مذكرة القومي الاجتماعي حول مشروع قانون الأحوال الشخصية
الجمل: أصدرت منفذية دمشق للحزب السوري القومي الإجتماعي مذكرة في مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية الموضوع إنفاذاَ لقرار مجلس الوزراء رقم 2437 تاريخ 7/6/2007هذا نصها:
إذا كانت النية معقودة اليوم لإصدار قانون موحد للأحوال الشخصية ، يسري على كافة المواطنين ، فإننا و انطلاقاَ من مفهومنا كحزب سوري قومي اجتماعي يؤمن بوحدة المجتمع السوري المنسجم بمختلف طوائفه واثنياته وأصوله ، نؤكد على ضرورة صياغة الأنظمة والقوانين التي تطبق على الجميع سواسية .
إلا أننا وبعد أن اطلعنا في منفذية دمشق، في الحزب السوري القومي الاجتماعي على مسودة المشروع الذي أعد من قبل لجنة مكلفة من قبل رئاسة مجلس الوزراء ، لاحظنا وجود تجاوزات دستورية، واختراقات للعقائد الدينية و رجعة إلى مفاهيم بالية لا تتناسب مع مفاهيم العصر والتطور و فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية على صعيد الرجل والمرأة ، ونشير لخطورة ورود تعبير " ذمي" لما فيها من دلالة لعدم المساواة في المواطنة.
كما لوحظ مخالفة هذا المشروع لنص الدستور ،وخاصة ما يتعلق بحرية المعتقد وفق المادة 25 منه والتي تتحدث عن حرية الاعتقاد و المساواة، وبالتالي فان جميع المواطنين السوريين متساوون أمام القانون دون تفرقة بين جنس أو دين أو عرق.
ويأتي هذا المشروع بذلك مخالفاَ للتطور الديمقراطي الذي تميزت به سورية خلال العقود الأخيرة وأصبحت دولة رائدة في هذا المجال.
غير أن التطور والتقدم لم يرق لبعض المناهضين لتطور سورية العلماني وتحديث مؤسساتها ، فحاولوا الرجوع بنا إلى غياهب عصور الانحطاط وهيمنة المحاكم الشرعية ، بل والتصدي للمادة 18 من مقررات المعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والذي انضمت سورية إليه بالمرسوم التشريعي رقم 13 تاريخ 12/1/1969.
ونعدد فيما يلي بعض المخالفات التي تضمنها مشروع هذا القانون:
أولا : خالف المشروع مبادئ الدستور وقانون الأحوال المدنية والقانون الدولي ؛ فأخضع أحكام المحاكم الروحية للطعن أمام غرفة شرعية خاصة في محكمة النقض(المادة14).
ثانياَ : أوكل للغرفة الشرعية الخاصة تصحيح قيود الأحوال المدنية ، و دون الحاجة لمراجعة أي سلطة قضائية أو إدارية (المادة17) خلافاَ لاختصاص محاكم الأحوال المدنية المحدد بالمرسوم التشريعي رقم 26 في 12/4/2007 (المادة26) وقاضي صلح المنطقة .
ثالثاَ : تجاوز على حقوق الدول في تنظيم أوضاع رعاياها إذ كرس اختصاص المحاكم الشرعية في الدعاوى والمعاملات الخاصة بالأحوال الشخصية للمسلم الأجنبي و لو كان خاضعاَ في بلاده لقانون مدني (المادة 19)، و لا ندري ما سيكون أثر لهذه القاعدة من وقع في الدول التي تتناولها، ومن أثر في تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء السوري إذا تعرضت لسيادة الدول المذكورة وحرية مواطنيها.
رابعاَ : نصت المادة 294 من المشروع على أن الحضانة تقتصر على الأم المسلمة فقط إذ خشي على المحضون " أن يألف غير دين الإسلام وعاداته" وفي هذا تفريق بين المواطنين المتساوين بالحقوق والواجبات على مختلف دياناتهم ، بينما يفترض أخذ الاعتبارات الخاصة لكل حالة وترجيح الحق الطبيعي على الاعتبارات الطائفية .
خامسا: خلق بدعة دعوى الحسبة التي تطال أي مواطن ، والتي تشكل خطراَ حقيقياَ على أفراد المجتمع ،وتفتح الباب لإساءة استعمال السلطة و ابتزاز الأفراد لبعضهم.
وسيضيق حجم هذه المذكرة عن التعرض لجميع مخالفات هذا المشروع لحقوق الإنسان والدستور والقانون المدني والاتفاقيات الدولية وما تطرق له في النواحي الأخرى من جهة التبني والإرث والوصايا والتعبير عن الإرادة والوقف .
وأخيراَ ،نحن السوريون القوميون الاجتماعيون في منفذية دمشق ومن منطلق وطني مبدئي قومي اجتماعي ، متمسكين بمبادئنا الإصلاحية الخمسة والتي تدعو أول ثلاثة منها إلى:
أولاَ : فصل الدين عن الدولة .
ثانياَ: منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.
ثالثاَ: إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب.
نرى أن هذا المشروع هو مشروع افتعال للفتن بين أبناء الوطن الواحد ، بينما تسعى سورية بعلمانية قيادتها السياسية وشعبها المنسجم والمندمج بكافة أطيافه لمواكبة التقدم والحضارة .
أما الحل البديل لتقوية أواصر الوحدة الوطنية وترسيخ النظام الاجتماعي الواحد الموحد فيكون بمثول جميع المواطنين بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الطائفة أمام قانون واحد موحد عنوانه القانون المدني ،دون أن يكون لأي مجموعة أو طائفة قانون خاص يطبق عليها دون سواها ، أو أن تطبق قوانين أو شرائع أو أعراف و أنظمة مجموعة من الناس على مجموعة أخرى.
وقد يكون من الواجب الوطني أن نبدأ بالإعداد لهذا القانون المدني ، وليكن اختيارياَ بالنسبة للأحوال الشخصية ، فهو الذي يوحد الرؤية وينسجم مع كافة الشرائح الاجتماعية ،دون أن يمنع ذلك، و لمن يرغب ،أن يبقى على تطبيق القوانين الدينية لطائفته.
وهذا من منطلق إيماننا المطلق بأن القوانين الخاصة " لبعض المواطنين" دون سواهم سواء أكانت دينية أم عشائرية أم مناطقية تؤدي إلى تفتيت المجتمع بينما سعينا المستمر أن نكون ونبقى مجتمعاَ واحداَ متساوياَ أمام القانون وفي الحقوق والواجبات .
دمشق 10/7/2009
منفذ عام دمشق
الرفيق سمير حجار
إضافة تعليق جديد