معرض عن تاريخ الرغبات الجنسية
متي يكون الفن فنا ومتى يصبح مجرد مادة إباحية أو بورنو؟ إنه سؤال قديم متجدد في الدوائر الفنية، لكنه أصبح محور معرض فني مثير يقام في مركز الباربيكان في وسط العاصمة البريطانية لندن.
المعرض الذي يحمل اسم " إغواء- الفن والجنس منذ القدم وحتى الوقت الراهن" يضم أعمالا فنية تغطي ألفي عام ولمجموعة من أشهر فناني العالم.
هذه الأعمال تكشف ثقافة الكائن البشري في أكثر لحظاته حميمية، ألا وهي تفكيره وممارسته للجنس.
وقد أمضت كيت بوش، رئيسة قسم الفن في معرض باربيكان، خمس سنوات وهي تنتقي مجموعة الاعمال الفنية التي يشملها المعرض.
تقول بوش " ليس للأمر علاقة بالإباحية (البورنو) إنه معرض ذا مغزى، احتفال بما يربط بني البشر معا عبر الأزمنة والثقافات".
ويهدف المعرض إلى استكشاف تاريخ ما أصبح مقبولا كفن وإلقاء الضوء على التيارات الفنية المعصرة.
وبالتأكيد فقد تغيرت تلك التيارات كثيرا، فأول المعروضات التي ستراها هي غطاء من البرونز مثل ورقة التوت، كان قد صنع لإخفاء عورة نسخة من تمثال داوود للفنان الإيطالي مايكل إنجلو وضعت في متحف ألبرت آند فيكتوريا، وذلك لرفع الحرج عن الملكة فيكتوريا عندما تزور المكان.
بعد ذلك سيمر الزائر بغرفة تضم التماثيل الخزفية لأرباب وربات اليونان بعدها يطالع التماثيل واللوحات الإيروسية التي ميزت عصر النهضة الأوروبية، وأخيرا الصور الساخرة التي رسمها جيف كونز ويتهكم فيها من صناعة البورنو.
البروفيسور مارتن كيمب هو أحد المشرفين على تنظيم هذا المعرض وهو أستاذ لتاريخ الفن في جامعة أكسفورد، يقول إن تجربته في حشد هذه المجموعة الفنية معا علمه "كم نحن متشابهون في صورنا عن الجنس والمتعة، وأيضا، كم هو صعب عرض ما يدور في حياتنا الخاصة للملأ".
ويضيف البروفيسور كيمب" لم توجد أي حضارة لم تواجه مشكلة عندما يتعلق الأمر بهذه النقطة".
وقد أصر المشرفون على المعرض على ان تكون الأعمال المعروضة قاصرة على إظهار الفعل الجنسي بين البالغين وبالتراضي، ومنع أي عمل يتضمن العنف أو الجنس مع الاطفال.
ورغم أن الكثير من الأعمال المعروضة يمكن رؤيتها في أي متحف أو قاعة فنية دائمة، فإن الدخول إلى معرض "الجنس والفن" في قاعة الباربيكان قاصر على البالغين ممن تزيد أعمارهم عن الثامنة عشرة.
فهل ثمة فارق جوهري بين الفن والخلاعة ؟
بالتأكيد، فكلما كان العمل الفني قديما، كلما بدا مقبولا كفن بالنسبة لنا عن كونه مادة إباحية أو بورنو.
ويؤكد البروفيسور كيمب على أن الفن أكثر تعقيدا من البورنو، فهو يثير داخلنا مزيجا من العواطف، أما الفارق الكبير الآخر فيتمثل في الجودة.
ويضيف " لقد أصبحت تلك النقطة واضحة ، أين ينتهي البورنو ويبدأ الفن. فلو نظرت إلى الأسقف الجصية من العهدين الروماني والإغريقي فستعرف أنهم كانوا يستخدمون فنانين في تصميمها، لكنك لو ذهبت إلى حي سوهو أو بيت دعارة في الوقت الراهن فلن تجد لوحات رسمها فنانون كبار".
"كما أنك لو تطلعت إلى الأعمال الفنية اليابانية فستجدها أكثر إباحية مما يعرف الغرب، لكن مستوياتها الفنية رفيعة للغاية، إنها أعمال دقيقة ورائعة وعالية المستوى".
هذه الأعمال الفنية اليابانية التي يتحدث عنها كيمب كان لها رواد كبار من بينهم هوكوساي، فالاعمال الخشبية المجسمة تظهر رجالا ونساء في ملابس فاضحة وفي أوضاع فاضحة أيضا وكان الهدف الأساسي منها وضعها في بيوت الدعارة والمنازل.
كما يضم المعرض الراهن مجموعة من الأعمال الصينية لمشاهد جميلة لممارسة الجنس في حدائق هادئة، لكننا لا نعرف سوى القليل عن تراث الإيروسيا الصينية لان أعمال تلك الحقبة قد دمرت إبان الثورة الثقافية للزعيم ماو تسي تونج.
ويلقي معرض الباربيكان الضوء على النظرة إلى الجنس من قبل الثقافات المختلفة وفي عصور مختلفة.
أما ما يبينه المعرض بجلاء فهو كيف تغيرت الأساليب الفنية على مر القرون بينما ظل الكائن البشري ورغباته كما هي دون تغير.
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد