استعداداً لقرار دولي ضد المقاومة جنبلاط يوزع المهمات
لا كأن حرباً وقعت ولا كأن طرفاً خسرها. وأكثر من ذلك لا من يقرأ ولا من يحزنون!
هذه هي حال فريق الأكثرية وتوابله. سعد الحريري قرر، حتى إشعار آخر، عدم الدخول في سجال مباشر مع حزب الله. وهو جدّد عقد إيجار وسائل إعلامه إلى وليد جنبلاط الذي يهتم بالأمر كما يهتم بحصته من أموال المساعدات الخاصة بالإعمار. فهل يعقل أن تأتي أموال الى لبنان ولا تكون له حصة فيها لاستكمال ما بقي من ملفات المقيمين (يستطيع المهجّرون انتظار 15 سنة أخرى) في قرى الشوف وعاليه؟
وإن جنبلاط، بمساعدة “بقايا” قرنة شهوان، يهتمون الآن بقرار جديد عن مجلس الأمن في شأن لبنان يتيح استخدام القوة الدولية التي تنتشر الآن من أجل تحقيق “توازن” مع المحور الإيراني ــ السوري. وهو يحض الفرنسيين، أولاً، والإسبان، إن رغبوا، على إقامة قواعد يوفرها لهم في الدبية والرميلة وبعض مرتفعات ساحل الشوف للإشراف على الطريق الساحلية. ثم لا ينسى أن يقرأ علينا نتيجة الفحص الدوري لمختبره “الوطني”، الذي تظهر “تحاليله” أن خلايا المقاومة لبنانية، لكن المضادات الحيوية التي تبقيها على قيد الحياة مصدرها “محور الشر السوري ــ الايراني”. ثم يضيف أنه ما دام تمويل المقاومة إيرانياً، فمن غير المنطقي أن تكون قادرة على الانسجام مع الدولة اللبنانية. وهو يتصرف ويتحدث مطمئناً الى أنه لا أحد بين محاوريه ولا بين سامعيه من أهل البيت، يجرؤ على سؤال: على هذا الأساس لمن يكون ولاء سعد الحريري؟ أو هلا دللتنا على مصدر تمويلك حتى نعرف لمن تدين بالولاء؟ اللهم إلا إذا كانت المصانع والمصارف والجامعات والمؤسسات السياحية ومزارع الإنتاج على أنواعه والمدارس الكبرى والصناعات التكنولوجية التابعة لزعامته توفر كل ما يحتاج إليه القائد المفدى!.
أما خطة قائد الغالبية الدرزية فيبدو أنها محددة هذه الفترة بالآتي:
أولاً: توثيق التحالف مع تيار المستقبل، وتعزيز التعبئة السياسية داخل هذا التيار لمنع قيام أي نوع من الحوار الجدي بينه وبين الآخرين، لا مع حزب الله ولا مع العماد ميشال عون. والطلب الى وزيره المفضّل (لهذه الفترة على الأقل) مروان حمادة العمل بكل ما لديه من طاقة لتوفير مواد مشتعلة تخص ملف التحقيق الدولي أو اللبناني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ثانياً: تكليف سمير فرنجية وفارس سعيد البقاء ليل نهار عند البطريرك الماروني نصر الله صفير وإقناعه بضرورة العودة الى تأدية دور سياسي واضح لجذب المسيحيين نحو موقف فريق الأكثرية، وأن تتولى الكنيسة توفير الغطاء لكل معارضي العماد عون بين المسيحيين بما في ذلك إعادة الاعتبار الى المطران يوسف بشارة وإعادة إحياء لقاء “قرنة شهوان” ولو باسم آخر.
ثالثاً: التعهد لسمير جعجع بمدّه بكل ما يحتاج إليه من دعم سياسي وغير سياسي لكي يقدر على مواجهة نمو التيار الوطني الحر في كل المناطق المسيحية.
رابعاً: البحث مع “القوات اللبنانية” وبعض المفاتيح المحلية من تيار “المستقبل” وفرق خاصة من الموالين له في العمل على الاستفادة القصوى من الانتشار المكثف لكل القوى الأمنية اللبنانية والدولية في الشريط الحدودي، وإيجاد أي فرصة أو مناسبة للدفع نحو مواجهات هناك من شأنها منع أي انفتاح للمناطق بعضها على بعض، وإعادة فرز ما وصلته تجربة الحرب الأخيرة، والوصول الى حدود التسلح اذا كان في ذلك ما يناسب فكرة إحراج حزب الله ودفعه الى استفزازات من شأنها إظهاره ميليشيا بما يساعد على الذهاب نحو قرار بنزع سلاحه.
خامساً: التعهد للمؤيدين ولفريق جعجع ومن معه من بقايا قرنة شهوان بالعمل على استثمار كل ما يتوافر لدى قوى الأمن الداخلي من إمكانات لتعزيز الحضور الأهلي، بما في ذلك إجراء مناقلات على مستوى رؤساء المخافر والتحريين، والتعهد صراحة بالسماح لجعجع باستثمار فرع المعلومات من خلال تجنيد نحو 3500 دركي من أنصاره وأنصار القوات اللبنانية والشخصيات المنضوية في فريق الأكثرية لإشعار الجمهور بأنهم يمتلكون قوة قادرة على القيام بأشياء كثيرة متى استدعت الحاجة.
أما على المستوى الآخر، فإن جنبلاط تعهد لفريقه العمل على الآتي:
أولاً: السعي بكل قوة لتحييد الرئيس نبيه بري عن المواجهة. لذا طلب الى الجميع عدم التعرض له تحت أي ظرف من الظروف. وطلب من النائب الحريري الضغط بقوة على الرئيس فؤاد السنيورة لصرف أموال تخصّ مجلس الجنوب في أسرع وقت ممكن، بحجة عدم ترك الشيعة تحت رحمة حزب الله.
ثانياً: وضع خطة بالتعاون مع رئيس الحكومة ومع شخصيات موالية لدعوة نحو 40 شخصية شيعية دينية وسياسية وأكاديمية واقتصادية وحضّها على القيام بنشاط إعلامي (اتفق على فتح كل وسائل الإعلام الخاضعة لنفوذ الأكثرية أمام هؤلاء) هدفه زرع صورة عن “تمرد شيعي” على المقاومة، وتوفير كل مستلزمات هذه الخطة (جرت الاستعانة بسفير دولة غربية كبرى لرصد جزء كبير من مساعدات بلاده لجمعيات وأندية ومؤسسات إعلامية وثقافية لهؤلاء ولفرض عقود إعلامية مع فضائيات عربية وأميركية ــــــ عربية مع من يحتاج الى دعم).
ثالثاً: اعتماد سياسة احتواء العماد عون من داخل تياره وإغرائه بالدخول الى الحكومة (شرط أن يحل محل الرئيس لحود على صعيد الحصة)، وتحريض كوادره عليه تحت شعار أن عون يعمل على “إذابة المسيحيين في مصالح دول محور الشر”.
لكن الأخطر من ذلك كله، هو “البريد الأمني” الذي يرسله جنبلاط بصورة دائمة، إذ يتوقع دائماً حصول عملية تفجير هنا ومحاولة اغتيال هناك (غريبة قدراته الأمنية هذه التي تقتصر على التحذير ولا تنجح في الوصول الى الحؤول دون حصول الجريمة مرة واحدة). ثم البدء بالترويج لفكرة “العبوات المتطورة كالتي جرى تصديرها الى العراق أو منه” في إشارة الى ما سبق للبريطانيين والأميركيين أن تحدثوا عنه في سياق تحميل إيران وحزب الله المسؤولية عن بعض العمليات التي استهدفت قواتهم هناك. وجنبلاط لن يأخذ وقتاً طويلاً حتى يعمد الى رمي هذا الاتهام مباشرة. وهو يمهد الآن لذلك بالتشديد على أن المستهدف في عملية الاغتيال الأخيرة المقدم سمير شحادة من الطائفة السنية. وهذا ما يغذّي في رأي زعيم الغالبية الدرزية الشحن المطلوب بين السنّة والشيعة.
إبراهيم الأمين
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد