بدء موسم جمع الكمأة في البادية السورية رغم الخطر المحدق بها
ينتظر سكان أرياف المحافظات الشرقية في سوريا، وبشكل خاص حمص وحماة ودير الزور، بداية شهر شباط لما يأتي معه من خيرات وافرة على شكل كنز طبيعي مدفونٍ تحت التراب وهو فطر الكمأة.
من شباط حتى نيسان
يبدأ موسم جمع الكمأة في البادية السورية خلال شهري شباط ونيسان من كل عام، ويعد هذا المحصول موسم إنتاجي ذو مردود عالٍ نتيجة ارتفاع أسعار هذا النوع من الفطور، حسب قول أبو محمد (55 عاماً، من سكان السخنة بريف حمص الشرقي).
وأضاف أبو محمد:”يتأثر موسم الكمأة بكميات الأمطار وهذا ما جعل سكان البادية يستبشرون بموسم جيد لهذا العام مع غزارتها منذ بداية العام الجاري، وآمال بأن تكثر العواصف المطرية والرعدية نهاية شباط وخلال شهري آذار ونيسان”.
وأضاف: “تعتبر الكمأة بمثابة كنز طبيعي، ويتوقع بأن يتجاوز سعر الكيلو غرام الواحد 300 ألف ليرة لهذا الموسم وذلك بحسب حجم الحبّة، وقد يصل إلى نصف مليون للأحجام الكبيرة منها”.
كميات قليلة حتى الآن
تبين خلال جولة في سوق الحميدية بمدينة حمص، وهو السوق الأكثر عرضاً لبيع وشراء الكمأة أن الكميات المعروضة قليلة حتى الآن لأن ذورة الإنتاج لم تبدأ بعد بالإضافة إلى قلة العواصف الرعدية المؤثرة في ظهوره، بحسب أحد الباعة.
وأشار البائع إلى أن: “أولى الكميات الواردة إلى السوق جاءت من منطقة “البيارات” بمنطقة بادية تدمر في ريف حمص الشرقي، ويتراوح سعر الكيلو منها حالياً ما بين 75_125 ألف”.
و توقع البائع أن يصل سعر كيلو الكمأة من النوع الجيد إلى نصف مليون ليرة لعدة أسباب، منها ارتفاع أسعار المحروقات وأجور اليد العاملة وغيرها”.
الأخطار المحدقة
يتعرض سكان المنطقة الشرقية من سوريا للعديد من المخاطر أثناء قيامهم بالبحث عن الكمأة، والتي يتمثل أكبرها بوجود بقايا خلايا تنظيم “د ا ع ش” ومخلفاتهم.
وراح ضحية جمع الكمأة خلال شهر شباط من العام الفائت في حمص 57 شخصاً دفعة واحدة، بينهم 53 في بادية السخنة بريف المحافظة الشرقي، وقبلهم 4 أشخاص في بادية تدمر كانوا تعرضوا لهجوم مسلح.
وتوفي، الجمعة، خمسة أشخاص يعملون برعاية الأغنام، إثر تعرضهم لهجوم نفذه مسلحون مجهولون عليهم في قرية الحيوانية بمنطقة جب الجراح في ريف حمص الشرقي.
علمياً..ما هو الكمأة؟
أوضح المهندس الزراعي، أسامة يوسف أن “الكمأة هو احد أنواع الفطور الزقية، وله عدة أنواع تختلف بألوانها وأشكالها وأحجامها وتسمياتها ، ويتعايش مع نباتات أخرى لأنه لا يحوي الكلوروفيل (اليخضور).
وأضاف “يوسف” :”يظهر هذا الفطر في البادية بعد سقوط الأمطار مع عشبة تسمى جريد الكما، ويساعد البرق على تشكيل الأحماض الآزوتية التي تدخل بتركيب الأحماض الامينية، وينمو تحت سطح التربة بعمق من 5 إلى 15 سم ويتراوح وزن الحبة منها مابين 30 غرام إلى 3 كيلوغرام”.
وتحدث المهندس “يوسف” عن أنواع الكمأة قائلاً :” أشهرها الأبيض ويسمى في بادية الشام بالزبيدي، والنوع الآخر الأسمر أو الأحرق لونه حيث يبدو وكأنه محروق، وهو النوع المميز و الأطيب و الأغلى”.
وبين “يوسف” أنه يستدل لمكانه وجود الكمأة عن طريق مشاهدة نبات جريد الكما وكذلك التشققات الموجودة بالأرض نتيجة كبر حجم الكمأة بحيث تتشقق الأرض ويمكن إخراجه بالحفر بأداة معدنية أو سيخ”.
وذكر “اليوسف”أن :”تحليل الكمأة أظهر احتواءها على البروتين بنسبة 9% ومواد نشويه بنسبة 13% ودهن بنسبة 1% إضافة لوجود معادن مشابهة لتلك التي يحتويها جسم الإنسان مثل الفوسفور والصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم”.
وتابع :”كما تحتوي الكمأة على فيتامين (ب1، ب2) فيتامين أ. وكمية من النيتروجين بجانب الكربون والأكسجين والهيدروجين، وهذا ما يجعل تركيبها شبيهاً بتركيب اللحوم”.
وأكمل :”وتحتوي على الأحماض الأمينية الضرورية لبناء خلايا جسم الإنسان، والسعرات الحرارية و الدهون والكاربوهيدرات والبروتينات، لذلك فإن فوائدها الصحية كثيرة لغناها بالحديد و الكالسيوم “.
ولفت “اليوسف” إلى أنه أنه :”يمكت أكل الكمأة بعد تنظيفها من الأتربة، كما يمكن أن يسلق ويؤكل مباشرة، والبعض يحضره عبر قليه بالسمن كما يطبخ أيضاً مع اللحم أو مع البرغل أو الرز، ويمكن يخزينه جافاً بعد تقسيمه إلى شرائح ويجفف ويسمى شقيق”.
يذكر أن الكمأة تحظى بشعبية كبيرة في الوطن العربي، ويطلق عليها عدة أسماء مختلفة، ففي العراق تعرف بإسم “الجمة”، في حين تسمى في المملكة العربية السعودية “الفقع”، و”الترفاس” في ليبيا ودول المغرب العربي .
الخبر
إضافة تعليق جديد