مدننا تحولت إلى «مرآب» كبير قانونه الوحيد: «دبّر راسك»
«قل لي أين تستطيع ركن سيارتك، أقل لك أين أنت» باتت هذه العبارة تعبر بحق عن الوضع الذي أصبحنا نعيشه مع ازدياد كافة المنغصات التي لم تعد تجعل من اقتنائنا للسيارة، مهما كان حجمها أو نوعها أو سعرها، ميزة ذهبية تميزنا عن الآخرين كما في السابق... وأصبحت مدننا ودون استثناء وكأنها «مرآب» كبير لا يتسع للسيارات، ولنتساءل عن عمل المحافظة في كل مدينة في تنظيم وتخطيط المدن بشكل يجعل عملية شراء السيارة أمراً مفيداً حقاً.
في حمص.. التجول بالتاكسي أفضل من استعمال السيارة الخاصة..
إذا أردت أن تذهب إلى السوق، فعليك أن تستقل سيارة أجرة؛ فذلك أفضل من مجيئك بسيارتك.. هذا هو شعار نسبة كبيرة من أهالي حمص الذين لايجدون أماكن لوقوف سياراتهم عند قضائهم حاجاتهم في السوق ومركز المدينة، وهي أزمة بدأت تزيد في الفترة الأخيرة لعدم وجود مواقف للسيارات. فالأزمة تتجلى في ازدياد عدد السيارات الداخلة إلى حمص ولكن دون ازدياد مقابل للمواقف أو»المرائب».
حتى إن ساكني بعض الأحياء يجدون صعوبة في تأمين مكان لكي يضعوا سياراتهم أمام منازلهم، فيندمون أحيانا على شرائهم السيارة، كما أنه من الغريب أن نسبة كبيرة من المؤسسات الحكومية الجديدة، يتم إنشاؤها ودون حساب مكان لمواقف السيارات، سواء لموظفي هذه المؤسسات أو المواطنين المراجعين. ومن الأمثلة على ذلك القصر العدلي الجديد الذي عانى الكثير من مشكلات وقوف السيارات، سواء للمحامين أو القضاة إلى أن تم حل نسبة كبيرة من المشكلة وكذلك كراج البولمان الذي لم يتم إنشاء مكان لوقوف سيارات التاكسي التي تتصارع يومياً مع شرطة المرور. والأخطر حالياً أن يكون حال دائرة النفوس التي ستنتقل إلى مقر جديد كغيرها من المؤسسات والدوائر الحكومية، فهل تم بالحسبان إنشاء موقف للسيارات، وهي الدائرة التي تعد الأكثر استقبالا للمواطنين؟؟.
ويشير الدكتور طارق حسام الدين رئيس مجلس مدينة حمص إلى أن مجلس المدينة يشجع على بناء كراجات طابقية ضمن مركز المدينة من قبل مالكي العقارات، وأضاف رئيس مجلس مدينة حمص، بأن نظام الضابطة التجاري ملزم بإنجاز «مرآب» للسيارات.
وأشارت صبا المعصراني مديرة شؤون الأملاك في مجلس مدينة بأن حمص تحتوي اليوم على «مرآب» واحد فقط، هو «مرآب» حي الأربعين الذي يستثمره متعهد خاص منذ أكثر من عشر سنوات، مع العلم بأن هناك الكثير من الدراسات لإنشاء «مرائب» جديدة ولكن لايوجد شيء قريب على أرض الواقع!!!!
وأضافت المعصراني، أنه بالنسبة إلى مواقف السيارات، فقد تم منذ أكثر من عام تعهيد المواقف لمتعهد خاص، ولكن لم يتم تصديق العقد من المكتب التنفيذي لمجلس مدينة حمص لخلل في دفاتر الشروط؛ فتم إجراء بعض التعديلات على دفاتر الشروط الجديد، وسيكون تاريخ 19/9 من العام الحالي موعدًا للمزايدة لاستثمار المواقف المأجورة، حيث سيبلغ عدد المواقف 3500 موقف في مركز المدينة والمناطق المحيطة وأغلب الشوارع التي تحمل الصفة التجارية والازدحام، بحيث ستبلغ مساحة المواقف أكثر من 35 ألف متر مربع.
وأوضحت المعصراني أن نظام التوقف الجديد سيتضمن أن تكون قيمة توقف نصف ساعة بملبغ 25 ليرة سورية، مع العلم بأن التوقف لمدة عشر دقائق سيتم حساب أجرة نصف ساعة وليس ساعة، كما أن عدد الساعات سيكون مفتوحاً ولكن بعد تطبيق التجربة. وإذا اقتضت الأمور تحديد ساعات للتوقف، فسيتم تعديل ذلك، مع الإشارة إلى أنه سيتم وضع اشتراك شهري لأصحاب المنزل بقيمة ألف ليرة شهرياً، حيث يستطيع صاحب المنزل أن يجد مكاناً لركن سيارته في الشارع الموجود فيه منزله.
المواقف المأجورة بداية العام القادم
أعلنت السيدة المعصراني، أنه إذا سارت الأمور بشكلها الطبيعي سيبدأ تطبيق المواقف المأجورة الخاصة في الأشهر الأولى من بداية العام القادم، إضافة إلى مشاريع أخرى للتخفيف من الأزمة. وختمت مديرة شؤون الأملاك في مجلس مدينة حمص، بأن الفوضى الحالية في المواقف سببها مجّانيتها، ولأنها مازالت دون متعهد خاص.
بين مؤيد ومعارض ... «المرائب» في حلب ضرورة تحتاج إلى المتابعة والمراقبة
بات من ضروب الشجاعة والمغامرة في حلب أن يقصد المرء مركز المدينة بسيارته لقيامه بعمل ما أو لاضطراره الحصول على ورقة رسمية، فبعيداً عن مشكلات الروتين التي قد تضيع الكثير من الوقت، هناك جولة قتالية أخرى لابد من الخوض فيها لتأمين مكان لركن السيارة دون الاضطرار إلى تلقي المفاجآت من شرطة المرور أو سيارات الحجز.
وعلى الرغم من أن المواقف المأجورة قد حلت جزءًا من هذه المشكلة، إلا أن المشكلة تبقى قائمة في ساعات الذروة مع توافد أعداد كبيرة إلى وسط المدينة وانشغال معظم المواقف بسيارات أولئك المحظوظين ممن استطاعوا تصيّد تلك الفسحة المتاحة من الشارع منذ الصباح الباكر.
وسعياً لمواجهة هذه الظاهرة، قام مجلس مدينة حلب منذ بضع سنوات بالتوجه نحو دراسة ومنح رخص لمشاريع تهدف إلى إقامة أو استثمار عدد من «المرائب» المنتشرة في مركز المدينة وخاصة القريبة من الدوائر الحكومية التي تشهد كثافة عالية يومياً كاستثمار «مرآب» القصر البلدي من قبل القطاع الخاص وإنشاء «المرآب» الطابقي الذي افتتح في منطقة المنشية والذي يتسع لـ 500 سيارة، إضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى التي تستهدف مناطق السرايا القديمة ومديرية الأوقاف وباب الفرج ومنطقة ساحة سعد الله الجابري في الجميلية إلى جانب مناطق المدينة القديمة كباب إنطاكية وباب قنسرين وغيرها...
وقد تباينت مواقف الشارع الحلبي من هذه المشاريع، يقول أحد أصحاب المحال في منطقة باب الفرج: «بعد أن تم إنشاء الموقف الطابقي في منطقة المنشية، لم يعد موضوع ركن سيارتي يقلقني كما في السابق، وعلى الأقل لم أعد مضطراً إلى وضع رقم هاتفي المحمول على زجاج السيارة للأحوال الطارئة، حيث كنت أعاني من ورود العديد من الاتصالات الكاذبة أو حتى الصادقة والتي كانت تتحدث عن حجز سيارتي أو مخالفتها، فكنت أضطر إلى الإسراع إلى مكان وقوف السيارة للتأكد من الموضوع وحله...».
أما بعض من احتج على فكرة إنشاء هذه «المرائب» فلم تتمحور شكواه حول الفكرة بحد ذاتها، إنما في نقص الخدمات في «المرائب» التي يقصدونها، حيث يقول أحد العاملين في منطقة المدينة: «أضطر يومياً إلى إيداع سيارتي في «مرآب» البلدية الواقع في السبع بحرات، لكن وعلى الرغم من رفع تعرفة إيداع السيارات إلى الـ100 ليرة سورية، إلا أن «المرآب» يعاني من نقص أبسط الخدمات كالاهتمام بالنظافة، حيث يلحظ أي زائر لهذا «المرآب» تكتل الأوساخ، إضافة إلى رشح المياه من السقف وعدم وجود إضاءة كافية، إن لم تكن معدومة كلياً في بعض زواياه، حتى المراحيض، فهي إما مغلقة أو مستغلة من قبل العاملين...»
فيما يتحدث أحد أصحاب المحال في منطقة السبع بحرات عن انتشار المحسوبيات و»سياسات الخيار والفقوس»، فيقول: «إن «المرآب» يعاني من الازدحام بشكل دائم بسبب المحسوبيات في الحجز، حيث قد تضطر إلى دفع مبالغ إضافية للعامل المسؤول لتأمين مكان هو شاغر في الأصل فالموضوع بكليته يتعلق بمزاجية ومصالح بعض القيمين على هذا المرآب».
في اللاذقية.. ركن السيارة هاجس كل من يجلس خلف مقود
أصبحت قضية ركن السيارة بشكل نظامي في أحد شوارع اللاذقية؛ تشكل هاجساً حقيقياً لكل من يملك سيارة خاصة ويريد التنقل بها من مكان إلى آخر.
ومشكلة ركن السيارات في شوارع اللاذقية؛ سببها عدم وجود مكان يستوعب وقوف تلك السيارات، فالمدينة تحتاج إلى «مرائب» طابقية (الغائب الأكبر عن مدينة اللاذقية) في ظل غياب مواقف السيارات النظامية أمام وداخل الأبنية السكنية والتجارية، الأمر الذي يسمح بالفوضى المرورية، حتى أصبح من المعتاد رؤية شاخصة مرورية تمنع التوقف هنا وبجانبها عشرات السيارات المركونة!!.
عدا ذلك، فإن شوارع اللاذقية لا تعمل بكامل طاقتها وإنما يتم شَغل جزء منها بسبب وقوف السيارات بشكل مخالف على جانبي الشارع بشكل غير منظم، حيث تشهد أغلب الشوارع المزدحمة وقوف السيارات في طابورين طولانيين متجاورين (رتل ثانٍ وثالث) بحيث تبقى مسافة صغيرة في الشارع بالكاد تكفي لمرور سيارة واحدة أو سيارتين على الأكثر في أحسن الأحوال، إذا كان الشارع عريضاً، الأمر الذي يُحدث اختناقات كبيرة وحوادث مرورية في شوارع المدينة وخاصة في الشوارع التي يوجد فيها دوائر ومؤسسات حكومية كشارع المغرب العربي الذي توجد فيه مديريات (الزراعة، الشؤون الاجتماعية والعمل، المالية، القصر العدلي) التي يؤمها يومياً ما يزيد على 15 ألف مراجع، إضافة إلى (ساحة الشيخ ضاهر، شارع القوتلي، شارع 8 آذار، شارع بغداد، مشروع الصليبة، شارع بور سعيد، شارع الجزائر، العوينة، ساحة أوغاريت) التي تقع في قلب المدينة وتعاني الأمرّين من مشكلة مواقف السيارات التي لم يوجد لها حل حتى الآن.
«المرآب» الطابقي الوحيد الذي تحلم اللاذقية بأكملها أن تراه في الخدمة قريباً؛ لم ينته العمل فيه، رغم أن أعمال التنفيذ بدأت فيه في عام 2004 بمدة عقدية 500 يوم، ولكن حتى الساعة لم يتم الانتهاء منه، والمعنيون به يطلقون في كل فترة تصريحات تبشر بتسليمه بعد عدة أشهر، ولكن هيهات وربما انتظارنا سيمتد إلى سنوات وربما عقود عديدة!!!.
وبكل تأكيد، لن نبخس مجلس مدينة اللاذقية، الذي يحاول إيجاد أماكن مختلفة لتحويلها إلى «مرائب» للسيارات جهده، حيث توجد دراسة أولية في مجلس مدينة اللاذقية لتحويل حديقة أبي تمام إلى «مرآب» سفلي للسيارات يقع تحت الحديقة التي ستعود إلى ما كانت عليه ثانية بعد إعادة تأهيلها، كما سيتم يتم بالتزامن معه بناء مجمّع تجاري طابقي مكان سوق الخضار في أوغاريت لحل أزمة السيارات والازدحام الذي يتسبب فيه سوق الخضار حالياً، ولايسعنا إلا الانتظار ونتمنى أن لايطول انتظارنا.
