هل رفع المعدلات خدمة للجامعات الخاصة؟
لم تدهشني أبدا كلمة صديق لي عندما قال :إن من أسوأ أيام حياته كان يوم نجاح ابنه في المرحلة الثانوية العامة وحصوله على معدل 92% وأضاف وهو بين اليأس والرجاء :إن أمله معقود على ولده أن يحقق في امتحانات العام القادم نتيجة أفضل ينبغي أن تصل إلى 95% على الأقل ليلتحق بإحدى الكليات التي يرغب فيها.هذا ما عبر عنه د. حسين حمادة المدرس في كلية الهندسة :
لا شك بأن هذا الكلام إن دل على شيء فإنما يدل على وجود أزمة حقيقية تنذر بجملة من الكوارث على الاقتصاد الوطني وعلى نوعية الاختصاصات القائمة والمستحدثة وعلى مآل الخريجين من الكليات والمعاهد غير المتوازنة ومتطلبات سوق العمل الاجتماعي المتطورة وفق متوالية هندسية وليست حسابية بعد سيادة مجتمع المعرفة والمعلوماتية والهندسة الوراثية ووفقا للسياسات الاسترضائية المرتبطة بعدد الناجحين سنويا ومعدلاتهم والمتغيرات التالية:
* زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات الرسمية الحكومية وتلك كارثة.
* إنشاء جامعات واستحداث كليات رسمية حكومية جديدة دون الإعداد لها وتلك كارثة أخرى.
* التوسع فيما يعرف ( الجامعي المتميز) من الموازي والافتراضي والمفتوح دون التهيئة التعليمية والتدريسية والتقنية المتطورة له وتلك جملة من الكوارث.
* فتح الباب للتعليم الجامعي الخاص دون ضوابط حقيقية تبدأ من المنشآت والبنى التحتية ولا تنتهي بالمناهج المقررة وكتب المواد الدراسية ومخابر التدريب المستمر والمتطور وآلية الامتحانات ونوعيتها المفضية إلى التخرج وحقيقة ارتباطها مع جامعات ومعاهد علمية أجنبية لا يعرف مدى مصداقيتها فعليا.
وهل قامت وزارة التعليم العالي بإنشاء هيئة ضمان جودة التعليم العالي لتكون رقابية على معايير الجودة التعليمية ؟.
قراءة
وكغيرنا من المتابعين لنتائج المفاضلة وبعد انتظار وترقب وقفنا عند معدلات القبول في الجامعات باختصاصاتها المختلفة وفي مقارنة سريعة مع معدلات العام الماضي وجدنا ارتفاع معدلات قبول بعض الفروع بشكل كبير ما أصابنا نحن أولا بنوع من الإحباط تارة والحيرة والتساؤل تارة أخرى .
فمثلا الهندسة المدنية ارتفعت إلى 228 بعد أن كانت في العام الماضي,227بينما ارتفعت معدلات الحقوق إلى 191 علامة بعد أن كانت في العام الفائت 176 وخصص لرياض الأطفال القسم المستحدث في هذا العام 199 في جامعات دمشق و 203 في جامعة البعث.
واللغة العربية لم تكن بعيدة عن هذا الارتفاع فقد أصبحت معدلات القبول 170 بعد أن كانت 164 في العام الماضي .
ويجب التذكير هنا أن هذه العلامات هي للمفاضلة الأولى ولا شك أن هذا المعدل الذي ندعي ارتفاعه سيزداد أكثر وربما يتجاوز في زيادته العشر علامات.
وهنا تتسع الفجوة بين الطالب وحلمه في دراسة الاختصاص الذي يرغب ويضع الأهل أيديهم على قلوبهم خشية الفشل في الحصول على اختصاص مناسب لابنهم والخشية أكثر فيما لو اضطروا للتوجه للتعليم الموازي والخاص وهذا مالا يستطيعون تحقيقه,فالدخل محدود والجيوب تكاد تخلو إلا من بعض ليرات تسد الرمق.
ولمعرفة الحال انتقلنا إلى الجامعات لرصد آراء الطلاب بما أتت به إعلانات المفاضلة من معدلات .
الطلاب .. وخيبات الأمل
الطالب رائد غبور يرى أن المفاضلة كانت قاسية جدا فالمعدلات مرتفعة حتى للمعاهد وكأن الدراسة باتت إجبارية لغير ما نتمنى فماذا يفعل طالب حصل على 822 ويرغب بدراسة الصيدلة لكن لم يحالفه الحظ بذلك؟ ... فإما أن يدرس اختصاصا آخر لا يرغب به أو يتحول إلى التعليم الموازي والخاص إن توفر لديه المال , لذا يتمنى أن يدرس المعنيون هذا الأمر على أن تكون مصلحة الطالب هي الغاية.
