محاولة لمواجهة القات، لكنه يجري في دماء اليمنيين
يحملق الموظف الحكومي في الأرض بعينيه المحتقنتين وأسنانه التي كستها البقع البنية وقد انتفخ خده بكمية بحجم كرة المضرب من الأوراق الخضراء الزاهية.
يعود علي (38 عاماً) بعد الغداء يومياً إلى مكتبه في مصلحة الهجرة والجوازات في صنعاء ليمضي بقية اليوم مع زملائه في مضغ القات.
ويقول علي الذي اتكأ مع أربعة من زملائه على أرض المكتب وسط مجموعة من أجهزة الكومبيوتر المحمولة والمشروبات والنراجيل: «إنها زهرة الجنة... تجري في دمائنا كيمنيين وتجعلنا في حالة جيدة».
مضغ القات أو ما يُعرَف بـ«التخزين» عادة يمنية قديمة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 80 في المئة على الأقل من الرجال اليمنيين، ونحو 60 في المئة من النساء، وأعداد متزايدة من الأطفال تحت سن العاشرة، يمضغون القات في فترة ما بعد الظهر في معظم الأيام.
لكن بضعة ناشطين عقدوا العزم على القضاء على هذه الممارسة، لإيمانهم بأن إنتاج القات واستهلاكه يخنقان قدرات اليمن ويستنزفان القليل المتبقي من الموارد الطبيعية في البلاد.
ويهيمن على إنتاج القات في اليمن شيوخ قبائل وضباط في الجيش وسياسيون. ويقول البنك الدولي إن واحداً من كل سبعة يمنيين يعملون في إنتاج وتوزيع القات، ما يجعله اكبر مصدر للدخل في الريف، وثاني اكبر مصدر للوظائف في البلاد بعد قطاعي الزراعة والرعي ليفوق القطاع العام ذاته.
وقال وزير المياه اليمني السابق عبد الرحمن الارياني، الذي أسس جمعية خيرية لمكافحة القات تساعد المزارعين في استبدال أشجار القات بالبن، إن القات هو اكبر سوق في اليمن، وانه اكبر من النفط ومن أي شيء، مضيفاً أن هناك أثرياء وذوي نفوذ داخل الحكومة وخارجها يسيطرون على هذه الزراعة ويستفيدون منها.
وتبنت الحكومة أحدث جهود مكافحة القات في 12 نيسان، بعد أشهر من الضغوط من الناشطة هند الارياني التي استخدمت موقعي «فايسبوك» و«تويتر»، ونجحت من خلالهما في وضع القضية على الأجندة الوطنية وحشد تأييد لا بأس به من الشباب اليمنيين الذين يؤيدون حظر هذا النبات نهائياً.
وقدمت هند بالاشتراك مع مجموعة من المحامين اليمنيين مشروع قانون لرئيس الوزراء يفرض عقوبات على من يستهلكون الموارد العامة على القات او يستخدمونه في المكاتب الحكومية. وقالت هند إن القانون تم إقراره وسيبعث برسالة فورية وواضحة لجميع اليمنيين بأن مضغ القات غير مقبول وغير ملائم في العمل.
وقال أستاذ السياسة في جامعة صنعاء عبد الله الفقيه إن السبب في فشل المحاولات السابقة لمنع القات هو أنها كانت تصطدم بالمؤسسة السياسية، لأن الكثير من المنتمين إليها لهم مصالح في هذه القطاع المربح. وأضاف إنهم يكتفون بإلقاء المواعظ لكنهم يُحجمون عن التنفيذ. ويخشى كثيرون من أنه لا توجد وسيلة في ما يبدو لمنع القات من دفع اليمن إلى كارثة.
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد