تاريخ أديان التوحيد في الهلال الخصيب
صدر عن خطوات للنشر والطباعة كتاب «تاريخ أديان التوحيد في الهلال الخصيب» للدكتور ليون جركسيان الذي بحث في هذا الكتاب تاريخ أديان الأقوام التي قطنت واستقرت في منطقة الهلال الخصيب، بدءاً من الوثنية، قبل نحو ستة آلاف سنة وانتهاء بالإسلام، إذ قسم الأحداث التاريخية إلى أدوار منفصلة اعتماداً على علم المقارنة بين اللغات الذي يعين أصول الأقوام وصلاتها بعضها ببعض، عارضاً دور العقائد المختلفة في تطور المجتمعات الإنسانية المتنوعة عبر الحقب الزمنية المتفاوتة في المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وكذلك علاقتها وارتباطها مع بعضها البعض، استناداً لأدلة موثقة، بأسلوب علمي موضوعي، مقدماً العديد من الحقائق المعرفية كما سبر أغوار الكثير من القناعات، التي كان يُعْتقد أنها حقائق واقعية، وذلك بمنهج غير تقليدي ومشوق.
ويقول جركسيان في مقدمة الكتاب «كالعديد من الباحثين عن الحقيقة قمت بدوري وخلال سنوات طويلة بقراءة الكثير من الكتب المتنوعة التي تخص موضوع الأديان، وطالعت العديد من الأبحاث المختلفة الصادرة عن كتّاب الديانات السماوية الثلاث، وحتى أدبيات الأديان غير السماوية، لقناعتي بأن الفكر ليس حكراً على فئة دون أخرى، والحقيقة سلسلة طويلة جداً ذات حلقات مترابطة متينة ومتصلة مع بعضها بقوة، ساهم واشترك في صنعها الناس من قبلنا، ويسهم بها البعض الآخر الآن، وقطعاً سيسهم آخرون من مختلف الأديان والأعراق والمجتمعات في صنعها لاحقاً، على مبدأ التأثير المتبادل في الفكر والعلم».
وقد دوّن جركسيان الملاحظات والاستنتاجات المختلفة في الكثير من المواضيع والأفكار المطروحة في تلك الكتب التي اطلع عليها حيث تولدت لديه أسئلة عدة طرحها في سياق البحث، وقدم بحثه لمن يبحث مثله عن الحقيقة، متجرداً من العواطف والميول الذاتية، غير منحاز لفئة دون أخرى أو لمعتقد دون الآخر، تاركاً للقارئ الأخذ بما يراه مقنعاً له، والذي من الممكن أن يجيبه عن بعض تساؤلاته واستفساراته، وقد حرص كل الحرص على عدم المساس بالمشاعر والعواطف الحساسة والجياشة التي يكنها القارئ لمعتقده وأنبيائه وكتبهم، فلم تكن غايته الحط من القيمة الروحية والتاريخية الكبيرة لهذه المعتقدات، ولا هدفه النيل أو الانتقاد، بل سرد الوقائع والحوادث التاريخية الموثقة التي سبقت وواكبت هذا المعتقد أو ذاك، وكذلك بيان المعطيات العلمية الحديثة، وخاصة في مجال العلوم الطبيعية المختلفة، دون التعليق عليها أو نقدها، بل لفت انتباه القارئ لملاحظاته في بعض المواضيع والأحداث الواردة في تلك الكتب.
ويهدف الكتاب كما يقول جركسيان إلى أن يقوم جدل بين ما يعرضه وبين ما يعرفه القارئ عن هذه المواضيع المختلفة، جدل بناء غير تصادمي شريطة الاعتماد على معلومات وأدلة وثائقية وعلمية مؤكدة، وليس على أفكار وآراء كتّاب يمكن النيل من طروحاتهم، خلت من المراجع والوثائق الدامغة، مؤكداً أن هذا الجدل يقربنا من الحقيقة التي ننشدها جميعاً.
المصادر التي اعتمد عليها المؤلف هي: المكتشفات الأثرية الموجودة في العديد من المتاحف والمدن الأثرية المختلفة، أو أطلالها القائمة حتى يومنا هذا، والوثائق التاريخية للمؤرخين، والكتاب المقدس بشقيه العهد القديم «التوراة» والعهد الجديد «الإنجيل» وكذلك القرآن، بالإضافة إلى ما توصلت إليه العلوم الطبيعية «طب، فيزياء، كيمياء،... الخ» من حقائق علمية راسخة، وما كتبه العلماء في اللسان العربي في البيان والنحو والبلاغة.
وقد قسم جركسيان في كتابه الأدوار التاريخية إلى ستة عصور هي: عصر ما قبل إبراهيم الخليل عليه السلام ويمتد حتى القرن التاسع عشر قبل الميلاد أما الديانة فهي الوثنية بمختلف وجوهها، وعصر إبراهيم عليه السلام ويرجع تاريخه إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد أما الديانة فوحدانية الله إلى جانب الوثنية المختلفة، وعصر موسى عليه السلام ويرجع تاريخه إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد أما الديانة فهي وحدانية أخناتون ووحدانية موسى في بداية الأمر ثم الانحراف نحو الوثنية، وعصر اليهودية ويرجع تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد أما الديانة فوحدانية إلههم «يهوه» الخاص باليهود فقط، والعصر النصراني «المسيحي» ويبدأ في القرن الأول الميلادي أما الديانة فوحدانية الله، وعصر الإسلام ويبدأ في القرن السابع الميلادي أما الديانة فوحدانية الله.
لمى طباخة
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد