حكاية أمير العشاق وقصص أخرى عن “فالنتاين” حمص
تحتفظ محافظة حمص في ذاكرتها بحكايا من هنا وهناك لأحبة نقشوا في قلوبهم قصصاً تحكى العشق وتختزنه كربيعٍ بين الفصول، المدينة التي تسمّي أحد أبرز شوارعها ب “شارع العشاق” تحمل في تاريخها للحب مكانة فريدة.
وعن قصص بعض الهائمين على أفئدتهم يذكر الأكاديمي جمال ابراهيم لمحات من العشق الحمصي، لعشاق أثروا الحكايات بما يبلغ النفس من عشق وهيام على مدار التاريخ منذ كان اسم حمص “إميسا”.
ديك الجن الحمصي
يروي “ابراهيم” إن قصة الشاعر عبد السلام بن رغبان المشهور باسم “ديك الجن الحمصي” يحفظها عن ظهر قلب نهر العاصي، فله حكاية مع عشيقته ورد تشبه حكاية “عطيل” لشكسبير.
ويقول “ابراهيم”: اشتهر ديك الجن بعشقه للفتاة “ورد”، وتمكّن هواها من قلبه وقال فيها: “انظر إلى شمس القصور وبدرها.. وإلى خزاماها وبهجة زهرها”.
ويتابع “ابراهيم”: أوقع الحاسدون ذات يوم بين “ديك الجن” وحبيبته “ورد” بجرم باطل وهو خيانتها له، فقتلها وعندما عرف الحقيقة أمضى باقي حياته في منطقة الميماس بحمص على ضفاق العاصي لاهياً مجنوناً يبكي حبيبته ويقول بها أشعار الندم حتى وفاته.
شيخ البادية والفتاة الانكليزية
وعن قصة بطابع مختلف يقول “ابراهيم”: يتحدّث التاريخ الواقعي لمدينة حمص عن شيخ في بادية حمص الشرقية اسمه “مجول المصرب” صاحب ثقافة واسعة وشخصية فولاذية.
ويذكر “ابراهيم” أن الشيخ “مصرب” كان بهيّ الطلعة على معرفة بالمناطق الأثرية في البادية لذلك كان يرافق الوفود السياحية الغربية التي تقصد الصحراء.
ويتابع “ابراهيم”: ذات يوم كان مع الوفد السياحية فتاة بريطانية اسمها “جين دغبي” ابنة الجنرال “هنري دغبي” وشاءت الأقدار أن يكون رفيقها في جولتها هو الشيخ “مجول”، الذي قصّ عليها حكايات من البادية وأشعاراً عربية قديمة.
وأضاف “ابراهيم”: هذه الرحلة كانت الشرارة لتعلّق جين بالشيخ “مجول” ومن ثم تطوّر التعلّق لعشق، وطلبت جين من الشيخ مجول الزواج بها لكنه رفض في بادئ الأمر.
وتابع “ابراهيم”: رحلت جين الى أثينا ثم عادت لتعيد طلبها الزواج من الشيخ “مجول” الذي وافق وتم الزواج على طريقة أهل البادية أمام شيوخ العشيرة وأصبح لقبها “أم اللبن” لشدّة بياض بشرتها.
ويذكر “ابراهيم”: تعلمت جين اللغة العربية، وأصبحت احدى نساء القبيلة التي تحلب النوق وتلقي القصائد وتطهو لزوجها، وانتقل الشيخ مجول وزوجته إلى دمشق.
وتوفيّت جين بالكوليرا التي انتشرحت حينها في دمشق، وصلّى عليها زوجها الشيخ مجول في الكنيسة، لتبقى حكايتهم مخطوطة بإسم “روح الشرق”.
عشق حمصي على عرش روما
وعن العشق الحمصي أيضاً قال الأكاديمي جمال ابراهيم لتلفزيون الخبر أن حمص إبان الحكم الروماني القديم كانت تعبد إله الشمس في معبد هو حالياً الجامع النوري الكبير.
وتابع “ابراهيم”: كان للمعبد كاهن اسمه باسيانوس يهتم به، وله ابنة اسمها “جوليا دومنا” بهية الطلّة مضرب المثل في الجمال بوقتها.
وأضاف “ابراهيم”: ذات يوم زار حمص “إميسا” قائد روماني شاب اسمه “سبتيموس سيفيروس”، وشاءت الصدف أن يتعرّف هذا القائد الروماني الشاب على الكاهن “باسيانوس” ويعجب بابنته التي بادلته مشاعره بدورها، وتزوجا”.
وأضاف “ابراهيم”: أصبح القائد الشاب “سبتيموس سيفيروس” إمبراطوراً على روما، لتصبح جوليا الحمصية ملكة بدورها، ويقال أن منزلها الأساسي موجود حتى الآن في حمص القديمة قريب من كنيسة أم الزنار..
موشحات العشاق
وإلى القرن الثامن عشر يحمل “ابراهيم” حكاياته فيقول “اشتهر في حمص الشيخ أمين الجندي الذي لقب بأمير العشاق وكان متجذراً بالمذاهب الصوفية التي تدعو للعشق”.
ويتابع “ابراهيم”: اشتهر الشيخ أمين بنظمه للشعر الذي يعبّر عن العشق بأسمى صوره حيث ألّف الموشحات مثل موشح: “هيمتني تيمتني عن سواها أشغلتني…أخت شمس ذات أنس لا بكاس أسكرتني”.
واشتهر الجندي بحسب “ابراهيم” بكتابة “قد” من القدود جرى على ألسنة الناس وفاح عبيره بين السوريين هو قد “يا غزالي” حيث يقول “يا غزالي كيف عني أبعدوكْ؟ شتتوا شملي وهجري عوّدوكْ”.
وبحسب الأكاديمي جمال ابراهيم فإن لحمص قصص كثيرة عن عشّاق رهنوا قلوبهم للهيام والوجد، فالحب هو أصل وجود الانسان وهو الحالة التي تصنع الشراكة في الحياة على أساس قلب واحد ينبض داخل جسدين يمضيان في حياتهما معا كما يقول وديع الصافي “قومي تنمشي بهالدني يا حلوة الحلوين”.
الخبر
إضافة تعليق جديد