مصـر تحـت مقصلـة «دسـتـور الإخـوان»: الجماعة تروّج لحكومة يرأسها الشاطر
ابتداءً من مساء اليوم ستصبح مصر رسمياً تحت مقصلة «دستور الإخوان»، إذ من المتوقع أن تجتمع اللجنة العليا للانتخابات مساءً لتعلن تمرير الدستور الجديد وفقاً لنتائج الاستفتاء المطعون في شرعيته الشعبية.
الإعلان الرسمي عن تمرير الدستور «الإخواني» سيكون بمثابة إشارة الانطلاق لجولة جديدة في معركة سياسية طويلة تدور رحاها على أكثر من صعيد بين تيار الإسلام السياسي ممثلاً بـ«الإخوان» وحلفائهم السلفيين من جهة، والقوى الثورية والمدنية التي قررت حشد قوتها لتغيير الأمر الواقع من خلال خوض الانتخابات التشريعية بعد نحو شهرين.
وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار سمير أبو المعاطي لصحيفة «المصري اليوم»، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، إنه سيُعلن عن نتيجة الاستفتاء على الدستور، بمرحلتيه، عند الساعة السابعة من مساء اليوم.
وأشار أبو المعاطي إلى أن اللجنة العليا انتهت من النظر في جميع الشكاوى والبلاغات، بالإضافة إلى إعادة فحص وتدقيق كل الأرقام الخاصة بالنتائج التي تم إعلانها في اللجان الفرعية والعامة، وتلقتها اللجنة العليا للانتخابات.
ولا يبدو أن ما ستعلنه اللجنة العليا للانتخابات سيختلف عما سبق أن أعلنته جماعة «الإخوان» لجهة حصول دستورها على موافقة 64 في المئة من أصوات المصريين، في استفتاء اتسم بمشاركة شعبية هزيلة لم تتجاوز 33 في المئة، وشابته انتهاكات خطيرة أعادت التذكير بعمليات التزوير التي كانت تشهدها الانتخابات والاستفتاءات أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وفي موازاة ذلك، تنظر محكمة القضاء الإداري اليوم في الدعوى المقدمة من عدد من المحامين لوقف تنفيذ وبطلان قرار رئيس الجمهورية بإجراء الاستفتاء على الدستور في مرحلتين.
وقال المحامي إيهاب الطماوي، وهو أحد مقدّمي الدعوى، إنه من المتوقع أن يصدر الحكم في القضية اليوم. وأضاف أن قرار رئيس الجمهورية بإجراء الاستفتاء على مرحلتين يعد باطلًا لأسباب عدة، أبرزها مخالفة القرار لمواد الإعلان الدستوري الصادر في 30 آذار 2011، والذي توجب المادة 60 منه طرح مشروع الدستور خلال 15 يوماً على الأكثر للاستفتاء، ومخالفته المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية والتي توجب أن يرأس اللجان عضو هيئة قضائية، وكذلك مخالفته لمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في الإعلان الدستوري حيث تم تمييز 17 محافظة شاركت في الاستفتاء في المرحلة الثانية بإضافة مهلة أسبوع لدراسة مشروع الدستور وتكوين رأي فيه، وهي المدة التي لم تمنح لمواطني المحافظات العشر التي صوتت في الجولة الأولى.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «الشروق» عن مصدر مقرب من مؤسسة الرئاسة أن الرئيس محمد مرسي سيوجه كلمة إلى الشعب عقب إعلان النتائج النهائية للاستفتاء. وأشار المصدر إلى أن كلمة مرسي ستتضمن إطلاق دعوة للقوى السياسية لبدء حوار جدي بشأن قانوني انتخابات مجلسي الشعب والشورى.
يذكر أن مرسي أصدر قراراً جمهورياً يوم أمس بدعوة مجلس الشورى للانعقاد يوم غد لافتتاح دورة الانعقاد الثالثة والثلاثين، والتي ستشهد أداء الأعضاء المعينين اليمين الدستورية لانضمامهم إلى اللجان الفرعية في المجلس.
يأتي ذلك، في وقت قال رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي إنه يمد يده إلى محمد مرسي شرط تشكيله حكومة إنقاذ وطني، وأن يتحدث كرئيس لكل المصريين، وأن يبدأ من الآن في تشكيل لجنة تأسيسية جديدة تكتب دستوراً لكل المصريين بهدوء شديد حتى لو استغرق عملها عامين.
وقال البرادعي، في مقابلة مع صحيفة «الشروق»، إن الدستور حصل على شرعية قانونية ولكن ليس على شرعية شعبية كاملة أو إنسانية، مقترحاً أن يتم التعامل مع الدستور الجديد باعتباره دستورا مؤقتا، مثلما كان البعض يقترح الفكرة ذاتها لدستور العام 1971، وفي المقابل يدعو رئيس الجمهورية إلى تشكيل جمعية تأسيسية حقيقية وممثلة لكل أطياف الشعب المصري لكي تعمل بهدوء شديد، ومن دون ضغوط أو جداول زمنية، لإنجاز دستور ديموقراطي حقيقي يعيد التوازن المفقود ويحقق العدالة الاجتماعية ويلمّ الشمل.
وكان لافتاً في حديث البرادعي أنه لم يستبعد فكرة مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة إذا أصر «الإخوان» على السير في نهجهم الحالي، لكنه رهن القرار بالمشاورات داخل جبهة الإنقاذ الوطني.
بدوره، جدد مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي رفضه للدستور الجديد، قائلاً إن «الاستفتاء شهد تزويرا، لكننا نتعامل معه على أنه أمر واقع، وسنناضل من أجل إسقاطه».
وتوقع صباحي، في مقابلة مع وكالة «الأناضول» تنشر اليوم، حصول جبهة الإنقاذ الوطني، التي يعد أحد أبرز قادتها، على الغالبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة إذا قررت الجبهة خوض الانتخابات.
وأضاف أن نتائج الاستفتاء على الدستور، مقارنة بنتائج استفتاء الإعلان الدستوري في آذار العام 2011، تشير إلى تراجع شعبية تيار الإسلام السياسي عامة، و«الإخوان المسلمين» على وجه التحديد.
وفي موازاة استعدادات القوى المدنية لخوض الجولة الجديدة في المعركة ضد حكم «الإخوان»، يبدو أن الجماعة تستعد بدورها لتعزيز سيطرتها الكاملة على الدولة المصرية.
وقال عضو الهيئة العليا لـ«حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لـ«الإخوان»، أمير بسام إن «هناك رغبة داخل الحزب لإحداث تغييرات وزارية في تشكيلة الحكومة الحالية، وترشيح كوادر في الحزب لتولي عدد من الحقائب الوزارية البالغ عددها ست وزارات، وعلى رأسها المالية والكهرباء والتموين والزراعة».
وأشار بسام إلى أن الحزب لم يتطرق إلى خيار إقالة الحكومة الحالية، وتعيين أخرى برئاسة نائب المرشد العام لـ«الإخوان» المهندس خيرت الشاطر، مشددا على أن «الأمور كافة ما زالت قيد البحث والدراسة في مرحلة ما بعد وضع الدستور».
لكن «الشروق» نقلت عن مصادر مطلعة داخل «حزب الحرية والعدالة» أن الاتجاهات بين القيادات تنحصر في أن تقدم الحكومة الحالية استقالتها، ويتم تشكيل حكومة جديدة في ظل وجود دستور جديد يحدد صلاحيات واختصاصات جديدة لرئيس الحكومة، إلى جانب رأي آخر يرى تأجيل تشكيل الحكومة الجديدة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، بحيث يتولى الحزب أو التيار صاحب الأغلبية تشكيل الحكومة.
يأتي ذلك، في وقت شرع ناشطون منتمون إلى «الإخوان» في إنشاء صفحات الكترونية لدعم تولي خيرت الشاطر رئاسة الحكومة. وانتشرت على صفحات مواقع «فايسبوك» و«تويتر» عبارات مثل «حان الوقت لكي نبدأ البناء... ومن هنا ندعم وبقوة المهندس خيرت الشاطر رئيسا للوزراء»، و«بعد الاستفتاء العظيم وبعد إقرار الدستور، نطالب بترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الحكومة».
من جهة ثانية، قال وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي إن القوات المسلحة «انطلاقًا من دورها الوطني أدت واجبها من خلال حماية وتأمين مقار لجان الاستفتاء على الدستور لبث روح الأمن والطمأنينة للمصريين، وذلك لكي يدلوا بأصواتهم والتعبير عن آرائهم بحرية تامة».
وشدد السيسي على أن «المؤسسة العسكرية تمارس مهامها بتجرد تام، ولا يعنيها إلا شعب مصر الذي تنحاز إليه دائماً في إطار عقائد استراتيجية راسخة بأهمية عدم التدخل في الصراعات والممارسات السياسية، وحتى لا تكون طرفا ضد آخر، إدراكا منها بمخاطر ذلك على الأمن القومي والاستقرار الداخلي».
(«السفير»)
إضافة تعليق جديد