«مفاجأة الأدلة»: إحباط عمل أمني إسرائيلي كبير شمال الليطاني
شكّل نجاح فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني في كشف شبكات إسرائيلية جديدة، وفي فترة قياسية، مؤشراً، حول نقلة نوعية في تعامل الأمن اللبناني مع هذه الاختراقات، من جهة، ووجود قرار إسرائيلي بتنشيط العمل الاستخباراتي والأمني لجهاز «الموساد» الإسرائيلي، بما في ذلك «الشبكات النائمة»، من جهة ثانية.
في سياق هذه الحرب الأمنية المفتوحة، بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي منذ عقود طويلة، جاءت عملية «الأدلة»، لتشكل ضربة كبيرة لـ»الموساد» الإسرائيلي، في ظل ما يتمتع به من إمكانات وتقنيات وشبكات وخبرات، خاصة أن قوى الأمن الداخلي اللبناني، قد انخرطت منذ سنتين تقريباً، وتحديداً في أعقاب «حرب تموز» في عملية رصد الشبكات الإسرائيلية، «عبر تشكيل خلية متفرغة في فرع المعلومات، لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، عدا خلايا أخرى متخصصة بمواجهة التهديدات الأصولية الإرهابية وغيرها»، على حد تأكيد مرجع أمني بارز.
وتأتي هذه التأكيدات، في محاولة لوضع النقاط على الحروف، خاصة أن البعض حاول أن يدرج إنجازات فرع المعلومات، في خانة الاستثمار السياسي أو تلميع الصورة، أو «التكيف» مع المرحلة السياسية الجديدة.
وفي التفاصيل، أن فرع المعلومات تمكن من وضع يده على خلّيتين مرتبطتين بجهاز «الموساد» الإسرائيلي، تتألّف الأولى من عميلين، والثانية من عميل واحد ولكنها مفتوحة الى حد كبير على احتمال أن تضم آخرين.
وقال مرجع أمني لبناني بارز ان الخليتين اعترفتا بالعمل لصالح «الموساد»، لكن تبين بالملموس خلال الساعات الثماني والأربعين الأولى من التحقيقات أن عناصرهما مدربة تدريباً محترفاً على مواجهة عمليات الاعتقال والاستجواب، ولذلك من غير المتوقع أن تظهر النتائج الأساسية قبل ايام.
ويشرح المرجع الأمني أنه قبيل سنة ونصف تقريباً، بدأت عملية رصد مجموعة أهداف، وكان بينها أديب العلم، وتم القاء القبض، على أشخاص وتبين أنهم غير متورطين، ولذلك تقرر تنويع وسائل العمل، العلمية المتطورة جداً أو التقليدية، وكانت «الداتا» جزءا منها ولكنها ليست كلها، ولاحظنا أن هناك توجهاً إسرائيلياً، في مرحلة ما لجعل معظم الشبكات نائمة.
وأضاف المرجع أنه بعيد رأس السنة بفترة وجيزة، تم تزخيم عمل الشبكات الاسرائيلية (بعد مضي شهور على إلقاء القبض على شبكة علي الجراح من قبل جهاز المخابرات في الجيش اللبناني)، «وذلك بموجب أمر مركزي، وهو الأمر الذي أشعرنا بأن اسرائيل تحضر لعمل أمني كبير جداً في لبنان، يكون بديلاً للعمل العسكري، حيث كانوا يحاولون الوصول الى أهداف ونقاط حساسة جداً للمقاومة اللبنانية».
وإذ لاحظ المرجع أن الجانب الاسرائيلي كان يركز في حركته على أهداف للمقاومة شمال نهر الليطاني، بما في ذلك في البقاع وداخل الأراضي السورية، أكد أن أديب العلم كان محور رصد منذ سنتين، ولكن بعد التنشيط الأخير للخلايا، تم الانقضاض عليه، وتم اكتشاف تقنيات متطورة جداً للعمل والاتصال والرصد، وفي الوقت نفسه، كنا نعمل على أهداف أخرى، فألقينا القبض في الوقت عينه، على خليتين منفصلتين عن شبكة أديب العلم، ولا تمتان إلى بعضهما بأية صلة، الأولى، تضم اللبناني (روبير إدمون ك.)، من زحلة، ويسكن في منطقة عريض دبين القريبة من مرجعيون ويعمل مع أشقائه في مجال تأجير الجرافات والآليات والرافعات الثقيلة، وأحواله المادية أكثر من جيدة، ويملك منزلاً مجاوراً لموقع الاحتلال الإسرائيلي السابق في تلّة الشريقي الذي نسفته المقاومة بُعيد انسحاب الاحتلال من الجنوب عام 2000.
كما جند روبير الفلسطيني (محمد إبراهيم ع.)، الذي يقيم في محلّة الفيلات في صيدا، ويعمل في إحدى شركات مستلزمات البناء في الزهراني وتم إلقاء القبض عليه.
ومن المرجح أن يكون عمل هذه الشبكة قد بدأ بعد «حرب تموز» 2006.
أما الخلية الثانية، فتضم اللبناني علي حسين م. من بلدة زبدين ويقيم في النبطية ويملك فرناً وملحمة عند مدخل زبدين. ومن المرجح أن يكون علي م. قد تم تجنيده منذ سنوات.
وشدد المرجع على أن شبكة العلم منفصلة عن الخليتين، وأن الخلية الثانية، المنفصلة تماماً عن الأولى، ربما تضم آخرين وهو الأمر الذي ستبينه التحقيقات في الساعات الثماني والأربعين المقبلة.
واذ أكد المرجع أنه من المبكر تحديد طبيعة عمل كل خلية، الا أن مصادر أمنية متابعة قالت إن دور إحداهما ربما يتخطى الاستطلاع وجمع المعلومات الى التنفيذ، وأشارت الى أن الاسرائيلي، يبدو مطمئنا من الناحية الأمنية في جنوب الليطاني ولذلك ركز عمل خلاياه في شمال النهر، (يشمل ذلك البقاع والضاحية والعاصمة)، من أجل رصد الجهوزية وتراكم عناصر القوة والردع لدى المقاومة.
وكشفت المصادر أن عمليات دهم منازل الأشخاص الثلاثة في مرجعيون وصيدا وزبدين أسفرت عن ضبط أجهزة كمبيوتر وأقراص مدمجة وهواتف خلوية دولية اسرائيلية، كما صودرت سيارات المتهمين وهي: من أنواع «فولفو» و»رابيد» و»ب.م.ف.» تحتوي على أجهزة G.P.R.Sمتطوّرة تختص بكشف إحداثيات المناطق المنوي مراقبتها.
واشارت المصادر الأمنية الى وقوع «الموساد» الاسرائيلي في فخ التعليمات المركزية الموحدة التي أعطاها الى عدد كبير من الخلايا بعد اكتشاف شبكة العلم، وهو الأمر الذي أفسح في المجال أمام وضع اليد على الخليتين الجديدتين، «وربما أعطانا مادة جديدة للكشف عن خلايا أخرى وهذا ما ستبينه الأيام والأسابيع المقبلة»، رافضة الخوض في طبيعة التعليمات التي أعطاها الإسرائيليون لخلاياهم، وهل هي تقنية أو عملانية الخ...
الى ذلك، اشاد «حزب الله» بإنجازات فرع المعلومات وقال النائب حسن فضل الله خلال احتفال تأبيني في رميش «إن اكتشاف شبكات التجسس الإسرائيلية من قبل أجهزة أمنية رسمية هو محل ثناء وتقدير اللبنانيين، وهذا يظهر حجم التهديد الإسرائيلي المستمر لأمن واستقرار لبنان وخرق حرمة سيادته، كما يبين الدور التخريبي لهذا العدو، الذي طالما حذرنا منه ودعونا إلى ضرورة مواجهته، وكنا دائماً ننبه القوى السياسية إلى إمكان أن يكون العدو الإسرائيلي وراء الكثير من جرائم التفجير والاغتيال التي وقعت في لبنان، بهدف إيقاع الفتنة بين اللبنانيين أو على الأقل وضع هذا الاحتمال في سياق المتابعات والتحقيق لتلك الاستهدافات للأمن اللبناني، لكن هذه القوى ظلت تكابر وتعاند وبعضها لا يزال إلى اليوم يكرر خطاب الماضي لحساب مصالح سياسية ضيقة على حساب مصلحة أمن الوطن والوصول إلى الحقيقة».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد