لايبقى من المرء بعد موته سوى كلماته الجيدة، لذلك فإن الشعراء والكتّاب والمفكرين هم الأكثر هوساً بالخلود بيننا. ففي البدء كان الكلمة، ولايمكننا معرفة الله من دون الكلمة، لهذا أوصى عباده المؤمنين بالقراءة، غير أن القراءة قبل اختراع الكتابة لم تكن تعني ما تعنيه بعدها، فأن تقرأ الطبيعة أو الناس يعني أن تستكشف باطنهم، وعندما أمر الربُّ عبده ورسوله الأمي محمدا بالقراءة لم يكن يقصد تفكيك الحروف والكلمات المكتوبة في بلاد لا كتب ولا مكتبات فيها؛ إذ أن الخط والنحو العربي لم يكتملا حتى القرن الهجري الثاني وكانت الثقافة العربية شفوية، ولعل الربَّ كان يقصد قراءة معجزاته في الأرض من أجل فهم أفضل للحياة ..