قصة الصاروخ الصيني الذي ضرب سطح القمر!
تقول الاتهامات الأميركية أن الصين قد قصفت القمر بحمولة سرية تتضمن 1000 رطل من المعدات الغامضة ، إذ يعتقد علماء الفلك الأمريكيون أن بقايا صاروخ صيني اصطدمت بحمولة على سطح القمر العام الماضي، رغم أنه أطلق عام 2014.
وزعم باحثون أمريكيون في دراسة جديدة، نشرت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023أن نفايات فضائية صينية مرتبطة بصاروخ صيني أحدثت حفرتين على سطح القمر، واعتبروا تقييمهم هذا حاسماً وليس مجرد احتمال ، وفي مارس/آذار 2022، تحطمت قطعة من النفايات الفضائية على الجانب البعيد من القمر، وفقاً لشركة تصنيع برامج القياس الفلكي.
وحددت دراسة، نشرت في مجلة Planetary Science Journal، هذا الحطام الفضائي باعتباره أحد مكونات المركبة الفضائية التجريبية Chang’e-5 T-1 ، ويُعتقد أن هذه القطعة عبارة عن معزز صاروخ Long March 3C مستهلك، وهو الصاروخ الذي كان يحمل المركبة Chang’e 5-T1، وهي مركبة فضائية روبوتية تجريبية صينية أطلقت من الأرض في عام 2014.
ووفقاً لما نقله موقع «عربي بوست » فقد تم إطلاق مهمة Chang’e-5 T-1، المصممة لتكون مقدمة لمهمة Chang’e-5 الأكثر شهرة في عام 2020 ، ولقد نجحت Chang’e-5 T-1 في إعادة عينات القمر إلى الأرض، في عام 2014 ، وتم دفع المركبة بواسطة صاروخ Long March 3C ثلاثي المراحل من مركز إطلاق الأقمار الصناعية شيتشانغ في جنوب غرب الصين ، وبكين تقول إن الصاروخ احترق في الغلاف الجوي للأرض، بينما يقول الأمريكيون إنه ضرب سطح القمر
بعد خمسة أشهر من إطلاق هذه المهمة الصينية التحضيرية، لاحظ علماء الفلك قطعة مجهولة من الحطام الفضائي سميت WE0913A في عام 2015.
كان يُعتقد في البداية أنها المرحلة الثانية من صاروخ Falcon 9 من شركة SpaceX التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، لكن الملاحظات اللاحقة وتحليل البيانات المدارية أشارت إلى وجود صلة بالصاروخ الصيني Chang’e 5-T1.
ولكشف الغموض المحيط بالحطام WE0913A، قام الباحثون بفحص سلوكه أثناء الطيران وخصائص الحفر التي خلفها وراءه ، ومن خلال الفحص الدقيق لكيفية انعكاس ضوء الشمس على الحطام أثناء سقوطه عبر الفضاء، ومن خلال مقارنة هذه الملاحظات مع عمليات المحاكاة، حدد الباحثون تشابهاً ملحوظاً مع صاروخ Chang’e 5-T1 الصيني.
في المقابل، شكك المسؤولون الصينيون في هذا الارتباط وزعموا أن الصاروخ تفكك في الغلاف الجوي للأرض منذ سنوات ، ودخل هذا الجسم السماوي، دائرة الضوء في يناير/كانون الثاني 2022 عندما توقع متتبع الحطام الفضائي الأمريكي بيل جراي اصطدامه بالجانب البعيد للقمر في غضون أشهر، وهذا ما حدث.
وقال بيل جراي، الذي طور برمجيات لعلماء الفلك المحترفين بدأت في تتبع الحطام في عام 2015، إن عالم فلك في وكالة ناسا نبهه العام الماضي إلى شيء بدا، على حد تعبير جراي، “كبيراً بشكل مثير للريبة”.
ورداً على قول الصين إن الصاروخ احترق في الغلاف الجوي للأرض، قال جراي لموقع The Register: “نحن متأكدون تماماً من سقوط الصاروخ الصيني على سطح القمر، بناءً على بيانات المسار التي حصلنا عليها من عمليات الرصد التلسكوبية”.
أما في مارس/آذار 2022، وجد فريق من الباحثين الأمريكيين أن المرحلة العليا من الصاروخ قد اصطدمت بسطح القمر، بعد أن انطلق عبر الفضاء بسرعة 5800 ميل في الساعة.
وفي البداية، قال العلماء إنه من المحتمل أن يكون الاصطدام قد أحدث حفرة على القمر، على الرغم من أنه سيكون من الصعب تأكيد ذلك نظراً لوجود مركبة Lunar Reconnaissance Orbiter التابعة لناسا وChandrayan-2 الهندية التي تغطي الجانب البعيد للقمر الصناعي الطبيعي. ومع ذلك، قالت ورقة بحثية غير خاضعة لمراجعة النظراء، والتي ظهرت في الملاحظات البحثية للجمعية الفلكية الأمريكية، إنه قد يكون من الممكن رؤية سحابة الغبار تنطلق أثناء الاصطدام من المراصد الأرضية.
كما كشفت الصور المأخوذة من مركبة الاستطلاع القمرية المدارية (LRO) التابعة لوكالة ناسا عن تطور غير متوقع في موقع التحطم: ليس فقط حفرة واحدة، بل حفرتين متداخلتين على الجانب البعيد من القمر.
في يونيو/حزيران 2022، اعترفت وكالة ناسا بالطبيعة غير المتوقعة لهذه الحفرة المزدوجة، مما مهد الطريق لزيادة الفضول.
وقد ترك هذا الاصطدام وراءه حفرة مزدوجة غامضة، تتراوح مساحتها بين 15.8 إلى 17.89 متر، مما أثار تساؤلات حول الحمولة غير المعلنة، خاصة أن مظهر الحفرتين مختلف عن الآثار التي تتركها عادة الصواريخ المصطدمة بسطح القمر.
و يقول تانر كامبل، طالب الدكتوراه في جامعة أريزونا والباحث الأول في الدراسة: “قد تتوقع أن يتمايل الصاروخ في مساره قليلاً، خاصة لأن جسم الصاروخ عبارة عن قذيفة كبيرة فارغة مع محرك ثقيل من جانب واحد (من الأسفل)”. ، وقال كامبل في بيان أصدرته الجامعة: “لكن مسار هذا الصاروخ مستقر للغاية بطريقة لافتة” ، وهذا يعني أن الصاروخ يحمل جسماً أو أجساماً كبيرة في الطرف العلوي لتحقيق التوازن بين المحركين ، ومن المفترض أن تزن كل كتلة غامضة حوالي 1200 رطل ، ومع ذلك، فإن الأداتين الوحيدتين المعروفتين الموجودتين على المعزز تزنان حوالي 59 رطلاً، وفقاً لكامبل ، وقال: “لا يمكن تفسير الحركة المرصودة في غياب مصدر إضافي للوزن، على متن المركبة” ، ومشهد الحفرتين على سطح القمر أيضاً غير مسبوق
تعد هاتان الحفرتان المنفصلتان عن بعضهما بحوالي 100 قدم، فريدتين مقارنة بالحفر الناجمة عن الاصطدامات بين المركبات الفضائية التي صنعها الإنسان على سطح القمر ، وأثارت الحفرتان دهشة العلماء، فوفقاً لجامعة ولاية أريزونا الأمريكية، اصطدم ما لا يقل عن 47 جسماً صاروخياً تابعاً لناسا بالقمر سابقاً، ومع ذلك لم ينتج أي منها حفرة مزدوجة.
وقال كامبل: “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها حفرة مزدوجة”.
من خلال المقارنة مع بعثات أبولو الأمريكية، التي وجهت عمداً حطام الصواريخ إلى سطح القمر لأغراض، أشار كامبل إلى أن مثل هذه البعثات أنتجت إما منخفضات مستديرة أو مستطيلة، ولم تنتج أبداً حفرة مزدوجة متساوية الحجم.
اعترف كامبل بعدم اليقين الذي يحيط بالحمولة الغامضة التي كانت على متن الصاروخ الصيني، مما أثار سلسلة من التفسيرات المحتملة، بدءاً من احتمال هياكل الدعم الإضافية إلى الأجهزة التكميلية أو إدراج عناصر غير معروفة تماماً.
وقال كامبل: “للحصول على هاتين الحفرتين بنفس الحجم تقريباً، تحتاج إلى كتلتين متساويتين تقريباً وبعيدتين عن بعضهما البعض”.
عادة ما تكون الحفر السابقة التي أحدثتها صواريخ عصر أبولو مستديرة أو بيضاوية الشكل، اعتماداً على ما إذا كان الجسم المصطدم كان يتحرك بشكل مستقيم نحو الأسفل أو إذا كان يقترب بزاوية، حسب نقل موقع the debrief عن كامبل.
ويقول كامبل لا بد أن شيئاً آخراً كان موجوداً على متن الصاروخ لتفسير وجود حفرتين ، ليست المرة الأولى التي تصطدم فيها أجسام بشرية بالقمر ، في حين أن WE0913A يمثل أول حالة لاصطدام حطام فضائي غير مقصود بالقمر، فإن اصطدام الأقمار الصناعية التي صنعها الإنسان بسطح القمر حدث من قبل ، وفي عام 2009، اصطدمت ناسا عمداً بالقمر الصناعي لرصد واستشعار الحفرة القمرية بسرعة 5600 ميل في الساعة (9000 كم/ساعة) في القطب الجنوبي للقمر.
أدى هذا التأثير المتعمد إلى إنشاء حفرة على شكل عمود سهلت للعلماء اكتشاف التوقيعات الكيميائية التي تشير إلى وجود الجليد المائي. بالإضافة إلى ذلك، وكجزء من طريقة التخلص منها، وجهت وكالة ناسا صواريخ ساتورن V التابعة لبرنامج أبولو نحو سطح القمر.
في الوقت الحالي، لا تزال هوية الجسم الذي يُفترض أنه موجود على متن الصاروخ الصيني وأحدث الحفرة الثانية غير محددة، ووفقاً لكامبل.
ويخمن قائلاً: “ربما لن نعرف أبداً”.
وكالات
إضافة تعليق جديد