استيراد 90 رافعة كهربائية مخالفة للعقد قيمتها 8 ملايين يورو
أفادت مصادر خاصة لدى وزارة الاقتصاد والتجارة قيام المؤسسة العامة للتجارة الخارجية باستيراد 90 رافعة بسلة دبل كبين لمصلحة المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية بموجب عقد رقم 5 للعام 2008 وبقيمة إجمالية تقدر بنحو 8 ملايين يورو منشأ ياباني للشاسيه وتمديد الكبين مع الرافعة والتجهيزات الأخرى منشأ تركي.. حيث تم الاتفاق مع شركة ليناكو القبرصية بعد أن رسا عليها العقد بعد دراسته من قبل لجنة فض العروض كلٍ من المهندسين يوسف أبو عساف وغسان غانم وممثلين عن الجهة الطالبة من أجل دراسة الطلبية فنيا والتي أعطت موافقتها الفنية باستيراد الرافعات من نوع ايسوزو والبالغ عددها 50 رافعة(الدفعة الأولى من العقد) عن طريق الشركة القبرصية ليناكو ووكيلها في سورية..
لجنة كشف أم تكشيف..!
وبناء على ماتقدم تفيد مصادر وزارة الاقتصاد أن لجنة الكشف والمشكلة برئاسة محمد الصالح مدير الشؤون الادارية في المؤسسة العامة للتجارة الخارجية وعضوية ميار بشور من مديرية الشؤون الفنية في المؤسسة والسيد ايمن العارف مدير المرافق في مؤسسة توزيع واستثمار الطاقة تم إرسالها الى تركيا من اجل الكشف على الرافعات موضوع العقد.. وبالفعل تم الكشف على رافعة واحدة من بين الروافع الخمسين وهذا الإجراء مخالف تماما لقانون هيئة المواصفات السورية (الاعتيان) الأمر الذي يثير جملة من الأسئلة تحتاج للكثير من الأجوبة لايستطيع الإجابة عنها إلا أعضاء اللجنة أنفسهم..!
وما صدر عن اللجنة الموافقة على استيراد الروافع لمطابقتها للشروط الفنية وذلك بناء على الكشف الذي أجرته على الرافعة الأولى فقط..! وذلك بموجب الكشف الأول ولكن ماذا عن جاهزية الروافع الأخرى ومدى صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات والشروط التعاقدية والأهم من ذلك كله مدى مطابقتها لقانون السير السوري..
تسعة تحفظات..!
ولكن الأمر لم ينته عند ذلك ففي العاشر من شهر تشرين الثاني 2009 وصلت الدفعة الأولى من الرافعات موضوع العقد المذكور والبالغ عددها 30 رافعة الى ميناء اللاذقية وتم الكشف عليها في التاريخ نفسه من قبل لجنة مشكلة بالقرار رقم 2105 تاريخ 27/8/ 2009 من قبل السيد وزير الاقتصاد وبرئاسة ضابط من وزارة الدفاع وعضوية مجموعة من المهندسين الفنيين حيث انتهت اللجنة الى أن الآليات موضوع العقد مقبولة مع مراعاة مجموعة من التحفظات والبالغ عددها تسعة في مقدمتها الاختلاف في طراز الآلية وعدم وجود دليل لسنة الصنع سوى الموضوع على حزام الأمان إضافة لملاحظات تتعلق بالكبين وبالارتفاع وغيرها.. وعلى الرغم من ذلك تم تحويل الكشف الى مديرية الشؤون الفنية لدى مؤسسة التجارة لمعالجته وفق الأصول القانونية مع العلم أن هذه الملاحظات جوهرية ولايمكن تجاهلها أو حتى معالجتها
وفي هذه الإثناء وصلت شحنة أخرى والتي بلغ عددها عشرين رافعة بسلة لموضوع العقد ذاته حيث تم تنظيم ضبط الاستلام بتاريخ 15/2/2010 من قبل رئيس لجنة الكشف التي كشفت على الدفعة الأولى منها والتي قبلت استلامها على الرغم من مخالفتها للمواصفات والشروط العقدية حيث أكدت اللجنة في استلامها الثاني بأن لامانع لديها من سحب هذه الآليات شريطة عدم مخالفتها لقانون السير علما أنها لم تمانع اللجنة في الاستلام الأول..
إضافة لذكر مجموعة من الملاحظات المهمة والبالغ عددها إحدى عشرة ملاحظة تتعلق حول الكبين بالرافعة والمحرك والارتفاع الاعظمي للرافعة وملاحظات فنية أخرى وتحفظ واضح وصريح على توسيع الكبين من مفرد الى دبل كبين وتعديل بجهاز الرفع الهيدروليكي بجهاز الرفع للكبين وبالتالي تمت إحالة الكشف أيضا للمديرية الفنية في مؤسسة التجارة للمعالجة ولكن معالجتها أصبحت في خبر كان وغير قادرة على اتخاذ أي قرار في شأن هذه الروافع بدليل استنجاد المؤسسة بوزارة النقل لحل الموضوع..
استغاثة.. وتوسل..
المشكلة أصبحت كبيرة جدا على اعتبار أن المؤسسة غير قادرة على تحمل أعباء المشكلة وخاصة بعد مضي تسعة اشهر على استلام الرافعات وحتى هذا التاريخ مازالت قابعة في مرفأ اللاذقية وتدفع المؤسسة غرامات تأخير يومية تقدر قيمتها 8000 دولار عن كل يوم أي القيمة المالية للغرامات خلال الفترة المذكورة تقدر بنحو 2.160 مليون دولار أي ما يعادل 102 مليون ليرة تدفعها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية الأمر الذي دعاها للاستنجاد والتوسل لوزارة النقل من اجل معالجة الموضوع وتسجيل الآليات لدى مديريات النقل وذلك من خلال عدة كتب موجهة من المؤسسة الى الوزارة منها الكتاب رقم 2081 ص ع تاريخ28/12/ 2009 والكتاب 352/ ص 1991/ص تاريخ 31/12/2009 وغيرها من الكتب.
حيث أكدت وزارة النقل رفضها القاطع بموجب الكتاب رقم3865 /3/9 تاريخ 7/4/2010 في معالجة الموضوع وتسجيل الرافعات في مديريات النقل وذلك بعد أن شكلت لجنة خاصة بموجب أمر إداري من قبل السيد وزير النقل الدكتور يعرب سليمان بدر للكشف على السيارات موضوع الكتب المذكورة سابقا والموجودة في مرفأ اللاذقية – الحرم الجمركي بعدرا حيث ارتأت اللجنة تعذر تلبية طلب المؤسسة وذلك لمخالفتها أحكام قانون السير والمركبات النافذ والتعليمات النافذة الأخرى ومن الناحية الفنية لايمكن الوثوق بمتانة الجزء المضاف في الكبين على اعتبار أن الكبين الحالي هو عبارة عن قطعتين متصلتين مع بعضهما باللحام وبأمور أخرى وبخاصة الأرضية مستندين في ذلك إلى قانون السير وبعض مواده وخاصة المادة 97 التي تؤكد على تسجيل جميع المركبات الآلية مع مقطوراتها أو أنصاف مقطوراتها في حال وجودها في سجلات خاصة لدى مديرية النقل وذلك منذ وضعها في السير للمرة الأولى بموجب نشرات خاصة تصدرها الوزارة وفقا لمواصفاتها الفنية الواردة من بلد المنشأ أو وفق مواصفات تتفق وأحكام هذا القانون كما تخضع للتسجيل عند إعادتها للسير بعد سحبها منه أو نقلها من محافظة لأخرى والمادة من القرار رقم 1561 للعام 2006 تنص على اعتماد المواصفات الأساسية للمركبة (الأبعاد – مواصفات – الوزن الإجمالي..) وفق نشرات فنية أساسية صادرة عن الشركة الصانعة وعلى أن يتم إرفاق صورة عن النشرة الفنية المحدد فيها نوع وطراز وفئة المركبة ومواصفاتها الأساسية مع ضبط الكشف المنظم في الحرم الجمركي بعد أن يتم تصديق صورة النشرة الفنية من قبل أعضاء لجنة الحرم الجمركي أو المنطقة الحرة وتحفظ النشرة الأساسية في مديريات النقل وبالتالي إجراء المؤسسة مخالف لذلك حيث ارتأت الوزارة بهذا الخصوص الاعتذار عن طلب المؤسسة وهذا الأمر يحمل الكثير من علامات الاستفهام حول العقد وطريقة استيراد الروافع ..
للعلم فقط ..
للعلم فقط أن قيمة الروافع المذكورة سابقاً تم تسديدها بالكامل بموجب اعتماد مستندي كما هو الحال لجميع الآليات التي تقوم المؤسسة بشرائها من الخارج وتحرير قيمة هذا الاعتماد عند وصول المستندات من قبل المصرف مباشرة بعد التأكد من قبله من سلامتها وصحتها وبالتالي أصبحت هذه الآليات مدفوعة القيمة وأصبحت الشركة القبرصية مع وكيلها في سورية قابضة الثمن لهذه الآليات من المؤسسة العامة للتجارة الخارجية والتي مازالت في العراء حتى هذا التاريخ وتتحمل المؤسسة المذكورة غرامات التأخير المذكور سابقاً..
في النهاية
بكل تأكيد نحن لا نريد أن نتهم أحداً أو حتى التشكيك بنزاهة اللجان المشكلة لاستلام الروافع وقبلها لجنة الكشف التي أجرت الكشوف الأولية في تركيا وإنما نريد أن نضع بعض التساؤلات حول عمليات الكشف والأسلوب الذي تم فيه إجراء الاستلام للرافعات وبالتالي مامدى قانونية ذلك في مقدمتها :
- كيف يمكن اعتبار تعديل الكبين الأساسي ووصله وتوسعته باللحام ميزة ايجابية في الوقت الذي تشكل فيه العملية عملية خرق واضحة ومخالفة صريحة لقانون السير وشروط الاستيراد من بلد المنشأ وقانون المواصفات والمقاييس السورية (الاعتيان) والاهم من ذلك هذا الخرق يشكل نقطة ضعف كبيرة في الرافعة يجعلها في حالة فنية سيئة الاستخدام..؟
- كيف تمت الدراسة الفنية للرافعات مع عدم اكتمال الشروط الفنية والأسباب الموجبة للدراسة واتخاذ القرار المناسب..؟
- على أي أساس تم صرف قيمة الروافع البالغة قيمتها 8 ملايين يورو دون استلامها من الجهات الطالبة والتأكد من صلاحية استخدامها..؟
- من المسؤول عن غرامات التأخير.. هل تتحملها خزينة الدولة.. أم الأشخاص الذين فرطوا بالمال العام واستوردوا السيارات المخالفة لقوانين البلد..؟
هناك جملة من الأسئلة يمكن طرحها وهي بحاجة لأجوبة مقنعة ولكن نترك الأمر للقارئ استنباطها على اعتبار أن كل كلمة كتبت هي بمثابة سؤال وأكثر من علامة استفهام وتعجب وخاصة أن الشركة القبرصية ووكيلها قد قبضا الثمن وباقي الأمور لا تعنيهما..؟!
سامي عيسى
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد