معالجة أحياء المخالفات تحتاج إلى 1200 ملياراً فقط
في ظل طرح قانون الاستثمار العقاري للنقاش العام، والجهود المبذولة لمعالجة مشكلة المخالفات عن طريق معرفة اسبابها وافضل السبل لمعالجتها.
اصبحت مسألة تأمين السكن الملائم الدائم مشكلة لا بد من معالجتها ونظرا لخطورة هذه المشكلة نتيجة لأهمية المسكن في تكوين الانسان، جاءت ندوة الثلاثاء الاقتصادي، التي قدمتها الدكتورة ختام تميم بعنوان «الاسكان وقانون الاستملاك والسكن العشوائي» لتسلط الضوء على هذه المشكلة، وتقديم الحلول الواعدة لمعالجتها.
أظهرت د. تميم ان ظاهرة السكن العشوائي منتشرة في اغلب دول العالم المتقدمة منها والمتخلفة، لا بل انها موجودة في اغلب الدول العربية. لكنها تختلف في حدتها بين الدول وحتى داخل القطر الواحد، نظراً لاختلاف خصائص كل مدينة او دولة ومواردها.
قامت الدكتورة تميم بتعداد اهم المشاكل في مناطق السكن العشوائي وهي: عدم وجود شبكات للمياه الصالحة للشرب، والافتقار الى شبكات الصرف الصحي وخدمات النظافة العامة، ما يؤدي الى انتشار الامراض والاوبئة. افتقار هذه الأحياء الى شبكات المواصلات، والكثافة السكانية المرتفعة، الامر الذي يؤدي الى خلق اشكاليات دائمة ومستمرة. كذلك انتشار البطالة وظاهرة تشغيل الاطفال، وأخيراً نشوء القطاع الاقتصادي غير المنظم والاعمال الصناعية والتجارة غير المرخصة.
اما أهم الاسباب التي ساعدت على نشوء هذه الظاهرة فهي: النمو السكاني المتسارع، وزيادة الطلب على السكن، بالاضافة الى قصور برامج التنمية والتخطيط الاقتصادي عن تلبية حاجات النمو السكاني وارتفاع حدة البطالة، والهجرة الداخلية من الريف الى المدينة، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي والكثير من الدراسات تشير الى ضرورة ان يكون معدل النمو الاقتصادي ثلاثة اضعاف معدل النمو السكاني.
أما عن هذه الظاهرة في سورية فقد بينت المحاضرة انه نتيجة لاهمال هذه الظاهرة لمدة ثلاثة عقود، نتج عدد كبير من التجمعات السكانية المخالفة، حيث بلغ عددها 2،1 مليون سكن عشوائي، تحتاج الى 1200 مليار ليرة لمعالجتها، بالاضافة الى ما كشفه احد التقارير عن وجود منطقة خطرة في دمشق بطول عشرة كيلو مترات وبعرض 20 ـ 30 متراً، وتمتد من منطقة حي تشرين حتى مزة 86 مروراً بعش الورود وبرزة والشيخ محي الدين وركن الدين والمهاجرين. حيث يمتد تحت هذه المنطقة ما يسمى بنطاق الكهف، الذي تشكل نتيجة انحلال طبقات الكلس الغضاري بين طبقات اكثر قساوة.
اضافة الى التشوه العمراني، حيث بات السكن العشوائي يطوق المدن الكبرى، ففي دمشق تبلغ مساحة السكن العشوائي 1430 هكتاراً يسكن فيها 36% من السكان، وفي حمص 40% وفي حلب 32% وساهم السكن العشوائي في تأمين 50% من السكن على مستوى القطر في فترة الثمانينات، الامر الذي نجم عنه ارباك حقيقي في شبكات المياه وتلوث البيئة وتشوه الملامح العمرانية والازدحام والكثافة السكانية غير المخططة. وعززت الدكتورة تميم ذلك بفيلم مصور منذ فترة قريبة لبعض مناطق المخالفات في مدينة دمشق، يظهر ضيق الطرقات فيها وتداخل شبكات المياه مع شبكات الصرف الصحي، وخطوط الهاتف مع الكهرباء، وتراكم الاوساخ.
ثم قامت المحاضرة بعرض اسباب ارتفاع اسعار العقارات في سورية وبعض الاسعار في دمشق واللاذقية، كذلك خطط واجراءات الحكومة لمعالجة هذه الظاهرة من خلال طرح مشروع الاستثمار العقاري للنقاش العام والتعاقد لبناء 100 الف وحدة سكنية خلال السنوات العشر القادمة، والتعاون مع الاتحاد الاوروبي لتنظيم السكن العشوائي. وأخيراً قدمت مجموعة من المقترحات الواجب اتخاذها خلال الخطط المتعاقبة واهمها: آولاً معالجة البؤر الاستيطانية الحالية من خلال:
ـ سرعة إعداد المخططات التنظيمية العاملة والتفصيلية لتأمين الاراضي المعدة للبناء.
ـ تعديل نصوص قوانين العمران، بشكل يؤدي الى النمو العمراني السليم.
ـ تأمين الاراضي المعدة للبناء بحسب حاجة النمو، من قبل الجهات المختصة.
ـ العمل على رسم سياسات تنموية في المدن الصغيرة والارياف للحد من الهجرة الى المدن الكبرى.
ثانياً: العمل على منع تكرار وازدياد هذه البؤر الاستيطانية من خلال ضبط المناطق المخالفة بشكل يمنع انتشارها، وتشكيل لجنة لإعادة تأهيل مناطق المخالفات، وتشجيع القطاع الخاص لانشاء تجمعات نظامية، وان يكون السكن الشبابي حالة دائمة في سورية.
. عندما قامت الدكتورة ختام تميم بعرض الفيلم لمناطق المخالفات علق الكثير من الحضور هذه حاراتنا.. ونسبة قليلة فقط تساءلت: هل هذا موجود فعلا في دمشق؟
. قالت المحاضرة: ان وزارة التربية استعانت بالطيران لانزال مواد البناء اللازمة لبناء إحدى المدارس في منطقة مخالفات مرتفعة، نتيجة لضيق الشوارع.
. احد الحضور طالب بإسكان بعض المسؤولين في مجال البناء والخدمات في مناطق المخالفات، حتى يعرفوا بهذه المشكلة، فرد عليه بعضهم بانه لا يمكن ادخال سياراتهم الى هذه الحارات.
السيد هايل أبو طراد: حدث ولا حرج عن السكن العشوائي، وبالنسبة للاستثمار العربي والاجنبي في العقارات كالمستجير من النار بالرمضاء.
وتساءل: هل سكان المخالفات خارجون على القانون، ام القائمون على هذه المناطق.
السيد نواف بلان: كل مواطن يقطن في المناطق العشوائية يدفع اكثر من التكلفة الحقيقية لجيوب الفاسدين، وتقصير الحكومات في تنمية الريف والمناطق النائية، سبب رئيس لهذه الظاهرة.
إحدى المداخلات: عملية الاستملاك غير واقعة في ذهن بعض الناس حيث ان الاستملاك يجب ان يكون للنفع العام وليس الخاص، كما ان حل مشكلة السكن لا يمكن ان يتم عن طريق الاستملاك.
الدكتور حيان سلمان: الاقتصاد غير المنظم يعشعش في المخالفات، كذلك كلما تركنا الموضوع للقطاع الخاص تعقدت الامور، ونحن لدينا قطاع عام إنشائي له سمعته على المستوى الوطني والاقليمي، لذلك على الدولة ان تتدخل في القطاع العقاري وهذا يتناسب مع مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي.
باسم المحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد