أعداء دمشق يطبخون السم لها في الرباط
دفعت الازمة السورية نحو مزيد من التأزيم... فما بين التقارير حول مقتل العشرات من المدنيين والعسكريين، تصرفت واشنطن، كعادتها، كأنها الوصي على القرار العربي، موجهة رسائل جديدة الى الوزراء العرب عشية اجتماعهم المقرر في الرباط اليوم، من اجل تعزيز الضغط على دمشق، في حين قام مجلس التعاون الخليجي من جهته، بخطوتين، الاولى تمثلت برفض الدعوة السورية لعقد قمة عربية طارئة، بينما تمثلت الثانية، بعرقلة مشاركة وزير الخارجية السوري وليد المعلم في اجتماع الرباط، وهو ما تأكد مع اعلان دمشق في وقت متأخر من ليل أمس، انها لن تشارك في الاجتماع، المفترض ان يبحث تطورات الازمة السورية.
وفي موازاة ذلك، واصل رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان هجومه على الرئيس السوري بشار الاسد، فيما تشير أوساط وزارة الخارجية التركية الى ان أنقرة تعارض أي تدخل عسكري، وترى وجوب السير في خطوات ضغط سياسية واقتصادية ودبلوماسية.
وعشية الاجتماع الوزاري للجامعة العربية في الرباط، أكد مجلس التعاون الخليجي رفضه مطلب دمشق عقد قمة عربية طارئة، معتبرا أن «طلب عقد قمة عربية في هذا الوقت غير مجد». وبرر ذلك بكون «مجلس الجامعة في حالة انعقاد لمتابعة الأزمة السورية، وسـيعقد اجتـماعا قريبا لمواصلة متابعة هذا الموضوع في الرباط بالمملكة المغربية الشقيقة يوم غد (اليوم)».
وفي الوقت ذاته، قالت مصادر سورية واسعة الاطلاع ان دول مجلس التعاون الخليجي هددت بمقاطعة اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط إذا شارك وزير خارجية سوريا وليد المعلم فيه. وكان المعلم اتخذ قرار المشاركة بناء على رغبة من دولتي مصر والجزائر بهدف الاستماع لوجهة النظر السورية.
وفي وقت لاحق قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، في بيان، إنه «بعد صدور قرار الجامعة العربية حول سوريا بتاريخ 12 الحالي، عملت بعض الدول العربية الشقيقة على طرح حلول لإعادة المصداقية والشرعية إلى طريقة عمل الجامعة العربية ودورها، كما أكدت الأهمية البالغة لحضور سوريا الاجتماع الخاص بالتعاون العربي ـ التركي والاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية في الرباط».
وأضاف «نتيجة لذلك قررت سوريا المشاركة في هذين الاجتماعين، تلبية لرغبة هذه الدول العربية وإيماناً منها في تعزيز العمل العربي المشترك بعيداً عن ردود الأفعال وعلى الرغم من معرفتها بما يُحاك ضدها من الضغوط التي تمّت ممارستها على الدول التي سعت إلى استصدار هذا القرار المشين». وتابع «في ضوء التصريحات التي صدرت عن مسؤولين في المغرب، والتي تمّ إبلاغنا بها رسمياً فقد قررت سوريا عدم المشاركة في هذين الاجتماعين».
وأوضح المصدر أن «سوريا التي كان هاجسها الدائم هو حماية حاضر الأمة العربية ومستقبلها وصونهما، وإبعاد التهديدات الموجهة ضد قضاياها المصيرية ستستمر في القيام بدورها القومي على الرغم من كل المحاولات الهادفة إلى تدمير العمل العربي المشترك ومؤسساته».
وسبق ذلك توجيه وزيري خارجيتي مصر والجزائر طلباً إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، بدعوة وزير خارجية سوريا إلى اجتماع الرباط. كما علمت «السفير» أن وزير خارجية الجزائر بعث برسالة إلى العربي، دعاه فيها إلى تشكيل لجنة خبراء قانونيين للبت بقانونية قرار المجلس الوزاري العربي بتعليق عضوية سوريا فيه، على أن ترفع اللجنة تقريرها إلى اجتماع الرباط للبت به.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر إن «واشنطن سُرت بخطوة الجامعة العربية السبت تعليق عضوية سوريا فيها، وعبرت عن أملها في مزيد من المتابعة خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في الرباط».
وأضاف «لا نزال نشهد ازدياد التنسيق بشأن الضغوط الدولية ضد الأسد». وتابع «نأمل ان توجه الجامعة العربية (اليوم) رسالة حازمة الى الاسد بأنه يتعين عليه السماح باجراء عملية انتقالية ديموقراطية وانهاء العنف ضد شعبه».
وأشار الى البيانات القوية التي اصدرتها تركيا وفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على 18 شخصية سورية، معتبرا انها دليل على وجود اجماع دولي حول الطريقة التي يجب التعامل بها مع الازمة السورية. وقال «طبول الضغط الدولي تتزايد على الاسد». واشار الى ان واشنطن على اتصال ببعض مجموعات المعارضة السورية، ضمنها «المجلس الوطني»، وانها ستواصل الاتصال بهم خلال تخطيطهم لخطوتهم التالية. وقال «بالتأكيد نعتبر ان المعارضة السورية تتطور، لتصبح اكثر تماسكا». وأضاف «منذ ان اعلنت سوريا انها ستذعن لمطالب الجامعة العربية، زاد العنف ضد المتظاهرين».
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو وجود مناقشات حالية على عدد من المستويات بين فرنسا والبلدان العربية ودول أخرى للتوصل إلى «الصيغة العملية» لحماية السكان المدنيين في سوريا من أعمال العنف. وأشار إلى أن باريس «تعمل بالتعاون مع جامعة الدول العربية والشركاء الآخرين على ممارسة الضغط لاستصدار قرار من الأمم المتحدة بهدف توفير حماية للمدنيين السلميين في سوريا»، مذكرا «بالحوار الجاري حاليا بين الجامعة العربية ومجلس الأمن بشأن التوصل إلى صيغة أو آلية لحماية المدنيين السوريين».
وواصل اردوغان حملته المفتوحة على النظام السوري. واعتبر أن الأسد الذي ملأ سجونه بالمعتقلين السياسيين يتحتم عليه أن يعثر على المعتدين على العلم التركي ومعاقبتهم. ».
وقالت مصادر في وزارة الخارجية التركية لصحيفة «ميللييت» ان قرارات الجامعة العربية حول سوريا ستقوّي يد أنقرة في مواجهة نظام الأسد. ومن هنا تكتسب مشاركة وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في اجتماع المنتدى التركي العربي ـ المشترك في الرباط اليوم أهمية، حيث ينتظر أن تتحدد بدقة خطوات ما بعد الاجتماع من جانب الجامعة العربية.
وتشير أوساط وزارة الخارجية التركية الى ان أنقرة تعارض أي تدخل عسكري، وترى وجوب السير في خطوات ضغط سياسية واقتصادية ودبلوماسية. أما بخصوص العقوبات الاقتصادية فإن أنقرة تدرس بدقة نوعيتها لتكون مجدية. لكن حتى الآن لم تبدأ تركيا بدراسة العقوبات الاقتصادية، وهي تنسق بهذا الصدد مع فرنسا وألمانيا.
وحول التدخل العسكري بصورة منفردة أو إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، تقول مصادر الخارجية التركية ان البعض يريد دفع أنقرة في هذه الاتجاه. وتضيف إن تركيا يمكن ان تتخذ تدابير وقائية في حال انتشار الحريق السوري وتهديده الأمن القومي التركي. وتختصر المصادر موقف تركيا بعدم التدخل العسكري، وان اساس الاستراتيجية التركية تجاه سوريا ليس التدخل العسكري بل الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية. وأدان مجلس الأمن الدولي بشدة الهجمات التي شنها متظاهرون على سفارات اجنبية في سوريا. واضاف ان اعضاء المجلس «يؤكدون مطالبتهم السلطات السورية باحترام المنشآت الدبلوماسية والقنصلية والعاملين فيها وبأن تبدي احتراما كاملا لالتزاماتها الدولية في هذا الخصوص».
ودعت وزارة الخارجية الروسية السلطات السورية والمعارضة إلى بدء «حوار بناء بينهما وتسوية الأزمة بطريقة سلمية».
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن «الجانب الروسي دعا خلال لقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف مع وفد من المجلس الوطني برئاسة برهان غليون، جميع فصائل المعارضة السورية التي ترفض العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية إلى مشاركة فورية في تنفيذ مبادرة جامعة الدول العربية لحل الأزمة السورية بطريق إطلاق الحوار بين السلطات السورية والمعارضة».
وأضاف «تم إبلاغ المعارضين السوريين أن روسيا ترى ضرورة اتخاذ الموقف البناء من أجل تسوية مشاكل تواجه الجمهورية العربية السورية اليوم، وإجراء الإصلاحات لصالح السوريين كافة، كما ترى عدم جواز التدخل العسكري الخارجي في شؤون سوريا». وتابع البيان أن «برهان غليون اتفق مع هذا الموقف بمجمله مع التركيز على مبادرة الجامعة العربية».
وقال غليون، في مؤتمر صحافي، «عدم تطبيق النظام السوري لبنود المبادرة العربية المتعلقة بسحب الجيش والقوى الأمنية والكف عن القتل زاد عدد الشهداء بعد المبادرة. هذا ليس بإشارة مشجعة لبدء المفاوضات. كما نطالب بإجراءات أخرى وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين».
وقال «لا نريد أن ننزلق نحو حرب أهلية بين جيش حر وغير حر. طلبنا من أصدقائنا الروس أن ينسقوا مع الجامعة العربية ومع المجموعة الدولية من أجل إصدار قرار في مجلس الأمن يضمن حماية الشعب من القتل واعتداءات قوات الأمن والشبيحة التي يقوم النظام بتعبئتها، ويضمن أيضا عدم السماح بتدخل عسكري. طالبنا بالمساهمة في استصدار بيان في مجلس الأمن يحمي السكان المدنيين من القتل».
وفي القاهرة، قال مسؤول في جامعة الدول العربية وعضو بالمعارضة السورية إن الجامعة طلبت من جماعات سورية معارضة تقديم رؤيتها لعملية انتقال السلطة قبل مؤتمر أكبر يعقد حول مستقبل سوريا.
وقال مسؤول في الجامعة إن أمينها العام نبيل العربي «طلب من وفد من المجلس الوطني السوري أمس (الأول) ان يقدم في وثيقة رؤيته لسوريا من خلال فترة انتقالية»، موضحا ان الطلب ذاته قدم إلى جماعات سورية معارضة أخرى. وأضاف ان الجامعة ستعقد مؤتمرا كبيرا مع المعارضة السورية لبحث خططها مع تحديد موعد بعد اجتماع الجامعة في الرباط اليوم.
وأكد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، في مقابلة مع صحيفة «اليوم السابع» المصرية نشرت أمس، أن بلاده «لا تتدخل في الشأن السوري الداخلي، لكنها على اتصال بكل الأطراف». وأضاف إن طهران «طالبت الأطراف في سوريا بالتوصل إلى نوع من التفاهم وتحاول تقريب وجهات النظر بين النظام والمعارضة، لأن العنف يعطي فرصة التدخل للغرب وهذا سيضر بالجميع، حكومة ومعارضة».
ونقلت وكالة «ارنا» عن السفير الايراني لدى سوريا محمد رضا شيباني وصفه «الظروف التي تمر بها سوريا بانها حساسة»، لافتا الى ان «طهران تدرس بدقة التطورات الجارية في هذا البلد». وقال إن «محور المقاومة يشمل إيران وسوريا والمقاومتين الفلسطينية واللبنانية، والهدف من سعيي الاعداء للتدخل في شؤون سوريا الداخلية هو تدمير هذا المحور، ولذلك نجد الاتهامات توجه الى إيران وتمارس الضغوط عليها، كما يوجهون الاتهامات الى سوريا ويضغطون عليها».
وشدد على ان «سوريا تحتاج إلى اصلاحات جذرية، لذلك ندعم الاصلاحات في هذا البلاد»، مضيفا «لكن نقول ان الاصلاحات لا تتحقق بالضغوط الاجنبية». واعتبر أن «إيجاد الاجواء المناسبة للحوار البناء هو الطريق الى تحقيق الاصلاح»، مبديا «استعداد طهران لوضع كل خبراتها السياسية فيتصرف سوريا من اجل ايجاد جو مناسب للحوار الفعال».
وبحث وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي ونظيره الجزائري مراد مدلسي، في اتصال هاتفي بينهما، «سبل ايجاد حلول للاوضاع السورية». وذكرت وكالة «إرنا» أن صالحي أشار خلال الاتصال إلى «مكانة سوريا المهمة في المنطقة»، مؤكدا «ضرورة التشاور في إطار تقديم الدعم للوصول إلى أرضية مؤاتية لحل القضايا، استنادا إلى مبدأ عدم التدخل الأجنبي ودفع مسيرة الإصلاح في سوريا والمضي بها قدما إلى الأمام». وقال إن «الوضع في سوريا قابل للحل»، معربا عن «استعداد إيران لاتخاذ أية خطوة في إطار المشاورات الاقليمية وتقديم الدعم لتحقيق هذا الهدف».
العقوبات الأوروبية
وتضم لائحة الشخصيات التي تشملها العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا 18 شخصية بينهم ضباط على رأسهم رئيس الأركان ومحام مسجل في نقابة المحامين في باريس.
وفي اللائحة التي نشرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي ادرج اسم رئيس الاركان السوري العماد فهد جاسم الفريج وقائد القوات الخاصة وقائد احد ألوية الحرس الجمهوري اوس اصلان. وهؤلاء متهمون بانهم «مسؤولون عن اللجوء الى العنف الذي يمارس على المتظاهرين على كل الاراضي السورية». وأدرج اسم صقر خير بك معاون وزير الداخلية في القائمة على أساس أنه «مسؤول عن استخدام العنف ضد السكان المدنيين في سوريا.»
وتشمل اللائحة ايضا عبد الله بري «المسؤول عن ميليشيا موالية للحكومة متورطة في القمع العنيف» في مدينة حلب، وعددا من قادة الاستخبارات العسكرية. كما تضم اللائحة المحامي بسام صباغ عضو نقابة المحامين في باريس المتهم بتقديم «دعم لتمويل النظام» و«مشاركة بشار الاسد في تمويل مشروع عقاري في اللاذقية».
واعلنت السلطات السورية اخلاء سبيل اكثر من 1100 موقوف اعتقلوا على خلفية الاحتجاجات..
المصدر: السفير+ وكالات
التعليقات
لا للذل
إضافة تعليق جديد