علمانيو مصر: محاولات للتحالف برغم «التكفير» الديني
تُسابق الجماعات السياسية العلمانية في مصر الزمن لتشكيل ائتلاف ينافس الإسلاميين، الأكثر تنظيماً، في الانتخابات البرلمانية المقرَّرة في أيلول المقبل.
أما التحدي الذي تواجهه هذه الجماعات فيتمثل في تشكيل جبهة موحدة، تمثل شباب الثورة الذين تمكنوا من ترجيح كفة الكرامة الوطنية على حساب الاعتبارات الدينية، في مواجهة منافسين دينيين أقوياء أبرزهم جماعة الإخوان المسلمين.
من جهتها، تجد جماعة الإخوان نفسها في وضع أفضل للاستفادة من انتخابات تجري على عجل، وتقول إنها ربما تفوز بما بين 35 و40 في المئة من مقاعد البرلمان. إذ يبدو الإسلاميون واثقين من تحقيقهم هذه النسبة العالية، فهم وإن ابتعدوا عن موقع الصدارة في الأيام الأولى للانتفاضة التي أطاحت مبارك، إلا أنهم يتمتعون بتنظيمات على مستوى القاعدة العريضة وقوة مالية مهمة فضلاً عن أنهم يحظون بقبول عام في بلد يتبنى القيم الإسلامية المحافظة.
أما العلمانيون، الذين يحاولون تشكيل أحزاب، فيجهدون في إيصال مقولة أنهم ليسوا ضد الدين ولكنهم يعارضون تسييسه، مؤكدين على فكرة أن جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الإسلامية استخدمت شعارات دينية مضللة لاستمالة الناخبين في استفتاء آذار الماضي.
ويعزو العضو البارز في الحزب الديموقراطي الاجتماعي عماد جاد سبب تقلص فرص نجاح العلمانيين إلى «الأمية والجهل»، فضلاً عن قدرة الجماعات التي تستغل الدين على تشويه صورة الأحزاب المدنية ووصمها بأنها ملحدة أو ضد الدين.
بدوره، يرى المحلل السياسي في مركز «الأهرام» للدراسات الاستراتيجية نبيل عبد الفتاح أن مصطلح علماني، الذي يعادل كلمة ملحد في الشارع المصري، تحول ليصبح مصطلحا «مشوها ومذموما» في سياق استراتيجية لتشويه اللغة والمصطلحات يستغلها التيار الإسلامي ببراعة لإفساد الوعي العام.
أما الإخوان فيصرون على عدم استغلالهم للدين في حملتهم، معتبرين أنه مجرّد اتهام من نشطاء علمانيين استبدلوا مصطلح «حكومة علمانية» بمصطلح «حكومة مدنية» لمحاولة تحسين موقفهم.
وإلى جانب المخاوف السابقة التي تسيطر على العلمانيين، هناك القلق من الجدول الزمني المضغوط للانتخابات، الذي وضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي لا يعطي الأحزاب الجديدة وقتا كافيا لجمع المال أو حشد التأييد الشعبي لحملتها، والقلق من توقيت الانتخابات البرلمانية في أعقاب شهر رمضان الذي يشهد تناميا للمشاعر الدينية، حسب تحليل بعض الجهات العلمانية.
أما عن موقف المجلس الأعلى في خضم هذه التجاذبات، فيلمح البعض إلى أن المجلس يقف إلى جانب الإخوان، لان العلمانيين ربما يكونون أكثر ميلا للتدقيق في شبكة المصالح وأنشطة الجيش في قطاع الأعمال.
وتقول مروة فاروق، وهي مؤسسة حزب يساري جديد، إن الجيش يريد حماية مصالحه، مضيفة أنه ما من تعارض بين مصالح الإخوان ومصالح الجيش لأن ثمة تحالفا بينهما. وهو ما ينفيه بشدة المسؤولون العسكريون رافضين الانحياز لأي طرف، مؤكدين أن همهم الوحيد ينحصر في نقل السلطة للمدنيين في أقرب وقت ممكن.
وفيما يتناقل الشارع المصري بعض الآراء التي تفيد بأنه ينبغي على الجماعات ذات التوجه العلماني الاستعانة بشبكة سياسية قائمة بالفعل، والاتصال بمرشحين على صلة بالحزب الوطني الديموقراطي الذي كان يتــزعمه مبارك والذي أصدر القضاء حكماً بحله، يرى آخرون أنه من الصعب على من خاطروا بكل شيء للاحتــشاد في شوارع مــصر احتجاجا على القمع والرأسمالية، التي تقوم على المحاباة والفساد الجماعي لنظام مبارك، قبول مثل هذا التحالف التكتيكي.
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد