محكمة لاهاي حول منطقة أبيي: النفط للشمال والأراضي الخصبة للدينكا
أصدرت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، أمس، قرارها بشأن النزاع الدائر بين الخرطوم وجنوب السودان حول منطقة أبيي الغنية بالنفط والواقعة جنوب اقليم كردفان الذي تقطنه قبائل المسيرية العربية والدينكا الافريقية، رغم رفض القاضي الأردني عضو لجنة التحكيم، عون الخصاونة لمحتوى القرار الذي ينص على تقليص حدود منطقة ابيي من 18500 كلم مربع الى 10 آلاف كلم مربع، بحسب خريطة أصدرتها المحكمة.
وكانت حكومة الخرطوم و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» رفعتا في كانون الأول الماضي إلى محكمة لاهاي نزاعهما حول حدود منطقة ابيي التي تشهد باستمرار اشتباكات بين القبائل المسلحة، ما أثار مخاوف على مصير اتفاق السلام الشامل الذي وضع حداً في العام 2005 لحرب أهلية دامت عشرين عاماً بين الطرفين.
وطالبت المحكمة الطرفين المعنيين بالتنفيذ الفوري للقرار إلى جانب تسهيل عملية إعادة ترسيم الحدود الشرقية والغربية، التي أكد المحللون أنها تمنح الخرطوم السيطرة على معظم مرافق المنطقة النفطية كحقل هيجليج وخط أنابيب «نفط النيل»، رغم إبقاء بعض الحقول الأخرى ضمن حدود المنطقة.
وكانت حكومة الخرطوم بقيادة «حزب المؤتمر الوطني» تخشى من أن تعتبر محكمة التحكيم هذه الأراضي جزءاً من منطقة ابيي، وبالتالي ان تصبح هذه الاراضي في قبضة الجنوبيين اذا ما قرر سكان ابيي في الاستفتاء المقرر في العام 2011 الانضمام الى الجنوب.
ورفض القاضي الأردني عون الخصاونة، احد اعضاء اللجنة الخماسية التي تولت التحكيم برئاسة الحقوقي الفرنسي بيار - ماري دوبوي، التصديق على القرار الصادر بأغلبية أعضاء اللجنة، معتبراً انه سيؤدي إلى صراعات مستقبلية بسبب حرمانه لقبيلة المسيرية من مصادر المياه المهمة، مقابل إعطائه أراضي خصبة وواسعة لقبيلة الدينكا، معارضاً بذلك ما قاله دوبوي عن حفاظ القرار على «حقوق القبائل البدوية». ويذكر ان الخلاف القائم بين هاتين القبيلتين يشكل جزءا كبيرا من اعمال العنف التي تشهدها المنطقة.
لكن مسؤولا كبيرا في الامم المتحدة قال إن حكومة الخرطوم وما كان يعرف سابقا بـ«التمرد الجنوبي» يعتبران ان قضية ابيي سويت بالقرار الصادر عن محكمة لاهاي. إذ وجه رئيس الحركة الجنوبية سلفا كير ميارديت رسالة للشعب السوداني وسكان منطقة ابيي خاصة دعاهم فيها إلى التزام الهدوء وقبول قرار التحكيم.
أما ممثل حكومة الخرطوم درديري محمد أحمد فقال «لقد ربحنا كثيراً في هذا الحكم»، كما اعتبر ممثل الحركة في لاهاي ريك ماشارتيني إن القرار «متوازن» و«سيؤدي إلى ترسيخ السلام في السودان».
ورحّب المبعوث الخاص الأميركي إلى السودان سكوت غراتيون بالقرار معرباً عن تفاؤله بالتزام الطرفين بالقرار الذي من شأنه أن يمهّد لدخول المنطقة في «مشاريع تطويرية». كما اعتبر المبعوث الاممي الخاص لدى السودان أشرف قاضي ان القرار جاء بشكل يرضي الطرفين ويضع كليهما في موقع الرابح.
وقال أحد محللي «مجموعة الأزمات الدولية» في كينيا فؤاد حكمت، إن الحصول على معظم الأراضي في ابيي التي يأمل الجنوبيون انضمامها إليهم عقب استفتاء العام 2011، يأخذ أهمية رمزية كبيرة بالنسبة اليهم، رغم وضع الحقول النفطية الأغنى تحت سيطرة حكومة الشمال، قائلاً: «النفط يستهلك ولن يدوم طويلاً».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد