تركيا ومصر تفاوضان على غاز إسرائيل
تحتشد القوات الأميركية وغيرها من القوات في البحر المتوسط، استعداداً لضربة عسكرية ضد سوريا، وتجري هي وإسرائيل تجربة صاروخية من وسطه إلى شرقه، ولكن ذلك لا يمنع تكثيف المفاوضات الاقتصادية بين إسرائيل وتركيا حول غاز حقل «لفيتان» المحاذي للحدود البحرية مع لبنان.
في المقابل، تبقى حالة التخبط هي السمة الطاغية على التعامل الرسمي اللبناني مع الملف الغازي، في ظل ارتفاع منسوب الخلافات التي حالت وتحول دون عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال من أجل إقرار مرسومين حيويين يتعلقان بالمناقصة النفطية.
وفي هذا الإطار، قال الرئيس نجيب ميقاتي » ان ما يريده «هو الا نعقد جلسة لمجلس الوزراء تتحول الى حلبة اشتباك حول النفط، الأمر الذي يرتد سلبيات كبرى على هذه الثروة الوطنية». وأضاف: «صحيح انني قد وعدت بعقد جلسة، لكن تبين لي عدم وجود توافق كامل بين قوى الحكومة على عقد الجلسة، وفي غياب هذا الاجماع، لا استطيع ان اعقد جلسة تعطي اشارة سلبية للخارج».
وأشار الى انه بين ان يجتمع مجلس الوزراء ويختلف حول النفط، وبين التأخير التقني في البدء بعمليات التلزيم والتنقيب، اختار التأخير باعتباره اهون الشرين، مشددا على ان المطلوب هو الاجماع الذي يحمي النفط، وخير ان يأتي النفط متأخرا، من الا يأتي ابدا.
في هذا الوقت، أعلن وزير الطاقة جبران باسيل عن تمديد مهلة تقديم العروض للمزايدة باستخراج الغاز من المياه البحرية من 4 تشرين الثاني 2013 إلى 10 كانون الأول 2013. ورأى «ان أي تأخير في الوقت يعطي أسبقية لإسرائيل»، مشيراً إلى أن «هناك إرادة خارجية اسرائيلية وإقليمية لمنع لبنان من استخراج النفط، ولكن المشكلة أن التعطيل يكون دائماً من الداخل». وحمل باسيل المسؤولية للحكومة «بكل افرقائها ومكوناتها»، محذرا «من العملاء النفطيين الإسرائيليين في لبنان».
في غضون ذلك نشرت مجلة «Platts» (بلاتس) المتخصصة في قضايا النفط والغاز أن شركة «Turcas» (توركاس) التركية طلبت السماح لها بإنشاء خط لنقل الغاز من حقل «لفيتان» إلى تركيا. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن مفاوضات تجري أيضاً بين إسرائيل وشركة الغاز المصرية لبيعها بعض انتاج حقل «لفيتان» الواقع غربي حيفا في عرض البحر المتوسط.
وأشارت صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن الكثير من الشركات تهتم بالقرار، الذي سيصدر عن المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن تصدير الغاز من الحقول البحرية المكتشفة.
يذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية ستصدر في 17 من الشهر الحالي قرارها النهائي بعدما كانت أوقفت بقرار احترازي تنفيذ قرار حكومي بتصدير 40 في المئة من انتاج حقول الغاز الإسرائيلية.
وقد رفع الدعوى ضد قرار الحكومة الإسرائيلية ساسة وشخصيات عامة طالبوا بإخضاع تصدير الغاز لقرار من الكنيست وليس من الحكومة. وتنتظر صدور هذا القرار بفارغ الصبر شركة «وودسايد» الأسترالية التي اتفقت على شراء 30 في المئة من امتياز «لفيتان» مقابل 1,26 مليار دولار. غير ان الصفقة لم تنفذ بانتظار انتهاء المداولات وصدور القرار بشأن نسب تصدير الغاز من الحقول الإسرائيلية.
ولكن انتظار الشركات الإسرائيلية والدولية هذا القرار لم يمنع عملاق الغاز التركي «Turcas» من إجراء اتصالات لشراء الغاز المنتج من حقل «لفيتان»، والذي تمتلك «نوبل إنرجي» الأميركية و«ديلك» الإسرائيلية حصة الأسد منه. واستندت «غلوبس» في تقريرها إلى ما نشرته مجلة «Platts» المتخصصة بشؤون الطاقة.
وكان وزير البنى التحتية الإسرائيلي سيلفان شالوم قد هدد بأنه إذا قبلت المحكمة العليا الاعتراض، فإن الحكومة ستلجأ إلى سن قانون يسمح بتصدير الغاز بالنسبة التي قررتها.
وبحسب التقرير فإن شركة «Turcas» طلبت من المسؤول عن شؤون الغاز في تركيا السماح لها بإنشاء خط لنقل الغاز من شرق المتوسط إلى تركيا. ونقلت المجلة عن أحد كبار المسؤولين في الشركة التركية باتو أكسوي (Batu Aksoy)، قوله إنه «عندما تعود العلاقات التركية الإسرائيلية إلى طبيعتها فإن هذه فرصة كبيرة للطرفين». وألمح أكسوي في مقابلة مع مجلة «Platts» الى حقل «لفيتان» من دون الإشارة إليه، ولكنه تحدث عنه صراحة في مقابلة مع التلفزيون التركي بوصفه أحد مصادر الغاز الطبيعي التي تأمل شركة «Turcas» بإنضاج الاتصالات والتوصل إلى اتفاق ناجز بشأنها.
غير أن المحادثات الاقتصادية على أهميتها تواجه عراقيل ذات طبيعة سياسية. فبرغم إتمام الإدارة الأميركية لاتفاق تركي - إسرائيلي بشأن المصالحة، إلا أن الخلافات ما تزال على أشدها بشأن تعويض الضحايا الأتراك الذين سقطوا نتيجة اقتحام الجيش الإسرائيلي سفينة «مرمرة» أثناء محاولتها الوصول إلى شاطئ قطاع غزة ضمن حملات دولية لفك الحصار عنها.
وكانت وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية الدولية قد حذرت من أن تصاعد اتهامات رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان لإسرائيل، وآخرها اتهامه لها بالوقوف خلف الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي تضر باحتمالات التعاون في مجال الغاز. وأشارت إلى أن «انعدام القدرة على إبرام صفقة أنبوب الغاز سيضر بمطامح تركيا التحول إلى قوة غازية مركزية وستواصل دول أوروبا الاعتماد على الغاز الروسي والإيراني». وقالت الوكالة في تحليل إخباري لها إن اتهامات أردوغان تُعرض احتمال التعاون الإسرائيلي - التركي بشأن أنبوب الغاز للخطر.
واشارت الوكالة الى أن زيادة التوتر بين تركيا وإسرائيل تعرض للخطر التعاون القائم بين شركة «ديلك» الإسرائيلية وشركة الاستثمارات التركية «Zorlu Holding» في مشروعهما لإنشاء أنبوب يربط حقول الغاز الإسرائيلية بتركيا، ومنها إلى دول أوروبا.
والمعروف أن مشاريع إنشاء هذا الخط الذي تبلغ تكلفته حوالي ملياري دولار جاهزة، ولكن الخلاف السياسي هو ما يدفع النقاشات الاقتصادية إلى الوصول إلى طريق مسدود. وشدد تحليل «بلومبرغ» على أن مشروعاً كخط أنبوب الغاز يحتاج أولاً إلى تفاهم سياسي وتعاون اقتصادي، وهو ما تفتقر إليه العلاقات اليوم.
وعموماً يكثر الحديث مؤخراً عن أن المهتمين بالغاز الإسرائيلي ليسوا أوروبيين أو أتراكا أو أستراليين فقط، بل عرب أيضاً. وقد سبق وجرت مفاوضات لبيع الغاز إلى السلطة الفلسطينية والأردن. ولكن الجديد الذي تردد مؤخراً هو اتصالات مع مصر لتصدير الغاز الإسرائيلي إليها. وينطوي الأمر على مفارقة بسبب المواقف الشعبية المصرية الحادة ضد تصدير الغاز لإسرائيل، والتي قادت لاحقاً إلى قطع هذا الغاز.
ولكن شركة «ديلك» الإسرائيلية أكدت قبل أيام وجود اتصالات لتزويد زبائن مصريين بالغاز الطبيعي الإسرائيلي. وذكرت الصحف الإسرائيلية أن الاتصالات على ما يبدو تجري عبر شركات دولية تدير محطتي تسييل الغاز المصريتين اللتين باتتا تعانيان من نقص في الانتاج. والحديث يدور أساساً عن محطتي «إدكو» و«دمياط»، اللتين تديرهما شركات «بريتش غاز»، و«يونيون فينوسا غاز»، و«غاز نيتشرال» الإسبانية.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد