الفتنة تتسع في بغداد: اعتداء على الوقف الشيعي
قتل 25 شخصا على الاقل واصيب العشرات بجروح في هجوم انتحاري استهدف مقر الوقف الشيعي في بغداد أمس، ما اثار مخاوف وتحذيرات من امكان انزلاق البلاد مجددا نحو العنف الطائفي، فيما دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رئيس الوزراء نوري المالكي الى تقديم استقالته «من اجل مصلحة الشعب العراقي والشركاء السياسيين».
ودعا الوقف الشيعي عقب الهجوم الذي استهدف مقره في بغداد، ابناء الطائفة الى «وأد الفتنة» لتجنب اندلاع «حرب اهلية» في العراق، رافضاً اتهام جهة محددة، فيما سارع ديوان الوقف السني الى ادانة العملية «الجبانة والمتطرفة». وقال مصدر في وزارة الداخلية إن «انتحارياً يقود سيارة مفخخة فجر نفسه أمام مقر الوقف الشيعي في منطقة باب المعظم».
وذكر مصدر طبي رسمي أن «25 شخصاً قتلوا في الهجوم وأصيب أكثر من 65 بجروح». وتحدث مصدر طبي آخر عن مقتل اكثر من 25 شخصاً في الانفجار الذي دمر بالكامل مبنى الوقف في منطقة باب المعظم وسط بغداد ولم تتبنه اية جهة. واغلقت القوى الأمنية مكان الهجوم ومواقع قريبة منه، بينما عملت فرق الدفاع المدني على انتشال جثث الضحايا ونقل عشرات الجرحى الى سيارات الاسعاف.
وتدفق الى المكان أقرباء الضحايا وهم يبكون ويصرخون. وتقدم من بينهم شخص ونزع نظارته الطبية ورماها على الارض وهو ينتحب ويقول بصوت عالٍ «كلهم ماتوا، كلهم ماتوا». وقال صاحب مطعم يقع قبالة المقر ويدعى محمد «كانت سيارة من نوع جي ام سي بيضاء يقودها شخص بسرعة قبل أن يصطدم ببوابة المقر ويفجّر نفسه لأجد بعدها ان اثنين من عمالي قتلا على الفور». واضاف محمد الذي كانت الدماء والجروح والضمادات تغطي الجزء العلوي المكشوف من جسده «تعالوا وانظروا الى البيوت التي تهدّمت على رؤوس الاطفال، أخرجت أطفالاً بيدي من تحت الانقاض».
وقال وهو يبكي ويصرخ إن «المالكي وعلاوي يتصارعان على الحكومة، ونحن الضحايا»، في إشارة الى رئيس الوزراء نوري المالكي وخصمه السياسي الأبرز اياد علاوي والازمة السياسية التي تشل البلاد منذ ستة اشهر.
وفي مستشفى مدينة الطب القريبة من مكان الهجوم، تجمع العشرات للتبرع بالدم. وقال طبيب يعمل في قسم الطوارئ «استقبلنا اكثر من 150 حالة، وعدد كبير منهم مصاب بشظايا او بجروح اثر تناثر الزجاج». وغطت الدماء طول الطريق التي تربط بين المستشفى ومقر الوقف الشيعي وتمتد لحوالى 300 متر. وجاء الهجوم بعدما أثار قرار الوقف الشيعي تملك أوقاف مدينة سامراء (110 كلم شمالي بغداد) لا سيما مرقد الإمامين العسكريين الذي تعرض للتفجير في العام 2006 ما دفع البلاد نحو حرب طائفية دامية، استياء قيادات سنية.
وقال نائب رئيس الوقف الشيعي الشيخ سامي المسعودي «تلقينا تهديدات بعدما سجلنا مرقد الامامين العسكريين باسم الوقف الشيعي، علما ان هذه القضية التي أتممناها قبل خمسة ايام قانونية ودستورية لكون مرقد الامامين مرقداً شيعياً». واضاف «نحن لا نتهم أحداً وندعو الشارع العراقي، خصوصاً ابناء الطائفة الى وأد الفتنة، لأن هناك مخططاً لاشعال حرب اهلية بين ابناء الشعب وهناك قوى تريد ان تفرق بين المذاهب في العراق».
وقال المالكي في بيان «نؤكد ان هذه الجرائم البشعة ستفشل في زرع الفتنة الطائفية»، داعياً «المواطنين الكرام الى التحلي باليقظة ونبذ الطائفية والتمسك بالوحدة الوطنية». واعتبر حزب «الدعوة» بزعامة رئيس الوزراء في بيان ان الهجوم يستهدف «جرّ العراق الى صراعات طائفية»، بينما رأى رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي أن «هذه الافعال الإجرامية البشعة وغير الاخلاقية... تهدف الى خلق الفتنة».
واتهمت جماعة علماء العراق التي تضم مئات الشخصيات الدينية السنية المعتدلة «عصابة القاعدة» بالوقوف خلف الهجوم بعدما رأت انها «استغلت الظروف السياسية الحالية... ودخلت على خط الخلاف الحاصل بين الوقفين».
من جهته، قال الصدر الذي غادر النجف الى ايران، في بيان وزعه مكتبه في النجف، متوجهاً للمالكي «أتمم جميلك واعلن استقالتك من اجل شعب لا يريد الا لقمة عيش ومن اجل شركاء لا يريدون الا الشراكة». وقد دعت قائمة «العراقية» بزعامة اياد علاوي، الخصم السياسي الابرز للمالكي، «الائتلاف الوطني» الذي يضم حزب المالكي الى ايجاد بديل من رئيس الوزراء الحالي في أسرع وقت ممكن.
وقالت المتحدثة باسم القائمة النائب ميسون الدملوجي في بيان «على الاخوات والاخوة في التحالف الوطني تحمل المسؤولية التاريخية والعمل بجدية وبأسرع وقت لإيجاد البديل من داخل التحالف الوطني لرئاسة مجلس الوزراء». وطالبت بان «يكون (البديل) قادراً على تعزيز اللحمة الوطنية وبناء الدولة المدنية والديموقراطية واحترام الدستور والعمل بمفرداته وتقديم الخدمات والقضاء على الفساد».
من جهته، قال المالكي في بيان نشر على موقع رئاسة الوزراء إن «عملية تنظيم قوائم بأسماء بعض النواب مؤخراً وأخذ تواقيعهم خارج قبة البرلمان اقترنت بالعديد من الممارسات غير الدستورية والمخالفة للقانون سواء من خلال التهديد او التزوير او الابتزاز». ودعا الرئيس جلال طالباني الى «ملاحظة مدى مطابقة هذه الممارسات للمعايير الدستورية والقواعد القانونية وعرض ما بحوزته من تواقيع للتحريات الجنائية والتثبت من مدى صحتها».
واضاف المالكي إن «على الاجهزة المعنية جلب كل من يثبت بحقه القيام بعملية تزوير او تهديد لنائب من النواب او اي ممارسة مخالفة للقانون وتقديمه الى العدالة لمحاسبته حفاظاً على سلامة الحياة الديموقراطية وصوناً لتقاليدها المعروفة».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد