المعارضة ترفض عرض صالح التنحي قبل نهاية العام 2011
في خطوة استباقية لاحتجاجات «جمعة الرحيل» الواسعة للمطالبة باسقاط النظام اليمني، لجأ الرئيس علي عبد الله صالح أمس، الى مبادرات اللحظة الاخيرة مع اعلان موافقته على وثيقة من 5 نقاط، رفضتها المعارضة، تقضي باجراء انتخابات برلمانية ومغادرته السلطة قبل نهاية العام الحالي. واتت خطوة صالح بعدما أقرّ البرلمان اليمني بشبه إجماع وانما بعدد محدود من النواب الحاضرين حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما، وسط تقلص كبير للغالبية الداعمة للرئيس في البرلمان، قبل ان تطعن المعارضة في نصاب وشرعية الجلسة مشددة على استحالة تطبيق حالة الطوارئ.
في هذه الاثناء، عبّر وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس عن موقف متردد ازاء الاحتجاجات المطالبة بتنحية صالح. وقال للصحافيين في القاهرة إن «نتيجة الاضطرابات في اليمن ما زالت غير واضحة»، مضيفا «من الجلي أن انعدام الاستقرار كبير في اليمن. ما زال الوقت مبكرا لتوقع مسار الامور». وكانت الولايات المتحدة اعربت عن قلقها امس الاول، حيال تداعيات الاضطرابات السارية على مكافحة «القاعدة» في جزيرة العرب. وقال غيتس «من الواضح أنه لا يوجد قدر كبير من الرضا داخل اليمن. أعتقد أننا سنواصل متابعة الموقف. لم نضع أي خطط لفترة ما بعد صالح».
ورفضت المعارضة اليمنية مقترَحا مكتوبا وصلها من صالح وينص على تنحيه عن السلطة قبل نهاية العام الحالي، حسبما افاد مصدر من المعارضة وآخر مقرب من الرئيس. وقال المصدر المقرب من صالح إن «وثيقة ارسلت مع وسطاء الى الاحزاب المعارضة» ليكون بذلك مقترح الرئيس مغادرة السلطة قبل انتهاء ولايته رسميا. ويوافق صالح في هذه الوثيقة على خمس نقاط سبق ان رفضها، وتنص على «تشكيل حكومة وفاق وطني تكون مهمتها تشكيل لجنة وطنية لصياغة دستور جديد للبلاد، وصياغة قانون للانتخابات والاستفتاء على اساس القائمة النسبية»، فضلا عن «تشكيل اللجنة العليا للانتخاب والاستفتاء على الدستور واجراء الانتخابات البرلمانية، على ان يقوم البرلمان الجديد بتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة في نهاية العام 2011».
من جهته، أكد المتحدث باسم «اللقاء المشترك» (المعارضة البرلمانية) محمد قحطان، أن هذه النقاط نقلت الى المعارضة أمس الاول، «بواسطة كبير مشايخ حاشد صادق الاحمر وآخرين». وقال قحطان «إنها أضغاث احلام، ليس امام الرئيس الا الرحيل العاجل لان الدماء التي سالت وخروج الشعب اليمني بحاله الراهن يعني ان لا مجال امام صالح الا الرحيل».
واقرّ البرلمان اليمني حالة الطوارئ التي اعلنها صالح لمدة ثلاثين يوما، وسط تقلص كبير للاغلبية الداعمة للرئيس في البرلمان. وحضر جلسة البرلمان 164 نائبا من أصل 301 بحسب السلطات، وصوّت 162 منهم لصالح القرار، حسبما افاد مراسلون استنادا الى ما اعلن رسميا في البرلمان. ويظهر التصويت تراجع تأييد الرئيس الذي كان يحظى بدعم 240 نائبا قبل بدء الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيله في نهاية كانون الثاني الماضي. واكدت مصادر برلمانية ان اكثر من 50 نائبا انشقوا عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وقاطعوا الجلسة مع باقي النواب المعارضين والمستقلين. وبرر نائب لم يصوت لصالح القرار موقفه بغياب وجود قانون للطوارئ وبارتكاز التصويت على قانون كان يسري في شمال اليمن قبل الوحدة مع الجنوب، فيما طالب نائب اخر بمحاسبة المسؤولين عن «المجازر» بحق المعتصمين قبل التصويت على الطوارئ. وكان صالح اعلن في 18 اذار الحالي حالة الطوارئ بعد مقتل 52 متظاهرا امام جامعة صنعاء.
في المقابل، طعنت المعارضة بنصاب وشرعية الجلسة. وقال النائب عبد الرزاق الهجري العضو في تجمع الاصلاح الإسلامي، ان «تزويرا فاضحا» حصل في جلسة البرلمان، مؤكدا ان 133 نائبا فقط من اصل 301 حضروا الجلسة وليس 164 كما اعلن رسميا، موضحا ان «رئيس المجلس قام بتزوير المحضر والقول بانهم 164 نائبا. ما قاموا به ليمرروا حالة الطوارئ تزويرا، ونحن نطعن بذلك». واشار الهجري الى انه «ليس هناك مشروعية لقرار الطوارئ اذ لا يوجد مثل هذا القانون في اليمن». وذكر ان القانون الذي استند اليه التصويت يعود الى زمن جمهورية اليمن الشمالي ما قبل الوحدة مع الجنوب في العام 1990. واعتبر الهجري ان «النظام ارتكب اليوم مخالفة وفضيحة اخلاقية كبيرة اذ استندوا الى قانون يعود للعام 1963 وهم بالتالي ينسفون توحيد الوطن».
بدوره، قال رئيس كتلة الحزب الاشتراكي المعارض في البرلمان عيدروس النقيب إن «السلطة لن تستطيع تطبيق قرار الطوارئ لان الزخم الموجود في الشارع هو رفض لحالة الطوارئ»، معتبرا انه يتعين «على السلطة ان تعدم عشرة ملايين مواطن من اجل ان تطبق القرار» الذي وصفه بانه «القشة التي يتعلق بها الغريق» والذي «يأتي بعد ان انتهت اللعبة».
وقبيل بدء الجلسة البرلمانية، دعا الشباب المعتصمون في بيان نواب البرلمان الى «عدم التصويت على قانون الطوارئ». واعتبروا ان «من يصوّت يكون مشاركاً في قتل الابرياء». واعلن المعتصمون انهم سينظمون غدا «يوم الرحيل» وسيوجهون انذارا لصالح ليرحل في غضون اسبوع، والا فانهم «سيزحفون» نحو القصر الرئاسي يوم الجمعة الذي يليه.
كذلك، قال زعيم الحوثيين عبد الملك بدر الدين الحوثي في بيان، حصلت «السفير» على نسخة منه، «نعلن رفضنا القاطع لما يسمى بقانون الطوارئ والذي بات من الواضح أن السلطة تسعى من خلاله إلى ارتكاب المزيد من الجرائم بحقنا نحن أبناء الشعب اليمني تحت هذا الغطاء الزائف المسمى بقانون الطوارئ، فلا شرعية لهذا النظام الذي يقتل أبناء شعبه ولا قبول لما يصدر منه». واضاف «نؤكد أن لا قانون الطوارئ ولا غيره سيعفي السلطة من المساءلة الشرعية والقانونية، وستتحمل كامل المسؤولية عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحقنا نحن أبناء الشعب اليمني».
وفي ساحة الاعتصام امام جامعة صنعاء، سارع خطباء من الشباب والنواب المعارضين الى رفض دعوة الحوار التي وجهها الرئيس. كما دعا نواب معارضون توالوا على المنصة الى رفض اعلان الطوارئ. واطلقت كذلك دعوات الى مقاطعة رجال اعمال موالين لصالح ومقاطعة منتجات يسوقونها او تصنع في معامل يملكونها.
وفي حضرموت، جنوب شرق البلاد، اصيب ثلاثة شرطيين بجروح في كمين نصبه مسلحون مجهولون حسبما افاد مصدر امني من دون ان تتضح هوية المهاجمين.
ونفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية اليمنية أن تكون هناك استقالات متوالية لقيادات وأعضاء في البعثات الدبلوماسية في الخارج. واكد المصدر عدم صحة «الأنباء التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية التي تسعى للإساءة إلى اليمن»، وذلك بحسب ما ذكرت وكالة الانباء اليمنية الرسمية (سبأ). وشدد المصدر على أن ما نشرته تلك الوسائل الإعلامية جوبه بتكذيب من قبل المعنيين اللذين زج بأسمائهم لإغراض الإعلام المسيء».واضاف «إن من ثبت استقالاتهم من الخدمة في السلك الدبلوماسي اليمني خلال الفترة القليلة الماضية هم رؤساء البعثات في لبنان وطوكيو، دمشق، المندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية والمندوبية الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد