صواريـخ على إيـلات ولا غـارات على غـزة
أعاد سقوط ثلاثة صواريخ على ميناء إيلات جنوب فلسطين تصويب أنظار الإسرائيليين مرة أخرى إلى شبه جزيرة سيناء. وقد جرت العادة في العامين الماضيين بالمسارعة لضرب قيادات أو فعاليات فلسطينية في قطاع غزة واتهامها بالوقوف خلف ما جرى من سيناء. لكن يبدو أنه في أعقاب الجولة الأخيرة من الصدامات بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في القطاع وقرب حلول عيد الفصح، تجنبت القيادة الإسرائيلية التورط في تصعيد جديد.
وأشارت الأنباء الإسرائيلية إلى أن ثلاثة صواريخ أطلقت من سيناء قرب منتصف ليلة أول أمس. وقالت إن أحد هذه الصواريخ من طراز غراد سقط على مقربة من مبان سكنية في حين لم يتم بعد العثور على موقع سقوط الصاروخين الآخرين. وقد اعتبر المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هائيل أن «إطلاق الصواريخ على إيلات، يكشف الشرك الذي وقعت فيه إسرائيل على حدودها الغربية. ففيما يتم بناء الجدار على الحدود مع مصر بوتيرة مذهلة الأمر الذي يقلص بالتدريج فرص التسلل من سيناء، لا يملك الجيش الإسرائيلي أي رد حقيقي على إطلاق الصواريخ، المتجاوزة للجدار، نحو إيلات. كما ليس لدى إسرائيل عنوان واضح لتحميله المسؤولية في الجانب الآخر. وهي لا تريد أن تزيد من زعزعة العلاقات المتوترة أصلا، مع مصر. وبغياب إعلان واضح للمسؤولية عن إطلاق الصواريخ، يبدو أنه سيكون متعذرا الرد بشكل شديد في قطاع غزة».
ومع ذلك فإن سقوط الصواريخ على إيلات جر خلفه جملة من المواقف الإسرائيلية على أرفع مستوى. وقال نتنياهو «اننا نلحظ منذ زمن أن سيناء تتحول إلى منطقة إطلاق نار على إسرائيل... ونحن نبني جدارا، لكن الجدار لا يوقف الصواريخ. لكننا سوف نجد أيضا حلا لهذا وسنضرب من يأتون لضربنا ونضرب مرسليهم في هذه الحالة وفي المستقبل». وأضاف نتنياهو: «يستحيل منح حصانة للإرهاب، وتجب محاربته، ونحن نفعل ذلك. في نهاية المطاف لا أحد سيحمي اليهود إذا لم يدافع اليهود عن أنفسهم، وهذه هي القاعدة المهمة».
كما أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس أركان الجيش الجنرال بني غانتس وقادة الأذرع الأمنية تقويما للموقف بعد صواريخ إيلات. وقال باراك إن «الوضع الأمني في سيناء يلزمنا بنوع آخر من المواجهة». وكان يشير بذلك إلى التعقيد في التعامل مع الخطر الكامن من سيناء نظرا لحساسية العلاقة مع مصر. وكانت إسرائيل قد اعتمدت في العامين الأخيرين أسلوب الرد على ما يجري في سيناء بالضرب في غزة. لكن يبدو أن هذا الأسلوب لم يعد مجديا بعد العناد الذي أبدته حركة الجهاد الإسلامي في الجولة الأخيرة وأنجب تفاهما يحول، حتى الآن، دون مبادرة إسرائيلية في قطاع غزة. وأضاف باراك ان «الأمر يتعلق بحدث خطير. ونحن نتدارس الحدث وسنضرب الرجال الذين أطلقوا الصواريخ على إيلات وحاولوا المساس بمواطني إسرائيل. ولن نساوم على ذلك».
وكشف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أفيف كوخافي في اختتام دورة ضباط استخبارات أن الجيش الإسرائيلي أفلح في اكتشاف ما لا يقل عن عشر خلايا انطلاقا من سيناء. وقال كوخافي إن «الشرق الأوسط، وهو المكان الذي وتيرة التسلح فيه هي الأعلى في العالم، يغير وجهه وطابعه. ومن الجائز أن رياح التغيير تحمل الفرص والبشارة، لكنها على المديين القصير والمتوسط تعاظم المخاطر. وأحد هذه المواضع هو شبه جزيرة سيناء، حيث ان إطلاق الصواريخ على إيلات، ومن سيناء، ليس إلا تعبيرا عن تغيير جوهري يمر على المنطقة، وخلال ذلك تواصل المنظمات الإرهابية تعزيز مواقعها وترسيخ وجودها هناك. ومن خبرتنا سيكون من واجبنا أن نستعد لما يحدث في المقاطع الجديدة، والتغلب على المخاطر وانعدام الاستقرار الأمني الذي سيميز المنطقة في السنوات القريبة».
وأشاع الجيش الإسرائيلي تقديرات تفيد بوجود ميل واسع لدى فصائل فلسطينية لنقل قدراتها من قطاع غزة إلى سيناء. وبحسب هذه التقديرات فإن المنظمات الفلسطينية تستند إلى واقع أن الانكشاف الاستخباري في سيناء أقل مما هو في قطاع غزة وأن السيطرة الأمنية المصرية هناك باتت أضعف بعد سقوط الرئيس حسني مبارك. وفضلا عن ذلك فإن هذه الفصائل، من الوجهة الإسرائيلية، تعتقد أن إسرائيل لن تجرؤ على ملاحقة الخلايا في الأراضي المصرية، بالطريقة التي تفعلها في قطاع غزة.
وكانت مصادر أمنية مصرية قد نفت أن تكون الصواريخ التي سقطت على إيلات قد أطلقت من الأراضي المصرية. ومع ذلك حملت الأنباء الواردة من مصر إشارات إلى تحركات أمنية اعتبرها البعض «خطوات احترازية» في حين أشار آخرون إلى أنها جرت بسبب الصواريخ.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد