أوباما يوبّخ نتنياهو وعباس والعرب ويذعن للاستيطان
سجل الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم أمس «إنجازا تاريخيا» بنجاحه في الجمع بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وألقى كلمة سياسية أعلن فيها بداية هبوطه عن سلم مطالبه التي طرحها هو ومستشاروه على إسرائيل، وفي مقدمتها تجميد الاستيطان بشكل تام وشامل، وتحدث عن «كبح» الاستيطان. ووبخ أوباما نتنياهو وعباس، بشكل صريح، والزعماء العرب، بشكل مضمر، عندما وزع الذنب في عدم تحقيق اختراق حتى اليوم. وكان المديح الوحيد الذي كاله في هذه الكلمة موجها للحكومة الإسرائيلية التي سهلت على الفلسطينيين في الضفة الغربية حياتهم وتنقلاتهم.
وبدا في اللقاء، أن نتنياهو لم يساعد لا الرئيس الأميركي ولا الرئيس الفلسطيني في النزول عن شجرة تجميد الاستيطان العالية. فقبل اللقاء تم الإعلان عن بدء الحفريات لإنشاء مستوطنة جديدة جنوبي القدس كملحق لمستوطنة بيتار عيليت. وذكرت صحيفة «هآرتس» أنّه يتم حالياً بناء عشرات الوحدات السكنية، وهي غير مشمولة بالمصادقة الأخيرة للحكومة الإسرائيلية على بناء 455 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. كما أن نتنياهو لم يقبل استغلال مناسبة اللقاء والإعلان عن تجميد الاستيطان ولو وفق الصياغات التي تم التفاهم عليها في مفاوضات مطولة مع الإدارة الأميركية.
وفي مستهل اللقاء الثلاثي الموسع، أدلى الرئيس الأميركي بتصريح أقرب ما يكون إلى توبيخ الطرفين العربي والإسرائيلي جراء عدم التقدم في المفاوضات. وقال إن «زمن الحديث عن بدء المفاوضات قد ولى. وحان وقت التقدم. فالأمر حاسم ليس فقط للفلسطينيين ولإسرائيل. إنه حاسم أيضا للعالم وحاسم للولايات المتحدة. وهذه هي رسالتي للزعيمين. رغم كل العقبات في التاريخ، ينبغي البدء بالمفاوضات».وقال أوباما: «سننجح إذا فهمت كل الأطراف أن في الأمر قدرا من الإلحاح». وشدد على التزام الولايات المتحدة بتحقيق السلام في الشرق الأوسط «الذي يشمل أيضا حل الدولتين، دولة إسرائيل وفلسطين، وأن يعيش الشعبان بسلام جنبا إلى جنب. لذلك فإن مبعوثين من قبلي، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، و(السيناتور جورج) ميتشل يعملان من أجل بناء أسس. ينبغي على الفلسطينيين بذل المزيد من أجل التقدم بالمفاوضات، كلما خطا الإسرائيليون خطوات لكبح النشاط الاستيطاني، على الدول العربية أن تتخذ خطوات».
وتحدث أوباما عن تحقيق تقدم في الاتصالات بشأن الصراع العربي الإسرائيلي منذ بدئها في كانون الثاني الماضي. وقال إن «مبعوثيّ عملوا دون كلل»، اضاف ان ميتشل سيبدأ الأسبوع المقبل اتصالاته مع وفدين من إسرائيل والسلطة الفلسطينية سيصلان العاصمة الأميركية، وكلينتون ستقدم تقريرا له عن مجرى المفاوضات منتصف الشهر المقبل.
ولوحظ أن دنيس روس كان في جوار أوباما في اللقاءات التي جرت أمس مما يشير إلى أن الرئيس الأميركي أدرك أن سياسة مستشاريه السابقين كانت فاشلة. ويحاول روس أن يعرض دبلوماسية أميركية لا تقوم على دفع الأطراف نحو صيغة محددة وإنما محاولة تقليص التوتر وحل الخلافات من دون افق سياسي. كما لوحظ أن أوباما تجنب عملياً الصدام مع نتنياهو، وحاول ممارسة الضغط على عباس الذي خرج من هذا اللقاء أضعف من أي وقت مضى.
وقد استبق أوباما اللقاء الثلاثي بعقد اجتماع مع نتنياهو وفريقه لنصف ساعة خصص بعدها نصف ساعة أخرى للاجتماع مع عباس. وفي ختام هذا اللقاء، وبحسب السيناريو المعد سلفا، دخل نتنياهو إلى الاجتماع الثنائي ليتحول بعدها هذا اللقاء إلى ثلاثي سرعان ما دخلوا بعده إلى قاعة سبقهم إليها أعضاء الوفود الثلاثة. وأشار مسؤولون إسرائيليون حضروا اللقاء إلى أن أوباما امتدح إجراءات حكومة نتنياهو لتسهيل حياة وتنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية في الأشهر الخمسة الأخيرة.
ومن الواضح أن نتنياهو الذي تفاخر رجاله بأنه أدار المعركة السياسية مع الأميركيين والفلسطينيين حول تجميد الاستيطان باقتدار يحاول العودة من نيويورك بأقل قدر ممكن من الخسائر وبأكبر قدر من الإنجازات. وقد أشار نتنياهو إلى أن الجانبين اتفقا على ضرورة استئناف محادثات السلام بأسرع ما يمكن. وقال «هناك اتفاق عام، يشمل الفلسطينيين، ويقضي بوجوب استئناف عملية السلام في أسرع وقت ممكن من دون شروط مسبقة». وفي المقابل فإن الرئيس الفلسطيني يريد من أوباما أن يضغط على نتنياهو لتجميد الاستيطان من ناحية، وتدشين العملية السياسية بهدف مناقشة قضايا الحل النهائي ضمن جدول زمني.
وفي العموم، فإنّ التصريحات التي أعقبت القمة الثلاثية أتت متناقضة، رغم الحديث عن توافق على ضرورة الإسراع في استئناف المفاوضات، فقد أعاد عباس التأكيد على ضرورة ان توقف إسرائيل الاستيطان في الضفة الغربية قبل استئناف عملية السلام، وهو ما رفضه نتنياهو، فيما أكد ميتشل أنّ واشنطن لا تقبل بالشروط المسبقة.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد