اتفاق سوري عراقي على تأهيل خط بانياس النفطي
اختتم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زيارته الرسمية الاولى إلى دمشق، أمس، برزمة اتفاقات اقتصادية تصدرتها مذكرة تفاهم على إعادة تأهيل خط بانياس ـ كركوك النفطي، وربط حقل عكاس العراقي الغني بالغاز بمجمع الغاز في دير الزور. وجدد الطرفان التزامهما بالتعاون الامني، معلنين إعادة إحياء «اللجنة السورية ـ العراقية المشتركة».
وفي الوقت الذي اعلن فيه عن مقتل 15 جندياً أميركياً في العراق امس، كرر الرئيس الاميركي جورج بوش تمسكه بالبقاء في العراق من أجل تجنيب الاميركيين ما عايشوه من «معاناة» بعد الانسحاب من فيتنام حيث انسحبت القوات الاميركية قبل اتمام المهمة ، وتراجع عن موقف اتخذه امس الاول وبدا انه يتنصل من دعم المالكي الذي وصف أداءه بانه مخيب.
وكان الجانبان السوري والعراقي اختتما اجتماعاتهما، أمس، ببيان ختامي مشترك (تفاصيل صفحة 14) عقب لقاء على مستوى رئيسي الوزراء، وآخر على مستوى نائب وزير الخارجية فيصل مقداد، ووكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عبادي اللذين اتفقا على تعيين سفراء لدى الجانبين.
وفي مؤتمر صحافي مشترك أعقب لقاءه مع المالكي، أعلن رئيس الوزراء ناجي العطري أنه «تم الاتفاق على ربط حقل عكاس العراقي بمجمع الغاز في دير الزور عبر منظومة انابيب سيتم تنفيذها وانجازها باسرع وقت ممكن، والعمل من اجل اعادة تأهيل انبوب خط نقل النفط الخام من كركوك الى بانياس، والاتفاق على تبادل المنتجات النفطية بين البلدين، وتأمين الآلية اللازمة لتنفيذ ذلك». وهو ما أكده، في وقت لاحق، وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني. ويعد عكاس أبرز اكتشاف للغاز الطبيعي في غربي العراق.
إلى ذلك، اتفق الجانبان «على توسيع آفاق تعاونهما الاقتصادي عبر تطوير المنافذ الحدودية والمناطق الحرة، ومنح التسهيلات اللازمة لانتقال البضائع والسلع، ودخول المنتجات السورية الى الاسواق العراقية بما يلبي احتياجات الشعب العراقي، وإقامة المعارض الاقتصادية المشتركة في كلا البلدين، إضافة الى تطوير التعاون المالي والجمركي».
كما تم الاتفاق على «تفعيل دور اللجان الفنية لاستثمار وإدارة الموارد المائية، وتنفيذ
السدود ومشاريع الري»، حيث أشار العطري الى «أنه سيتم بناء محطة ضخ مائية لري 15 الف هكتار في محافظة الحسكة على الحدود العراقية ـ السورية».
سياسياً، أكد الجانبان «على أهمية تعميق التنسيق بين البلدين على الصعد الاقليمية والدولية، والعمل على تخفيف معاناة المهجرين العراقيين ودعم الجهود السورية في هذا المجال». كما اتفقت وزارتا الداخلية في كلا البلدين «على تعزيز الوضع الأمني والتنسيق الدائم، ووضع آلية لتنفيذ ذلك بما يحقق الأمن والاستقرار في العراق».
واعتبر العطري ان هذه المرحلة تقتضي «مزيداً من التنسيق والتشاور بين البلدين»، موضحاً أن البلدين اتفقا «على إعادة إحياء اللجنة السورية ـ العراقية المشتركة، وتشكيل لجنة متابعة».
من جهة أخرى، دعا العطري«الى انهاء الوجود الأجنبي على أرض العراق»، وهو ما رد عليه نظيره العراقي بالقول أن «القوات الدولية الموجودة في العراق خاضعة لقرارات مجلس الأمن، ونعتبرها من الشأن السياسي الداخلي». أضاف المالكي أن «العراق الجديد قائم على أساس الحرية والسيادة والدستور... ولن نسمح أن يتدخل العراق في شؤون دول الجوار، وبالمقابل نطلب الا يتدخل الآخرون في شؤوننا الداخلية».
تزامن ذلك مع تحذير وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري، في بغداد، من أن أي انسحاب مفاجئ للقوات الأميركية من العراق «سيؤدى إلى انهيار الدولة العراقية وتفتيتها، ونشوب حرب أهلية واسعة النطاق، واندلاع حروب إقليمية في المنطقة».
إلى ذلك، اعتبر المالكي زيارته «ناجحة»، واصفاً إياها بأنها «صفحة جديدة في العلاقات المطلوبة بين البلدين، والتي تعرضت للاستغلال في ظل النظام السابق». وشدد على «أهمية الجانب الإقتصادي في المحادثات»، معتبراً أنه «المحرك الأساسي لكل العمليات الأخرى». لكنه أقر بأن «تنمية العلاقات تواجه تحديات يمر فيها الوضع الخاص في العراق، وفي مقدمته الأمن والارهاب، وهذا من أهم ما تحدثنا فيه مع الجانب السوري، حيث أكدنا على ضرورة مكافحة الإرهاب الذي يستهدف المدنيين».
أمنياً، أمل المالكي «في متابعة ما اتفقت عليه وزارتا الداخلية في سوريا والعراق»، مضيفاً «نريد أن نلمس جدية، لأنه تحدٍّ حضاري وسياسي وقيمي لا بد من التعاون لمواجهته». ونفى المالكي أن تكون جولته في دول جوار العراق «اصطفافاً لمواجهة محور ضد الآخر»، بل هي «عمل من أجل الاستقرار».
أما عن الضمانات لتنفيذ التفاهمات الثنائية، فقد أوضح العطري أنها تكمن في «الرغبة المشتركة بين البلدين لتنفيذ الاتفاقات، فكل ما يمس الأمن في العراق يمس الأمن في سوريا، وكل ما يحقق الأمن يعبر عنه من خلال الاتفاقات التي تم توقيعها، وسيعبر عنه من خلال آليات عمل ومن خلال أجهزة مكلفة بهذا الموضوع تقوم بدورها اللازم الذي يوكل لها».
بدوره، قال المالكي أن الضمانات هي «الرغبة المشتركة في مواجهة التحدي الأمني والارهابي، وإدراكنا بخطورة المرحلة التي يمر فيها العراق والمنطقة، فما يجري في العراق من عمل إجــــرامي يريد نسف أسس الاستقرار في المنطقة، لذلك يتوجب علينا في سوريا والعراق أن نتــــعاون مع وأن يتعاون معنا الأشقاء الآخرون كي لا ينتشر الارهاب في المنطقة».
رد رئيس الوزراء العراقي على الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي جورج بوش إلى أدائه «المخيب للآمال»، أمس الاول، معتبراً أنها خارجة «عن اللياقات الدبلوماسية والسياسية» ونابعة من «حسابات انتخابية أميركية». أضاف «لا أحد يملك الحق بوضع جداول زمنية لحكومة العراق، إنها حكومة منتخبة من شعبها».
واعتبر المالكي أن «هؤلاء الذين يدلون بتصريحات مماثلة يعبــــرون عن حالة انزعاج من زيارتنا إلى سوريا. لن نلقي بالاً. يهمنا شعبنا ودستورنا ويمكننا إيجاد أصدقاء في مكان آخر». وتابـــع «إن ما يهمنا رضا شعبنا ورضا انفسنا ويهمنا تجربتنا الديموقراطية».
وكان بوش أعلن خلال مؤتمر صحافي في كندا، أمس الأول، أن مشاعر «إحباط» تنتابه إزاء القيادة العراقية التي ترأس حكومة منقسمة ومشلولة، جراء مقاطعات بعض الأحزاب لها وحالات التشاحن والخصام.
في المقابل، أعلن بوش، في خطاب مطوّل أمام مؤتمر قدامى المحاربين في كنساس في ولاية ميسوري، إنّ المالكي «شخص جيد يقوم بعمل صعب وإنني ادعمه»، مشدداً في الوقت ذاته على أنّ «بقاءه في منصبه (كرئيس وزراء للعراق) لا يعود للسياسيين في واشنطن، إنما للشعب العراقي الذي يعيش اليوم في ظل الديموقراطية وليس تحت الدكتاتورية».
إلى ذلك، حذر بوش الأميركيين من «مواجهة المصير ذاته من الألم والمعاناة الذي عايشوه بعد الانسحاب من فيتنام إذا انسحبت قواتهم من العراق قبل إتمام المهمة»، مؤكداً إصرار الولايات المتحدة على الوقوف إلى جانب العراق في وقت الشدة ومساندة شعوب الشرق الأوسط حتى تنال حريتها.
وشدّد بوش على أنّ الولايات المتحدة «لن يرتاح لها بال حتى تنعم شعوب الشرق الأوسط بالحرية التي تنعم بها أميركا»، مشيرا إلى أن هذه الشعوب أنهكتها الديكتاتورية والفساد وأنه من أجل الحفاظ على أمن الولايات المتحدة «فإننا لن نتخلى عنهم».
أضاف «نحارب من أجل أنّ نمكن الرجال والنساء المحترمين في الشرق الأوسط من تحديد مصيرهم، والنهوض بمجتمعاتهم على أساس الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية»، وتابع «طالما انني قائد للقوات المسلحة فإننا سنواصل القتال حتى النصر، وأنا على ثقة بأننا سنفــــوز، لأننا نمتلك أعظم قوة لتحرير الإنسانية عرفـها العالم».
فقد الاحتلال 14 جندياً في سقوط مروحية أميركية في شمالي العراق، أمس، ومقتل كل من كان على متنها. وأعلن بيان للقوات الاميركية أن التحقيقات الاولية أظهرت أن المروحية، التي كانت تقوم بعملية ليلية، عانت مشكلة في محركها الالي ما أدى إلى سقوطها، مؤكداً أن الحادث لم ينجم عن «نيران معادية».
وقد أدى سقوط المروحية إلى مقتل طاقمها المؤلف من أربعة جنود أميركيين، إضافة إلى عشرة جنود أميركيين آخرين كانوا يستقلونها. ويعد الحادث الاكثر دموية للقوات الاميركية المحتلة منذ كانون الثاني من العام ,2005 حين سقطت مروحية من طراز «سي ستاليون» في الانبار، مسفرة عن مقتل 31 جندياً أميركياً كانوا على متنها.
إضافة إلى الجنود الـ,14 أعلن الاحتلال في بيان مقتل جندي أميركي وجرح ثلاثة آخرين خلال اشتباك في الانبار، أمس.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد