تصاعد الاغتيالات في سوريا: هل دخلت الأزمة مرحلة جديدة؟
كما صباحات الأيام الماضية استفاق السوريون أمس على خبر اغتيال جديد في مدينة حمص، التي لم تخلُ من التوتر الأمني منذ عدة أشهر. والضحية هذه المرة ليست ضابطاً في الجيش كما كان الأمر في الأيام السابقة، بل مهندس متخصص في الهندسة النووية تمّ اغتياله خلال إيصاله زوجته إلى عملها في أحد أحياء المدينة.
وقد أعلنت وكالة الأنباء (سانا) الخبر ظهر أمس، فيما كانت شبكات الإعلام الاجتماعية تذيع الخبر منذ الصباح متهمة «العصابات الإجرامية في حمص» بارتكاب الجريمة، أسوة بعمليات الاغتيال السابقة التي جرت.
ويمكن القول إن بداية عمليات الاغتيال «النوعي» كانت بدأت منذ أشهر في حمص، حين اغتيل الشاب عيسى العبود الذي لقبته وسائل الإعلام السورية بالمخترع، نسبة لحصوله على «جائزة أصغر مخترع في العالم» وفقاً لمحطة «الإخبارية» السورية. وكان اغتيل على احد الطرق العامة وهو يسير برفقة قريب له. وقيل حينها إن العبود حاصل على براءة الاختراع في مجال «تسجيل المعلومات على الخلايا الحية». وكثرت الاغتيالات بعدها، لكن بشكل عشوائي، ولا سيما تلك التي ارتبطت بالعنف المذهبي، لكن ليكون بين حصيلتها ضباط في الجيش، خصوصاً في أوقات المواجهات المسلحة.
إلا أن هذا الأسبوع شهد نقلة في طبيعة هذه الاغتيالات التي تركز على الكفاءات التي تعمل في المجال العام. وكان أولها رئيس قسم الجراحة الصدرية في المستشفى الوطني الطبيب حسن عيد الذي اغتيل أمام منزله من قبل مجموعة مسلحة. ولحق به أمس الأول العميد الركن الدكتور نائل الدخيل نائب مدير كلية الكيمياء في جامعة حمص، الذي اغتيل في الطريق إلى منزله في نهاية الدوام الرسمي. كما اغتيل في اليوم ذاته نائب عميد كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث في حمص الدكتور محمد علي عقيل، ولحق به صباح أمس الاختصاصي في الهندسة النووية القائم بالأعمال في جامعة البعث المهندس أوس عبد الكريم خليل.
وذكرت «سانا» أن «الضحية قتل برصاص مجموعة إرهابية مسلحة أثناء إيصاله زوجته لمكان عملها قرب جسر بابا عمرو في المدينة». وخليل هو رابع شخصية مهمة يتم اغتيالها خلال الاسبوع الحالي في حمص على يد مسلحين، ما يعيد إلى الأذهان تكتيك اغتيالات جماعة «الإخوان المسلمين» في الثمانينيات، والتي ركزت أهدافها على الأطباء والعلماء وضباط الجيش.
وكان الرئيس بشار الأسد، قال في حوار مع التلفزيون السوري منتصف آب الماضي، إن المواجهة تحولت «باتجاه العمل المسلح أكثر، وخاصة خلال الأسابيع الأخيرة وتحديداً في الجمعة الماضية من خلال الهجوم على نقاط الجيش والشرطة والأمن وغيرها وإلقاء القنابل وعمليات الاغتيال ونصب الكمائن لحافلات النقل المدنية أو العسكرية». وأضاف «قد يبدو هذا خطيراً بالنسبة للسؤال: هل الوضع أفضل من الناحية الأمنية؟ لكن في الواقع نحن قادرون على التعامل معه».
إلا أن اللافت هو محاولة الطرف الآخر في هذه الأزمة المركبة تحميل الدولة مسؤولية الاغتيالات، بإطلاقها صفة «قياديين في المعارضة» على الضحايا، ولا سيما العميد نائل الدخيل وفق توصيف قناة «الجزيرة» نقلاً عن «هيئة الثورة السورية» المتعاطفة مع «الإخوان المسلمين» ونقلاً عن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومقره لندن، وهو ما نفته بالمطلق عائلة الدخيل في تصريحات للتلفزيون السوري و«سانا»، ولا سيما أن الرجل كان يشغل، كما الآخرين، منصباً رفيع المستوى في مؤسسة مهمة في الدولة.
زياد حيدر
المصدر : السفير
إضافة تعليق جديد