أما جهاد البائع في كشك الجامعة, فيرقب ردود أفعال الطلاب عند اطلاعهم على نتائج المفاضلات, وما يصيبهم من الذهول ومن الشعور بالفشل, ففي كل عام ترتفع معدلات القبول ما يدفع البعض نحو التعليم الخاص, وتحميل الأهل أعباء إضافية وإما فالضياع ربما هو المصير المنتظر!
وللطالب أبو الخير الخطيب وهو طالب في السنة الثانية قسم الاقتصاد رأي آخر, فيقول: أرى في رفع المعدلات أمرا جيدا بسبب وجود أعداد هائلة في هذا القسم, ولكن المشكلة أن الوضع رغم ذلك لم يتحسن بسبب دخول أعداد هائلة من طلبة التعليم الموازي إلى القسم وهذا يسبب ضغطا في الحضور وقلة في فرص العمل بعد التخرج وأيضا زيادة عدد الخريجين تقلل من أهمية هذا الاختصاص ويقترح بدوره أن يخفف الضغط عن جامعة دمشق واستيعاب الأعداد الإضافية في كليات وجامعات المحافظات الأخرى.
ولم تتح الفرصة لمهند الميداني للدخول إلى الجامعة الحكومية لذا لا يرى فرصة له إلا بالتعليم الخاص.. أو الموازي ويبين الطالب نور الدين الويش أن المفاضلة الأولى لهندسة العمارة هي 195 قفزت بعد المفاضلة إلى 222 ويتساءل لماذا لا يوضع المعدل العالي من البداية فيقل عدد المتقدمين ما يخفف ارتفاع العلامات في المفاضلة الثانية, أم ان الجامعة تسعى للربح من خلال دورات تقوم بها من أجل طلاب الهندسة للتقدم للمفاضلة و رسم الدورة 3500 ل.س فعندما تكون علامة القبول بداية قليلة يندفع عدد كبير من الطلاب لإقامة هذه الدورات وربما لا يحظى أغلبهم بالنجاح, وهذا يعود على الجامعة بالربح الوفير ويضيف لها رصيدا جديدا.
وتعترض الطالبة رنا أسعد على التمييز الذي حصل بين الفرعين العلمي والأدبي من خلال استثناء حاملي الشهادة الثانوية الفرع العلمي بالمعاهد الملتزمة بينما منع ذلك عن الفرع الأدبي فنرى في ذلك ظلما وإجحافا لحملة الشهادة الأدبية وبعد ذلك لا يعلن عن بعض المعاهة الملتزمة بعد انتهاء الفصل الدراسي الأول في الجامعة وبداية الفصل الثاني ما يحرم الكثيرين فرصة الالتحاق بأحد هذه المعاهد .
ويرى الطالب خالد عطفة أن ثمة قفزة كبيرة حدثت في رفع المعدلات وخصوصا بعد المفاضلة الأولى ويضرب مثلا على ذلك معهد الاتصالات, في المفاضلة الأولى كان المطلوب 195 علامة, قفزت العلامة إلى 218 في المفاضلة الثانية وهندسة العمارة من 195 إلى 222 في المفاضلة الثانية هذا حال طلابنا في بداية العام الدراسي الجديد. بين يائس تارة, وحائر وتائه تارات أخرى, والأهل يعيشون لحظات مصيرية مع أبنائهم, فالعين بصيرة, واليد قصيرة.. ولاحول ولاقوة.. إنهم وأبناءهم على مفترق الطرق.. إما الدراسة وإما الهزيمة والفشل.. ولكن هل وزارة التعليم العالي تشرب من الكأس نفسه أم للمعنيين رأي آخر؟
سياسة الاستيعاب ومعاييرها
السيد د. علي أبو زيد معاون وزير التعليم العالي يقول موضحاً: يسجل في البداية لوزارة التعليم العالي أمر هام في هذا العام وهو أنها أصدرت نتائج المفاضلات دفعة واحدة (المفاضلة العامة, ومفاضلة المناطق النامية, والشبيبة, وأبناء أعضاء الهيئة التدريسية, وأبناء الشهداء). وتم تنفيذ ما أقر في لجنة الاستيعاب العليا, لاستيعاب الطلاب هذا العام, ونستطيع القول: حصلت زيادة في أعداد المقبولين لهذا العام قدرها 12 ألف طالب زيادة على أعداد المقبولين في العام الماضي وكان ذلك نتيجة لافتتاحات جديدة حصلت في الجامعات ساعدت على توفير فرص قبول إضافية من أعداد الطلاب.
وعن سياسة الاستيعاب ومعاييرها قال: يتم القبول وفق الاعداد المحددة في قرار لجنة ا لاستيعاب العليا برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء أماالأعداد التي ستقبل في التعليم الموازي وفي مفاضلة السوريين غير المقيمين فهي أعداد إضافية على الأعداد المقررة وليست منها.. فهي زيادة على الاستيعاب كما هو مقرر في مجلس التعليم العالي وفي لجنة الاستيعاب, وهذه الزيادة تفتح فرصاً إضافية لقبول الطلاب..
* كيف يتم تحديد معدلات القبول؟
** فيما يتعلق بمعدلات القبول فإن هذا الأمر مرتهن بأمرين: الأول هو أعداد الناجحين في الثانوية العامة ومعدلات نجاحهم..
والأمر الثاني هو الطاقة الاستيعابية للجامعات, حيث تقوم وزارة التعليم العالي بالتنسيق بين هذين الأمرين فقط.
فارتفاع معدل القبول في كلية ما, أو انخفاضه ينبني على هذين الأمرين معاً, مع ملاحظة أن عدد الناجحين في الثانوية العامة هذا العام بلغ نحو 168 ألف طالب, أي بزيادة نحو 24 ألف طالب عن العام الماضي.
كما أن معدلات النجاح المرتفعة تظهرفي العلامات المتوسطة أي في العلمي مثالا تتراوح بين 180-230 درجة وهذا يؤدي بالنتيجة إلى ارتفاع بسيط في علامات القبول للكليات التي يكون القبول فيها ضمن هذه الشريحة, لذلك كانت نتائج المفاضلة لهذا العام محافظة على الحدود الدنيا للكليات الأولى الطبية مع ارتفاع بسيط في الكليات والأقسام التي تليها.
كما أن ارتفاع المعدلات في أي قسم أوكلية مرتهن أيضاً برغبات الطلاب المتقدمين إلى هذا الاختصاص والأعداد الممكن استيعابها, لذاقد يرتفع معدل في اختصاص نتيجة الاقبال عليه وربما ينخفض في اختصاص آخر لقلة المتقدمين إليه..
* إلى أي حد راعت الوزارة رغبات الطلاب؟
** بالنسبة لمفاضلة هذا العام حققنا قدر الامكان رغبات الطلاب مع الاستيعاب الاكبر لهذه الطلاب وهناك سعي حثيث لافتتاحات جديدة في الجامعات بغية زيادة فرص القبول الجامعي لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب في الاعوام القادمة.
* يوجه لوزارة التعليم العالي اتهام برفع المعدلات لتشجيع التعليم الخاص فكم يحمل هذا القول من الحقيقة؟
** هو اتهام وليس حقيقة لأن وزارة التعليم العالي كما قلت ليست معنية برفع المعدلات ولا بانخفاضها هي تقوم بدور التنسيق بين أعداد الناجحين والطاقة الاستيعابية للجامعات وما سوى ذلك من أنماط تعليمية استحدثت في سورية مثل التعليم الموازي والسوري غير المقيم والتعليم المفتوح والجامعة الافتراضية والجامعة الخاصة هي فرص جديدة منحت لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب وبالنتيجة فهي جميعها مؤسسات وطنية تسعى لتطوير التعليم العالي ولخدمة ابناء الوطن وتقديم العلم والمعرفة لهم ضمن حدود الوطن..
وجدير بالذكر أن وزارة التعليم العالي أعلنت المفاضلة الخاصة بالتعليم الموازي والسوريين غير المقيمين لاستقبال طلبات المتقدمين إلى هاتين المفاضلتين وسيبدأ تقديم الطلبات يوم الخميس 6/9 في مراكز التسجيل المعتمدة في الجامعات.
* هل ستصبح الجامعة الحكومية حلما لكل طالب أم للوزارة شأن آخر؟
** الجامعات الحكومية هي حقيقة وليست حلما والدخول إليها حقيقة متميزة في سوربة مقبول 130 ألف طالب في العام الماضي في الجامعات الحكومية حقيقة وبرسوم رمزية قياسا إلى الجامعات الأخرى في العالم وإلى الجامعات الخاصة.
ومع هذه الزيادة في المعدلات فإن أعداد المقبولين في الكليات ولاسيما الطبية منها أكبر من الطاقة الاستيعابية للكليات ولكن الحرص على استيعاب هؤلاء الطلاب يدفعنا إلى تحميل الكليات أعدادا أكبر من استيعابها لتحقيق هذه الغاية ويجب أن نذكر في هذا الموضوع أن هناك أمرا يؤثر في معدلات القبول وهو الناجح ويعيد, والمعلومات لهذا العام أن أعداد الطلاب الذين هم في حكم الناجح وبعيد بلغ 75 ألف طالب من أصل 168 ألف طالب.
فاتن دعبول
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد