هل أنت معرّض لخطر السكري؟
دخل منذ سنوات في العقد الخامس من العمر. منذ أشهر وهو يشكو من الدمامل الجلدية في بعض مناطق جسمه. طلب من جاره الصيدلي أن يمنّ عليه بدواء لعلاج مشكلته فأعطاه مرهماً يستعمله بضع مرات في اليوم. بعد أيام اختفت الدمامل، لكنها ما لبثت أن عادت. ومع مرور الوقت أخذت تعود بسرعة، وأصبح شفاؤها أصعب وأطول من ذي قبل. فماذا يجري له؟ نصحه صديق باستشارة طبيب مختص بالأمراض الجلدية. وبالفعل توجه الى الدكتور المختص يشكو له معاناته. وبعد أن سمع الطبيب قصة مريضه، أوعز اليه بأن يجري تحليلاً للدم وآخر للبول. النتائج جاءت تشير إلى احتمال إصابته بالداء السكري، وأن عليه أن يراجع طبيب العائلة لعمل بعض الاختبارات النوعية لتأكيد وجود مرض السكري.
لا شك في أن أي شخص يمكن أن تظهر في جسمه الدمامل، لكن يكون هناك سبب صريح لظهورها، مثل تلوث في الجرح، وفي هذه الحال تكون الاستجابة للعلاج المناسب سريعة والشفاء لا بد منه. أما في حالة مريض السكري فتحدث الإصابة بالدمامل من دون سبب واضح، وقد تتفشى في أماكن أخرى من الجسم، ويستغرق الشفاء منها وقتاً طويلاً على رغم المعالجة، وتعاود الكرة بعد الشفاء منها.
كثيرون يتصورون أن الداء السكري لا يؤثر في الجلد، وهذا خطأ، ففي عدد لا بأس به من الحالات يختبئ الداء السكري وراء بعض الإصابات الجلدية، بل قد تكون هذه الإصابات البوابة التي يتم عبرها تشخيص الداء السكري للمرة الأولى، لأن ارتفاع السكر لا يحصل فقط في الدم، بل في الجلد أيضاً، وهذا ما يشجع على نمو الميكروبات والفطريات وتكاثرها بمختلف أشكالها، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف طبقات الجلد وتراجع قدرتها على تجديد وترميم نفسها وبالتالي إلى صعوبة حدوث الالتئام السريع فيها.
هل انت معرض لخطر الإصابة بالداء السكري- النوع الثاني؟
إن تخصيص بعض الوقت للرد على الأسئلة الخمسة الآتية يسمح بمعرفة إن كنت معرضاً للإصابة بالداء السكري أم لا. عمرك؟
- أقل من 40 سنة - بين 40 و65 - أكثر من 65.
تعليق: الداء السكري- النوع الثاني مرض يضرب البالغين وكبار السن، والأشخاص الذين ينتمون إلى الشريحة العمرية 40 إلى 65 سنة هم الأكثر تعرضاً للإصابة به، مع العلم أنه في السنوات القليلة الماضية بات الداء السكري- النوع الثاني يتطور بسرعة لدى مختلف الفئات العمرية. وتشير الإحصاءات الى أن نسبة الإصابة أعلى لدى الإناث مقارنة بالذكور.
2- هل توجد سوابق إصابة بالداء السكري في العائلة؟
- لا - نعم، عند الجد أو الجدة، عند العم أو العمة، عند إبن العم أو إبن العمة، عند إبن الخال أو الخالة - نعم، عند الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت.
تعليق: الداء السكري النوع الثاني له علاقة بالوراثة التي لها الدور الأكبر في هذا النوع من المرض، وقد يتركز الداء في شكل واضح عند بعض العوائل. فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد الوالدين مصاباً بالسكري- النوع الثاني، فإن احتمال إصابتك بالمرض نفسه هي 30 في المئة. أما في حال إصابة الوالدين معاً، فإن النسبة تقفز حتى 70 في المئة. ولكن، حتى لو أصيب أحد الأقارب أو الإخوة بالمرض فهذا لا يعني إطلاقاً أن احتمال إصابتك أمر حتمي.
3- كم هو مؤشر كتلة الجسم عندك (حاصل قسمة الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر المربع)؟
- أقل من 25 - بين 25 و 30 - أكثر من 30.
تعليق: كلما كان مؤشر كتلة الجسم عالياً زاد احتمال تعرضك للإصابة بالداء السكري- النوع الثاني. فإذا وقع المؤشر بين 20 و 25 فهذا يدل إلى أن وزنك مناسب، وأن خطر إصابتك بمرض السكري ضعيف. أما إذا وقع المؤشر بين 26 و 30 فهذا يدل إلى أن وزنك زائد، وأنك معرض لخطر الإصابة بالداء السكري، لذا من الضروري مراقبة الأخير عن كثب، والعمل على خفض الوزن. في المقابل إذا كان المؤشر أكثر من 30 فأنت بدين وبالتالي فإن الإصابة بمرض السكري واردة للغاية، وفي هذه الحال لا بد من تخسيس الوزن. وعلى صعيد العلاقة بين زيادة الوزن والسكري، أشارت دراسة حديثة لباحثين من جامعة ميشيغان الأميركية على 8 آلاف طفل ومراهق، الى وجود رابط وثيق بين زيادة الوزن وحدوث مرض السكري- النوع الثاني، وفي معرض تعليقه على نتائج الدراسة شبه البروفسور جيس لي المشرف على الدراسة، العلاقة بين السمنة والداء السكري- النوع الثاني بالعلاقة بين التدخين وسرطان الرئة.
4- ما هي مدة نومك؟
- 8 ساعات وسطياً في اليوم - من 5 إلى 7 ساعات في اليوم - أقل من 5 ساعات في اليوم.
تعليق: إن النوم مهم جداً للإنسان، لأنه يسمح بإعادة التوازنات الطبيعية الى الجسم. أما عن تأثير قلة النوم في الصحة فحدّث ولا حرج. لقد أظهرت البحوث الطبية الحديثة أن السهر يمكن أن يؤثر في النظام الذي يتولى عملية ضبط مستوى السكر في الدم، الأمر الذي يزيد احتمال الإصابة بالداء السكري- النوع الثاني، وعلى هذا الصعيد أشارت دراسة مخبرية نشرت في مجلة «لانسيت» الطبية إلى أن إنقاص عدد ساعات النوم إلى أقل من 5 ساعات لمدة 5 أيام أدى إلى حصول خلل واضح في مقدرة الجسم على تعديل مستوى السكر في الدم، وإلى زيادة في مقاومة هورمون الأنسولين. إن النوم لمدة أقل من 5 ساعات في شكل دائم يضاعف خطر التعرض للداء السكري- النوع الثاني، لأن الحرمان من النوم يحرض على إفراز المزيد من هورمون الغضب- الكورتيزون- الذي يحرض على ضخ كميات كبيرة من السكر في الدم.
5- هل تشخر؟
- لا - نعم، في شكل متوسط. - نعم، بشكل شديد.
تعليق: هناك بحوث علمية أفادت بوجود علاقة ما بين الشخير وزيادة خطر التعرض للداء السكري- النوع الثاني، فالتوقفات التنفسية التي تتم أثناء الشخير ترفع من مقاومة الخلايا لهورمون الأنسولين، ما ينجم عنه ارتفاع مستوى السكر في الدم، وبالتالي صعوبة السيطرة عليه. وفي هذا الإطار لاحظ علماء فرنسيون تابعوا مجموعة من الرجال المصابين بالشخير أنهم أكثر عرضة للإصابة بالعوارض المبكرة للداء السكري مقارنة بزمرة أخرى من الرجال الذين لا يشخرون. 6- للنساء: هل أنت حامل؟
- لا - نعم.
تعليق: الحمل يعرض للإصابة بالداء السكري، وإمرأة واحدة من بين 20 تصاب بالداء السكري، وفي الحالة العادية يختفي المرض بعد الولادة، لكن اللواتي أصبن بالمرض خلال الحمل يبقين معرضات لظهور مرض السكري مجدداً بمعدل 7 مرات أكثر مقارنة بغيرهن مع التقدم في العمر.
7- هل تعانين من متلازمة تكيّس المبيضين؟
- نعم - لا.
تعليق: إن 10 في المئة من النسوة اللاتــــي يعانين من متلازمة تكيس المبيضين يصبن بالداء السكري- النوع الثانـــي فـــــي مرحلة ما من مراحل المتلازمة، ويعود السبب إلى وجود خلل على صعيــــد مستوى هورمون الأنسولين في الجسم.
300 مليون مصاب
يعتبر الداء السكري من الأمراض الشائعة في كل بلدان العالم، ويبلغ عدد المصابين به حوالى 300 مليون شخص، وهناك توقعات أن يرتفع هذا الرقم في السنوات المقبلة بسبب تفشي السمنة، وقلة الحركة، والعادات الغذائية السيئة.
> هناك نوعان من الداء السكري، واحد يصيب صغار السن، ويطلق عليه اسم السكري الشبابي، وفيه تكون غدة البانكرياس عاجزة كلياً عن إفراز هورمون الأنسولين الذي يتولى عملية ضبط مستوى سكر الدم. أما النوع الآخر فهو الداء السكري الكهلي الذي يصيب عادة البالغين بدءاً من سن الأربعين، ويحدث هذا النوع نتيجة وجود خلل في مفعول الأنسولين بسبب زيادة الوزن، وقلة الحركة، وأسلوب الحياة غير الصحي. والنوع الثاني من الداء السكري هو الأكثر شيوعاً ويشكل نسبة 90 في المئة.
> بسبب الجهل وقلة الوعي، هناك ما يقارب 50 في المئة من الأشخاص المعرضين لخطر السكري، يعيشون لسنوات طويلة من دون أن يعرفوا أنهم مصابون بالداء السكري، وهذا ما يجعلهم يقعون ضحية اختلاطات قاتلة.
> في السابق كان النوع الثاني من الداء السكري يشاهد عند البالغين فوق سن الأربعين، أما في أيامنا هذه فبتنا نشاهد هذا النوع عند الأطفال والمراهقين.
> إن الاستهتار في علاج الداء السكري يفتح الباب على مصراعيه أمام حدوث الاختلاطات، مثل العمى، والأمراض القلبية الوعائية، والفشل الكلوي، واعتلال الأعصاب وغيرها.
> إن مكافحة السمنة، وممارسة النشاط الرياضي المستمر، إضافة إلى النظام الغذائي الصحي، تساهم في التقليل من خطر التعرض للداء السكري- النوع الثاني.
> إن نسبة الوفيات المبكرة في أوساط المصابين بالداء السكري تبلغ الضعف تقريباً أسوة بغير المصابين.
> إن ارتفاع ضغط الدم يعتبر مشكلة صحية كبيرة في حال لم يتم علاجه، أما في حال العلاج فيستطيع المصاب أن يعيش حياة طبيعية كغيره من الناس.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد