالم الإفتراضي التي تشكل حياتنا اليومية  هي ضدنا وضد الرأي الآخر، رغم شعارات الديمقراطية الطنانة التي ترفعها والثورات الملونة التي تروج لها ، والتي تفترض بالناطقين بالعربية أن يشكلوا منصات تواصل اجتماعية بديلة، بدلا من دعم وتمويل المجموعات الإخونجية التي تدمر بلداننا بلا رحمة ..
لاأحد بريء سوى الحيوانات العجماء: جملة كتبتها كمقدمة لزاوية يومية ساخرة  كنت أنشرها في الصفحة الأخيرة من جريدة تشرين تحت عنوان "وخزات"  وقد استنفرت القيادة القطرية والمؤسسة الأمنية بسببها وطلب الأمين المساعد لحزب البعث من وزير الإعلام التحقيق معي بتهمة الإشارة بطريقة غير مباشرة إلى أن أعضاء القيادة غير بريئين!؟ وبما أني كنت معتادا على حسن التخلص قلت للوزير إنها جملة شهيرة لنيتشة وهو يقصد الأوروبيين وليس البعثيين، فاتصل الوزير بالأمين المساعد وقال له إنها جملة شهيرة لهيغل والمحرر لايقصد الإساءة للقيادة الحكيمة وسيقدم اعتذارا خطيا .. ولكن الرفاق لم يرضو، فعوقبت بحسم جزء من راتبي كما طالت العقوبة رئيس القسم الثقافي وأمين التحرير والمحرر المناوب مع توقيفي شهر عن النشر في جريدة تشرين عندما لم يكن هناك في البلاد سوى ثلاثة صحف رسمية يديرها البعثيون .. واليوم بعد محنة الرفيق "بادي" بت متأكدا أن قيادات العالم كلها بعثية وأن لا أحد بريء في الشرق والغرب سوى كلبتنا كوكي.. تحية لكوكي التي لم أرَ بشرا بعد قادرا على الحب مثلها..

نبيل صالح