مصـر: محـاولات الهـروب من شـبح الإفـلاس
«خزانة الدولة تعاني»... جملة مرت عرضا في حديث رئيس الوزراء هشام قنديل قبل أيام في سياق حديثه عن أهمية جلب حزمة من الاستثمارات الأجنبية في محاولة لانتشال الاقتصاد المصري من الأزمة المالية التي تعصف به.
ويقف في المقدمة من تلك الأزمات الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية الذي تراجع إلى مستوي قياسي حيث وصل إلى 13.6 مليار دولار وفق ما أعلن عنه المصرف المركزي المصري في مطلع الشهر الحالي، وانخفاض تصنيف مصر الائتماني إلى مستويات قياسية أدت إلى توقف الشركات والدول الموردة لسلع إستراتيجية كالقمح عن التوريد إلى مصر إلا بعد تحصيل مستحقاتها المالية ووجود ضمانات مالية للطلبات الجديدة أو دفع ثمنها مقدماً.
وتظهر تبعاتها في كل مكان في مصر فطوابير الحصول على المحروقات تمتد لعدة كيلومترات، والسلع الأساسية ارتفع سعرها بشكل جنوني في ظل ارتفاع دائم ومستمر لسعر صرف الدولار في مقابل الجنية المصري، في حين كشف وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي أن احتياطيا من الواردات السلعية لا يكفي لتغطية أشهر. والغريب في الأمر أن الحكومة المصرية في ظل تلك الأزمة الطاحنة قامت بشراء قنابل للغاز المسيل الدموع بقيمة تجاوزت ثلاثة ملايين دولار أميركي من الولايات المتحدة الشهر الماضي لمواجهة المظاهرات التي تجتاح البلاد منذ فترة طويلة .
أروقة المصرف المركزي المصري - أهم المؤسسات المعنية بمواجهة الأزمة الاقتصادية - تشهد حراكا مستمرا في إطار المحاولات التي يبذلها المحافظ الجديد للمصرف هشام رامز، القادم من القطاع المصرفي الخاص، لاحتواء الأزمة المتفاقمة.
وأكد رامز أنه يهدف إلى كبح وتيرة الانخفاض في الاحتياطي من النقد الأجنبي الشهر المقبل، مرجعا سبب الانخفاض الحاد الى سداد مصر قسطاً من مديونيات نادي باريس بقيمة 660 مليون دولار، بالإضافة الى الاستخدامات التقليدية للاحتياطي في تلبية الاحتياجات الضرورية.
المحافظ الجديد أشار الى أن الاحتياطي النقدي فقد أكثر من 22 مليار دولار خلال الفترة السابقة، لسداد التزامات مختلفة، وكان من الأفضل قبل عام من الآن ترشيد تلك المبالغ وقصر دعم الاحتياطي على السلع الأساسية، وهو ما دفعه إلى أن يصدر قرارات برفع الغطاء النقدي عن العديد من السلع من أهمها الأدوية والأمصال والكيمائيات كخطوة في إطار ترشيد استهلاك الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وطلب المصرف المركزي من المصارف الأخرى إعطاء الأولوية في تدبير العملة الأجنبية للعمليات الخاصة بالاستيراد على السلع الغذائية الأساسية والتموينية.
وبعيدا عن توفير النقد الأجنبي يجد المصرف المركزي صعوبة في توفير النقد لسداد التزامات الدولة وخاصة أجور الموظفين، وهو ما دفع المصرف إلى التخطيط لطرح أذون خزانة بقيمة إجمالية تقدر بنحو 5.5 مليار جنيه خلال الأسبوع الحالي.
طرح الأذون يأتي كخطوة من جانب المصرف المركزي لسد العجز في الموازنة العامة للدولة، حيث بلغ العجز للعام المالي الحالي 140 مليار جنيه، ويتم تمويله عن طريق طرح المصرف المركزي لأذون وسندات خزانة، أي أدوات الدين الحكومية.
ووفق خطة المصرف المركزي، فمن المقرر طرح أذون خزانة بقيمة إجمالية تقدر بـ130 مليار جنيه، وباقي قيمة العجز البالغة 10 مليارات جنيه، يتم توفيرها عن طريق المساعدات والمنح من الدول العربية والقروض الدولية.
مصادر داخل المصرف المركزي أكدت لـ«السفير» أن المصرف لا يخطط لطبع أي عملات نقدية جديدة لأن ذلك قد يهدد الاقتصاد المصري والعملة المصرية بالانهيار وخاصة في حالة التدني الكبير في الاحتياطي من النقد الأجنبي، إلا أن المصادر أكدت في الوقت ذاته أن طباعة النقد الجديد قد تكون ورقة أخيرة في يد المصرف لإخراج الحكومة المصرية من أزمة مالية طاحنة قد تمنعها من سداد ما عليها من التزامات مادية .
ويبقى السؤال: هل تفلح خطط محافظ المصرف المركزي الجديد هشام رامز في علاج الأزمة الاقتصادية المصرية، أم تقود تلك السياسات مصر إلى أصعب كوابيسها في الفترة الحالية، وهي الإفلاس ؟
أحمد عبد الفتاح
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد