صناعة العود الدمشقي.. مهنة مَن يحميها من التغريب؟
تعلّم منذ صغره صناعة آلة العود كمهنة ورثها وعائلته عن جده الذي حافظ على هذا التراث وخصوصيته في طريقة تصنيع الأعواد الدمشقية المعروفة بجمالية تصميمها وطابع صوتها الحنون. وبعد تخرّجه من معهد الديكور والمنجور العربي، قرر الشاب خالد الحلبي التخصص في مهنة تصنيع العود الدمشقي التي يمارسها حالياً في ورشة والده في داريا السورية. ويقول خالد المولود في دمشق في العام 1984 انه يشعر بالفخر لأنه ولد في عائلة تعمل بالخشب والنجارة وخاصة تصنيع الآلات الموسيقية لافتاً إلى أن النجارة تعبر عن ثقافة البلد ومنتجاتها وأن آلة العود الدمشقي مطلوبة من كل أنحاء العالم بسبب جودتها. وأوضح خالد في أن صناعة العود تحتاج لأنواع أساسية من الخشب وهي الأخشاب الحراجية كخشب الشوح تحديداً لصنع وجه العود إذ يمتاز بطراوته والصوت الحنون الذي يمنحه للآلة. ويشتهر العود الدمشقي بصناعته المعتمدة على خشب الجوز والمشمش ويرد خالد ذلك إلى جودة هذه الأخشاب وتواجدها بكثرة في غوطة دمشق كما يمتاز تصميمه بشكله الراقي الكلاسيكي وزخرفته القليلة لكونه يعتمد على عرق الخشب والتزيين بفسيفساء بسيطة. ويؤكد خالد أن صنّاع العود يمكنهم كشف أي خلل في الأعواد وتصليحها رغم عدم إتقانهم العزف. ويرجع تاريخ تصنيع العود في دمشق إلى صانع أعواد اسمه عبدو نحات (1800-1880) من منطقة القيميرية. ويرى خالد أن مصنعي العود في دمشق بشكل عام لم يحافظوا على هذا التراث وإنما أخذوا يصنعون أعواداً محرفة بصوتها لتشبه آلة الغيتار، فقال "أعتبر الاتجاه نحو غربنة آلة العود تراجعاً بالنسبة لثقافتنا فصوت العود الحقيقي هو صوت الطرب الأصيل". ولفت خالد إلى أن تصنيع العود يتضمن 72 مرحلة وقد ينتهي من صنع آلة خلال يومين أو عشرة أيام بناء على شكل العود ودقته وزخرفته. ويوضح خالد أن تطور المهنة عبر الزمن ليس كبيراً ويشمل معدات التصنيع فقط، والأوتار التي كانت قديماً تصنع من مصران الخاروف لمنحها إياه صوتاً جميلاً استبدلت اليوم بأوتار من النايلون والمعدن والحرير المستوردة من فرنسا وألمانيا والنمسا نظراً لقصر عمرها. وعن أدوات التصنيع يقول خالد "لدينا كل الأخشاب اللازمة للتصنيع في بلدنا ما عدا خشب الشوح الذي يستورد من السويد ونستعمل خشب الزان من الأخشاب الأوروبية لصنع طاسة وزند الآلة". وتتفاوت أسعار العود الذي يصنعه خالد بين أسعار رمزية ومرتفعة حسب دقتها، ويقول خالد إنه كلما زاد عمر العود يرتفع سعره وقيمته الفنية ويصبح صوته أجمل وبالتالي يحدد ثمنه بناء على مدة تصنيعه وزخرفته. وعن تراث العود يروي خالد أن معظم البيوت الدمشقية القديمة تحوي آلة عود لكونها كانت تمثل جزءاً أساسياً من جهاز العروس. وعن رأيه في مهنة تصنيع الأعواد قال.. خالد هذه المهنة مهددة بالاندثار لهذا علينا ألا نتركها.
سانا
إضافة تعليق جديد