في الرقة الشوارع الرئيسة كلها مأجورة.. و«المرائب» مشاريع غائبة
قبل /5/سنوات، لم تكن مدينة الرقة تعاني مما يسمى ازدحاماً مرورياً، ولم يكن السائق يفكر في وجود مكان لركن السيارة في الطريق، فعلى الرغم من أن شوارع المدينة ضيقة وتم إنشاؤها بشكل غير مدروس، كانت هذه الشوارع تستوعب الكم القليل من السيارات في المدينة، إلا أن هذه الأحوال تبدلت كثيراً في الأعوام الأخيرة وبتنا نشهد وجود بوادر لأزمة مرورية في المدينة، ويقول محمود العايد(مهندس): لم تكن مدينة الرقة تعاني من أزمة مرورية كما في المدن الأخرى، إلا أن ازدياد الحراك التجاري في المدينة خلال السنوات الأخيرة، وضع مجلس مدينة الرقة في مأزق حقيقي؛ فشوارع المدينة باتت مكتظة بالسيارات وهذه الشوارع غير معدة لاستيعاب هذا الكم.
ويضيف العايد، بأن أسرع الحلول التي قام بها مجلس المدينة هي استثمار شوارع المدينة كمواقف مأجورة وهذا ما أثار سخط المواطنين في ظل عدم وجود كراجات أو «مرائب» للسيارات في هذه الشوارع ، وقد طالب المواطنون بضبط عملية المواقف المأجورة وتحديدها بشارع القنيطرة (تل أبيض) فقط، كونه الأكثر ازدحاماً لكن مجلس المدينة وسع عملية الاستثمار إلى شوارع أخرى .
ويشير عدنان العواد (موظف) إلى أن عملية تأجير الشوارع الرئيسة في المدينة، لم تكن حلاً مثالياً للأزمة المرورية المتصاعدة في مدينة الرقة، مؤكداً أن هدف مجلس المدينة من هذا الإجراء لم يكن توسيع الشوارع وإيجاد حل للأزمة المرورية، بل إن هدفه الأساس من وراء هذه العملية، هو زيادة استثماراته وعائداته المالية ليس إلا.
رئيس مجلس مدينة الرقة المهندس عبيد الحسن، قال: يقوم المجلس بخطة متكاملة لإعادة تأهيل شوارع المدينة، وهذه الخطة تشمل توسيع الشوارع من خلال تقليص الجزر الوسطية التي كانت تشغل مساحات واسعة من الشوارع وهو ما كان يسبب أزمة مرورية في هذه الشوارع، وقد تم تنفيذ عدد من شوارع المدينة الرئيسة وسيتم تنفيذ الشوارع المتبقية تباعاً. ونفى الحسن وجود أي دراسة لإنشاء «مرائب» للسيارات أو أي مشروع في هذا الخصوص، مؤكداً أن تجربة تأجير المواقف المأجورة في الشوارع الرئيسية كافية حالياً وقد أثبتت نجاحها في الحدّ من الازدحام المروري في الشوارع الرئيسة. وفي ما يخص الشكاوي المتكررة على عمال الجباية في الشوارع المأجورة، أشار الحسن إلى أن مجلس المدينة شكل لجنة مهمتها الإشراف على عمل الجباة، والتأكد من مدى التزامهم بشروط العقد، والأنظمة والقوانين التي تراعي حسن التعامل مع أصحاب السيارات، وبناءً عليه تم فصل أكثر من جابٍ بسبب سلوكهم.
وجهة نظر
لعل تجربة «المرائب» الطابقية تعتبر كغيرها من المشاريع التي لابد وأن تعاني من بعض الثغرات، لكن دون أن تنتقص من قيمة الفكرة وضرورتها، خاصة مع حالات الازدحام التي تعاني منها المدينة بشكل عام والمراكز الحساسة فيها بشكل خاص، مع ضرورة التأكيد على أن تقدم هذه المشاريع أفضل الخدمات للوصول إلى الأهداف التي أنشئت لأجلها وكي لا تتحول إلى مجرد طرق ربحية أخرى تستغل المواطن وتستبيح أمواله تحت مسميات عصرية مفرغة من معناها.
حلب: بيير مطران- الرقة: صالح الحاج حمد- حمص: عبد الرحمن الدباغ- اللاذقية: أحمد بديوي
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد