اتيكيت جديد للرشاوى
زياد غصن:
مع شيوع انتشار ثقافة الرشوة أفقياً وعمودياً، بتنا نسمع قصصاً طريفة عن ابتكارات البعض لطرق تقديمهم للرشاوى.
فمثلاً هناك من يدس رشوته، والتي هي عبارة عن بضعة أوراق نقدية أو قطع ذهبية، ضمن صندوق سجائر فاخر، أو علبة حلويات مصدفة، أو طاولة زهر مرصعة... وما إلى ذلك من طرق يصلح وصفها بأنها تفكير من خارج الصندوق.
لذلك قليلاً ما يفرط مسؤول ما ما بعلبة حلويات قبل أن يتفقدها جيداً، أو أن يترك صندوق سجائر في درج مكتبه مغلفاً.
بلغة أخرى... أصبح هناك "اتيكيت" معين يلتزم به البعض في تقديمهم للرشاوى الكبيرة والمقدمة لشخصيات لها وضع اجتماعي معين.
والسبب إما رغبة الراشي بعدم إثارة الشكوك حوله، فمن الذي يمكن أن يشك بعلبة حلويات أو صندوق سجائر، أو للمحافظة على برستيجه الاجتماعي، فبدلاً من مد يده إلى جيبه وإخراج ظرف المال تصل الرشوة بلا أدنى عناء.
لكن ماذا عن موقف المرتشين؟ وكيف يتعاملون مع الأشكال الحضارية الجديدة في الرشوة؟
هؤلاء لا يهمهم الشكل الذي تقدم به الرشوة، وإنما حجمها وقيمتها. فإن أعجبتهم دعوا للراشي بمزيد من الزرق والرضا، وإن لم تعجبهم دعوا عليه.. وقد يطالبونه أيضاً بتعويضها لاحقاً.
أما الرشوة في المستويات الأدنى... فهي باتت أقرب إلى العلاقة التصالحية.
بمعنى أن البعض من الموظفين لم يعد خجولاً في طلبها حتى لو اضطر إلى اقتطاعها بنفسه ومن دون موافقة المواطن، وهذا الأخير لم يعد حائراً ومتلبكاً ويسأل نفسه... هل يقبل العامل أخذ الإكرامية؟ وهل يقبل بأي إكرامية؟ وماذا لو رفضها؟
هنا تحولت الرشوة إلى محظور تبرره ضرورات الأوضاع المعيشية، فهي لم تعد ثمناً لفنجان قهوة كما كانت تبرر سابقاً، وإنما ثمناً لربطة خبز أو كيلو بندورة أو أجرة نقل.... الخ
لكن في جميع الحالات لا يمكن تبرير الرشوة، فالفقر لا يبرر السرقة، وقلة الراتب لا تشرعن الإكرامية.... وليس كل الهدايا تقبل أخلاقياً وإدارياً ودينياً...
دمتم بخير
شام إف إم
إضافة تعليق جديد