الحكومة الفرنسية: حظر النقاب خلال شهر
الحكومة الفرنسية حزمت أمرها وقررت حظر النقاب في فرنسا، ووضعه خارج القانون قريبا. القرار ارتدى طابعا وطنيا وسياسيا استثنائيا لاتخاذه بعد اجتماع في الاليزيه ضم إلى الرئيس نيكولا ساركوزي، رؤساء الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ، وقادة الكتل النيابية.
وقال المتحدث باسم الحكومة لوك شاتل، ان منتصف أيار المقبل حدد موعدا لإقرار مشروع القانون في مجلس الوزراء، ليطرح على مجلس النواب للمناقشة والتصويت عليه مطلع تموز المقبل. ولن يقتصر الحظر على الإدارات العامة والمرافق الحكومية وحدها، بل ينبغي أن يشمل الأماكن العامة، ويمنع ظهور المنقبات في الشوارع، ليفرض على النقاب حصارا خلف جدران المنازل والغرف الخاصة وحدها.
وكان النقاب قد وضع على مقصلة الحكومة الفرنسية، بعد أسبوع واحد من هزيمة تلقتها في انتخابات مجالس الأقاليم، وعد فيها رئيسها فرانسوا فيون «بالذهاب أبعد ما أمكن على طريق حظر النقاب». والحال ان ساركوزي والأكثرية النيابية اليمينية يعتزمان تحدي مجلس الدولة. فعندما تحرم الحكومة النقاب في فرنسا وتستأصله من كل حيز ومرفق، من دون تمييز بين الإدارات، حيث تسود سلطتها، والشارع المحايد، تتجاهل نصيحة أسداها مجلس الدولة في آذار الماضي، وبناء على طلبها.
ورأى حكماء المجلس، وهو أعلى هيئة استشارية قانونية وإدارية في فرنسا، ان للنقاب مكانه في الشارع، وأن حظره في الفضاء العام سيعرض القانون لاحتمال الطعن بدستوريته لنيله من الحريات العامة. وكان بوسع ساركوزي أن يتجنب الاصطدام بمجلس الدولة، الذي لا بد من رأيه في حال تولي الحكومة تقديم المشروع إلى مجلس النواب. وكان للرئيس أن يلتحق بجان فرانسوا كوبيه، زعيم الأكثرية النيابية، ويترك للنواب الحرية بأن يقدموا مشروع القانون مباشرة، لا يعبر إجباريا أمام حكماء المجلس.
ومن المؤكد أن الرئيس الفرنسي اختار الطريق الأصعب، رغم أن الخسائر بتحدي مجلس الدولة تبقى رمزية، على أهميتها، لعدم إلزامية ما أسداه من رأي في القانون. واستمع ساركوزي، الخارج من هزيمة انتخابية مريرة، إلى نصائح رئيس مجلس النواب برنار آكوييه، وفضل على سهولة تمريره بقوة حزبه النيابية المؤكدة، كما تقترح عريضة من 200 نائب من حزب «الإتحاد من أجل حركة شعبية»، إضفاء قوة الإجماع الوطني على القرار.
وقد تلقى ساركوزي رسائل من زعماء الكتل النيابية المعارضة الخضراء والشيوعية والاشتراكية، ربطت دعمها السياسي الثمين للبحث بقانون يحظر النقاب، بأن تقوم الحكومة بطرحه على المجلس، وأن يجري نقاش واسع في ظاهرة المنقبات، تشارك فيه جميع الأحزاب والقوى البرلمانية.
وطلب الرئيس الفرنسي من حكومته أن تحتج في مقدمة قانونها لحظر النقاب، بالدفاع عن كرامة المرأة، وقيم الجمهورية الفرنسية. ولكن الخبير الدستوري لوي كاركاسون، يحصر شرعية أي قانون بتهديده الأمن العام، وهو مفهوم موضوعي محدد، وليس «كرامة» أحد، وهو مفهوم نسبي ومجرد.
وكان مجلس الدولة قد أقر بحق الشرطة بنزع أي نقاب إذا ما تبين لها أنه يهدد الأمن. وتقترح الأفكار المتداولة تغريم المنقبة 700 يورو، ونزع نقابها، وسجن زوجها او ولي أمرها، إذا ما ثبت إجباره المنقبة على ارتداء نقابها.
وأحصت وزارة الداخلية ألفي منقبة من بين ستة ملايين مسلم. لكن متحدث الحكومة قال إن الهدف «التحسب من تمدد الظاهرة مستقبلا وانطواء المسلمين على أنفسهم». أما الجمعيات الإسلامية التي وافقت فتوى الحكومة والرئيس، فقالت ان النـقاب ليس من الإسلام بشيء، إلا أنها تعـارض حظره بقانون يمس بكرامة المسلمين.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد