سوريا تدعو لعدم السماح بنشر «شريعة الغاب»
طالبت سوريا، أمس، بـ»توضيحات رسمية« من واشنطن وبغداد حول الاعتداء الأميركي الذي استهدف مدنيين في منطقة البوكمال قرب الحدود مع العراق، فيما أعلنت السفارة الأميركية في دمشق أنها ستغلق أبوابها اليوم، داعية أفراد جاليتها إلى الحفاظ على أمنهم الشخصي، في وقت تلقى الرئيس بشار الأسد رسالة من الملك الأردني عبد الله الثاني.
ونقلت وكالة »سانا« عن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قوله إنّ »الخارجية السورية طلبت من الحكومتين الأميركية والعراقية توضيحات رسمية حول هذا الخرق غير المقبول للسيادة السورية قبل اتخاذ مزيد من الإجراءات«. وأبلغ المقداد السفراء العرب والأجانب المعتمدين في دمشق بالتطورات التي حصلت منذ الغارة الأميركية، معرباً لهم عن »شكر سوريا لحكومات بلدانهم التي عبرت بوضوح عن إدانتها لهذا العمل العدواني غير المبرر«، ومطالباً المجتمع الدولي بـ»الدفاع عن سيادة القانون الدولي وعدم السماح بنشر شريعة الغاب في العلاقات الدولية«.
من جهة ثانية، قال المقداد إنّ دمشق ستنظر في أي طلب تقدمه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإعادة تفتيش الموقع الذي استهدفته الطائرات الإسرائيلية في دير الزور العام الماضي، لكنه أوضح أنّ سوريا لن تقبل بتفتيش مواقع عسكرية، معتبراً أنه »لا توجد أية دولة في العالم تسمح بالتفتيش في مواقعها العسكرية«.
في غضون ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في دمشق أنها ستغلق اليوم »بسبب مخاوف أمنية«. وكانت السفارة قد ذكرت أنّ الحكومة السورية وصفت الغارة بأنها »اعتداء إرهابي« وحملت الولايات المتحدة »مسؤولية هذا العمل العسكري وتداعياته«.
وتابع بيان السفارة أنّ »على الجالية الأميركية في سوريا أن تدرك أن أحداثا أو ظروفا غير متوقعة قد تحصل وتؤدي إلى إغلاق سفارة الولايات المتحدة في دمشق إلى أجل غير مسمى«، مذكرة رعاياها بوجوب الحفاظ على أمنهم الشخصي، عبر تفادي الأماكن التي شهدت تظاهرات. وأضاف البيان أن »السفارة الأميركية في دمشق لا تزال قلقة حيال استمرار التهديد باعتداءات إرهابية وتظاهرات وأعمال عنف أخرى بحق مواطنين أميركيين ومصالحهم في الخارج«.
وفي السياق، أعلنت وزارة الخارجية السورية أنها أبلغت القائم بالأعمال الأميركي رسمياً بقرار الحكومة إغلاق المركز الثقافي الأميركي والمدرسة الأميركية في دمشق، رداً على الغارة، حيث طلبت من السفارة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار.
إلى ذلك، تسلم الرئيس الأسد رسالة من ملك الأردن تتعلق بتطور العلاقات بين البلدين والأوضاع الدولية، نقلها إليه رئيس الديوان الملكي الأردني ناصر اللوزي ومدير الاستخبارات العامة في الأردن محمد الذهبي. وأشارت »سانا« إلى ان الرسالة تتعلق بتطور العلاقات بين البلدين، مضيفة أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين بصدد القضايا المطروحة.
كما تلقى الأسد اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وذكرت وكالة الأنبـــاء الفلسطينية »وفا« أنه جرى خلال الاتصـــال بحث جميع القضايا، بما فيها تطـــورات القــضية الفلسطينية والعـــمليات الأخيــرة التي جرت على الأراضي السورية«.
وذكر »المركز الوطني للإعلام« في العراق، نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية، قوله إن »السلطات العراقية قامت، فور وقوع الحادث بالتحقق من الأمر للوقوف على تفاصيل العملية وملابساتها من الجانب الأميركي، وسوف نقدم كافة المعلومات والبيانات إلى الجانب السوري الشقيق حال اكتمال التحقيقات«.
من جهتها، اعتبرت وزيرة الدولة ومستشارة الرئاسة السورية بثينة شعبان أن الولايات المتحدة »انتهكت سيادة دولة وقتلت مواطنين أبرياء« بقصفها منطقة البوكمال. وقالت في مقابلة مع وكالة »إيفي« الاسبانية، ان الهجوم الأميركي »هو عمل يكشف الممارسات الأميركية«، متسائلة عن الفارق بين مقتل المدنيين وهجمات ١١ أيلول و١١ آذار في الولايات المتحدة ومدريد.
وأشارت شعبان إلى أن واشنطن سعت في السنوات الأخيرة إلى »عزل سوريا والضغط عليها وتغيير مسارها«، لافتة إلى أنه رغم هذا الموقف، فإنّ الزيارات التي قام بها المسؤولون الدوليون إلى دمشق، أثبتت أن الولايات المتحدة فشلت في محاولاتها.
وفي برلين أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن قلقه حيال الغارة الأميركية، مطالباً بضرورة تقديم إيضاح لهذا الحادث، فيما اقتصر رد فعل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على التعبير عن »أسفه العميق« لسقوط ضحايا مدنيين والمطالبة بالتعاون الإقليمي من أجل حل القضايا المتعلقة بتأمين حدود العراق مع جيرانها.
في موازاة ذلك، تظاهر عشرات العراقيين في حي أبو رمانة في دمشق على بعد حوالى ٢٠٠ متر من مبنى السفارة الأميركية احتجاجا على الغارة، حاملين لافتات كتب عليها »العراقيون في سوريا يدينون الاعتداء الأميركي على الشعب السوري«، وأطلقوا هتافات مؤيدة للأسد ومنددة بالرئيس الاميركي جورج بوش.
وفي تظاهرة في منطقة البوكمال، أحرق محتجون العلمين الأميركي والإسرائيلي، رافعين لافتات منددة بالعدوان الأميركي على الأراضي السورية، فيما يتوقع أن تشهد دمشق وعدد من المدن السورية اليوم الخميس مسيرات تنديداً بالغارة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد