لماذا تتحول إسبانيا إلى صحراء بشكل متسارع؟

تقدر الأمم المتحدة أن 74% من الأراضي الإسبانية قد بدأت في تصبح صحراوية بسبب تغير المناخ، ومن المتوقع أن تتحول 18% منها إلى صحراء لا يمكن استصلاحها. 

مناطق المرية وبلنسية والأندلس تُعتبر الأكثر عُرضة للخطر، وإذا لم يتم التدخل، فمن المحتمل أن تتحول غالبية الأراضي الجنوبية في إسبانيا إلى صحراء بحلول عام 2100.

إسبانيا تُعتبر من كبار مُصدِّري السلع الزراعية إلى أوروبا، وتحمل لقب “سلة غذاء القارة العجوز”. لذا، يجب على مدريد البحث عن طرق للحفاظ على مكانتها كمورد رئيسي للغذاء في أوروبا، بينما تواجه التحديات المتعلقة بالتصحر، وفقاً لتقرير من موقع أسباب المتخصص بالتحليلات الاستراتيجية والجيوسياسية.

تُسجل تسارع عملية التصحر في إسبانيا، وانخفاض في مخزون المياه. الماء يُعتبر شريان الحياة للحضارات، لكن تغير المناخ والجفاف وارتفاع درجات الحرارة يُقلِص من مخزون المياه المتوفرة.

الجفاف والحرارة وإزالة الغابات ونقص الأمطار يُغيّر جغرافية إسبانيا ويُحوّلها إلى أراضٍ قاحلة. المياه تُنفد في المناطق الداخلية رغم وجود المحيطات المحيطة بها.

انخفض مخزون المياه في بلنسية ومرسية وقشتالة والمنشف وإكستريمادورا إلى أقل من 40% من السعة الإجمالية.

في كاتالونيا والأندلس، انخفضت احتياطيات المياه إلى نحو 25% من السعة الإجمالية.
هذا التغيير يؤثر على قطاع الزراعة، ويُتوقع أن يسجل المزارعون أضعف مواسم حصادهم منذ عقود.

يُتوقع أن تتأثر فقط المحاصيل القريبة من الساحل أو التي تعتمد على محطات تحلية المياه بشكل إيجابي، في حين ستواجه بقية الأراضي التحديات الكبيرة. يعتمد نموذج الزراعة الإسباني على فرضية وجود إمدادات ماء غير محدودة.

يُستهلك حوالي 80% من المياه العذبة في إسبانيا في الزراعة، وكانت عائدات الاستثمار في القطاع كبيرة. تُعتبر صادرات النبيذ وزيت الزيتون الأكبر قيمة، مع تصدر محاصيل الكرمة من حيث الكمية المُنتجة.

صادرات القطاع الزراعي الإسباني قد وصلت إلى أكثر من 50 مليار يورو في 2021، وهذا يؤثر بشكل كبير على اقتصاد البلاد ودورها كمزود رئيسي للأغذية في أوروبا.

للتصدي لأزمة نقص الماء، بدأت إسبانيا في بناء السدود وتطوير البنية التحتية. تمتلك إسبانيا حوالي 1200 سد وخزان صناعي، تقع أساسًا في الجنوب حيث توجد المناطق الزراعية بكثافة.

في المرية، تُظهر الصوبات الزراعية التي تغطي مساحات شاسعة التحديات البيئية. يعتمد الزراعة المكثفة على السقاية بمياه الخزانات الجوفية، مما يؤدي إلى استنزاف المياه وتلوث التربة والماء.

باختصار، يواجه قطاع الزراعة في إسبانيا تحديات كبيرة بسبب التصحر ونقص المياه، ويُطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات فعّالة للتصدي لهذه الأزمات وحماية البيئة والاقتصاد المحلي.

تُسهم كل صوبة في إسبانيا في نمو نوع واحد من المحاصيل سنويًا، لكن كل عام زراعي يُسفر عن تدهور التربة واستنزاف المياه الجوفية بسرعةٍ أكبر، وتساهم كل هذه العوامل في التصحر بنهاية المطاف وفقاً لموقع عربي بوست.

يُعتبر حوض نهر إيبرو في شمال إسبانيا مكانًا ذا أهمية خاصة، إلا أنه يواجه العديد من التحديات الناجمة عن سوء الإدارة. يُعتبر نهر إيبرو واحدًا من الأنهار الرئيسية في إسبانيا ويمتد لأكثر من 900 كيلومتر قبل أن يصب في البحر المتوسط.

يُعد حوض النهر نظامًا مائيًا حيويًا يدعم مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الزراعة والصناعة وتوليد الطاقة الكهرومائية. وقد شهدت المنطقة انخفاضًا في معدل هطول الأمطار في السنوات الأخيرة بينما ارتفع الاستهلاك الزراعي بشكلٍ مطرد. بسبب هذه العوامل، تراجع تدفق نهر إيبرو بشكل يهدد بالكاد بعض أنواع الحياة البرية في المنطقة، مما يعرض الموائل الطبيعية للضغوط.

إذا لم يتم تغيير نظام إدارة المياه في إسبانيا، فمن المرجح أن يجف نهر إيبرو العظيم بالكامل في وقت قريب. في منطقة المنشف، يعاني الطبقات الجوفية المحلية من استنزاف لا مجال لعلاجه، حيث يشتهر المنطقة بنشاطها الزراعي الذي يضم مزارع الكرم وبساتين الزيتون، ولكن الاستخراج المفرط للمياه الجوفية من أجل الري أسفر عن انخفاض منسوب الماء ويهدد الاستدامة الطويلة الأجل للنظام البيئي الطبيعي والإنتاج الزراعي على حدٍ سواء.

يُشكّل استنزاف المياه الجوفية خطرًا على جودة المياه المتبقية أيضًا، حيث سيجعلها أكثر عرضة للتلوث. لمواجهة هذه التحديات، تحتاج إسبانيا إلى إصلاح شامل لنظام إدارة المياه وتطوير طرق جديدة لاستخدام وإعادة استخدام الماء بشكلٍ مدروس أكثر.