«حرارة عالية» في معرض الزهور في دمشق
العثور على مسرح الهواء الطلق، الموجود في «حديقة تشرين» في دمشق، لم يكن بالأمر السهل مساء الاثنين الماضي. فرقة «حرارة عالية» الحديثة نسبياً على وشك تقديم حفلة هناك، والحديقة الواسعة تستضيف معرض الزهور الدولي وتعج بآلاف الزوار.
الاستدلال الى المسرح، يقود أخيراً الى مدرج دائري، على النمط الروماني، فيه القليل من الحضور. لا أثر لتجهيزات تدل على ان حفلة ستقام، لكن شاشة ضخمة نصبت في عمق المسرح، ومكبر صوت بدأ يئز. يظهر على الشاشة ممثلون وفيلم أجنبي، ومقطع الترجمة ينقل: «ستكون الحرارة عالية هذا المساء». هل هي إحدى «شطحات» مدير الفرقة ومؤسسها معن خليفة، وهل اختار ان يفاجئ الناس ويبدأ الحفلة بلمسة غرابة؟ سيظن ذلك المطلع على تجربة خليفة، خصوصاً إذا سمع من بعض زملائه الموسيقيين ما يقولونه عنه أنه «لم يعد يعرف ماذا يريد، وماذا سيفعل».
وفي جانب آخر من الحديقة، كان مسرح آخر للهواء الطلق يستضيف فرقة «حرارة عالية»، ولم يكن أحد منها، مديرها أو المغنون والعازفون، في وارد مفاجأة أحد. العازفون يلعبون على آلاتهم لحن «روك» والمغنية تؤدي بلهجة سورية «صدفة اليوم». ومعن خليفة يصول ويجول خلف الجمهور الذي احتل أماكنه وقوفاً وجلوساً على عشب الحديقة. لماذا ليس على الخشبة؟ يقول انه مدير الفرقة، وموجود فيها كملحن وكاتب «وأعضاء الفرقة كلهم تقريباً من عمر واحد، وأحب ان أراهم معاً ولا أريد ان أشد الأنظار إلي، فأنا أكبر منهم وأكثر خبرة».
وعلى رغم ان زوار معرض الزهور الذي تقام الحفلة ضمن فعالياته كانوا بالآلاف، إلا ان الموجودين في الحفلة لم يتجاوزوا بضع مئات. ويعزو معن الأمر، بالإضافة الى ضعف الدعاية، الى ان طبيعة الجمهور الزائر تفرض ذلك، فهو «جمهور جوّال» ينتقل الى الحفلة باعتبارها محطة توقف، ويتابع طريقه.
قدمت الفرقة مجموعة أغنيات جديدة، دأبت على تقديمها منذ إطلاقها قبل اشهر قليلة. تحضر فيها أصوات جديدة مثل المغنية رغد العنزي، ولها صوت قوي وجميل وأداؤها لافت، وهي العائدة الى الغناء بعد توقفها عن دراسته، وإنهائها دراسة آلة الفلوت في المعهد العالي. وحضر أيضاً صوت المغني ينال طاهر كضيف على الفرقة التي تتبنى الاستضافة.
اغنيات الفرقة تأتي ضمن مشروع أسطوانة ستطلقها قريباً، وكلها بعنوان «طفلة في الحب»، كما يشير مديرها الذي لحّن الأغاني التي ستتضمنها الأسطوانة (6 أغنيات)، وكتب كلماتها ماعدا واحدة، المذيع والمسرحي أمجد طعمة. «طفلة في الحب» هي أغنيات تتحدث جميعها عن «المرة الأولى التي تحب فيها الفتاة، وعن أشياء ذلك الحب»، يوضح معن الذي يتحدث أيضاً عن مشروع آخر يعد له (ملحناً وكاتباً)، على المستوى الشخصي وليس ضمن الفرقة بعنوان «نساء». وهذا الأخير «عن حب المرأة الناضجة». لكن ألا يبدو غريباً ان معن يعمل على جبهتين متماثليتن، الفرقة والمشروع الشخصي، في الوقت ذاته؟ ألم تعد فرقة موسيقية تكفي لتغطية كثافة إنتاج مديرها؟ يرد الموسيقي معترضاً بأن «طفلة في الحب» يحتاج أجواء الفرقة وحيويتها في العزف الحي. أما «نساء» فيعتمد أكثر على تقنيات الاستوديو والكثير من مؤثراته». وعلى رغم ان معن يقر بأن كلا العملين يسجلان في الاستوديو، واحد بإيحاءات العزف الحي (وليس تسجيل حفلة حية) والثاني مع المؤثرات، إلا انهما يختلفان.
ومعن الذي يقول ان يوم سعده عندما يقال عن فرقته «شعبوية» وشعاره «عمل البسيط وجمهور البسيط سأبحث عنه بحرارة عالية»، يعترض على قول زملاء عنه انه «لا يعرف ما الذي يريده»، ويرد بأن «الأمر واضح تماماً» بالنسبة إليه.
وعلى رغم انه أسس الفرقة، بعدما أصدر أسطوانة «مطرز» التي لم تحقق نجاحاً يذكر، فإن معن خليفة لا يعتبر ذلك مأخذاً. ويقول «أسست هذه الفرقة منذ 5 سنوات عندما لم يكن موجوداً إلا فرقة «كلنا سوى»، وفرطت الفرقة بعدما سافرت الى الخارج للدراسة، وعدت الى تأسيسها أخيراً». واللافت في عمل الفرقة ان كل الحفلات التي قدمتها كانت «حفلات مناسبات»، من حفلة يوم المسرح العالمي ومناسبات اخرى لوزارة الثقافة وصولاً الى معرض الزهور. فهل جاء إنشاء الفرقة لسد حاجة «المناسبات»؟ هنا يقر مدير الفرقة بأنه يطلب «أجراً قليلاً»، ولا مانع لديه بمقايضة ذلك «بكثرة الحفلات والانتشار». ومعن الذي دأب على تبني «خطاب» المدافع عن الأغنية السورية ووجودها، لا يعتبر ان تقديمه «أغنية روك» يعارض «مشروعه».
مشاريع كثيرة، مع الفرقة وأخرى شخصية من بينها أغنيات صوفية ملحنة سيحاول معن خليفة تقديمها في شهر رمضان المقبل. ويقول انه لحن أيضاً قصائد للمتنبي ويريد تقديمها. وإزاء هذه «الزحمة» المتنوعة، ربما يصح تساؤل البعض ان كان هذا الموسيقي يعرف فعلاً ما يريده؟!
وسيم ابراهيم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد