إحدى وسائل الاحتيال على المصارف

22-03-2011

إحدى وسائل الاحتيال على المصارف

ثمة طريقة للاحتيال على المصارف استفاد منها البعض في المحافظات الشمالية بمبالغ لا تقل عن عشرات إن لم يكن مئات الملايين من الليرات السورية، والمسألة برمتها أن الدولة ورغبة منها في توسيع شريحة المشاريع المتوسطة الصغيرة ومتناهية الصغر أقرت مجموعة متنوعة من القروض بمبالغ مختلفة تراوحت بين 1.5 مليون ليرة سورية وصولاً إلى ما يقارب 3 ملايين ليرة سورية، وتقوم هذه القروض على أن المصرف المعني (ولا نعني هنا مصرفاً بعينه عاماً كان أم خاصاً) يتلقى طلباً من أحد الأشخاص يفيد بأن هذا الشخص يملك محلاً يستثمره بطريقة معينة تتضمن عملية البيع والشراء مع تحديد مبلغ القرض الذي يحتاج إليه طالب القرض، فتدرس الإضبارة وتقدم إلى اللجان المعنية لإقرار القرض ويصرف المبلغ وبعد هنيهة من الوقت يمتنع طالب القرض عن السداد رغم الإنذارات التي توجه بها المصرف إليه وعند التعنت في السداد يصار إلى الحجز على العقار الذي يشكله المحل ويباع بالمزاد العلني وإن كان من أموال إضافية يحجز عليها ضماناً لمبلغ القرض. إلى هنا المسألة طبيعية ولكن ما هو غير طبيعي أن المصرف لن يجد حكماً عقارات وأملاكاً أخرى باسم طالب القرض وفي أغلبية الأحيان لن يكون المبلغ الناجم عن قيمة المحل كافياً لتغطية مبلغ القرض مع الأخذ بالحسبان أن المحل في الأغلبية الساحقة من الحالات يكون غير مبني (على العظم) ويتقدم طالب القرض بطلبه لبناء المحل وكسوته وحشر المواد والسلع والبضائع فيه، فما الذي جرى؟ ما يجري هو عملية احتيال على المصارف ومن خلال ثغرات القانون  حيث ينتخب أحد من يملكون سيولة ولو بسيطة شخصاً آخر ويشتري محلاً غير مبني ويسجله باسم هذا الشخص الذي يشترط فيه ألا يملك شيئاً من حطام الدنيا مهما صغر ولو راتباً تقاعدياً أو ما شابه أي حتى الشخص المختار يكون على العظم ويسجل المحل كعقار باسمه مع تقديم طلب إلى البلدية والسجل التجاري لتحويل العقار إلى دكان أو ما شابه وبناء على هذه المعطيات يتقدم الشخص المختار الذي بات يسمى الفدائي (لأنه سيتحمل تبعات الملاحقة القانونية) بطلب إلى المصرف المعني للحصول على قرض يمول تحويل عقاره إلى دكان محدداً المبلغ ولنقل بـ3 ملايين ليرة سورية، المصرف يتأكد من كل المعطيات ويمنحه القرض، فيحصل على المبلغ من اشترى المحل ويقتطع من القرض قيمة المحل التي دفعها ولتكن 500 ألف ليرة سورية (لأن هذه القروض تركزت في مناطق الريف البعيد كالبادية مثلاً) ويعطي مبلغاً مقطوعاً وبمنزلة التسعيرة يقدر بـ150 ألف ليرة سورية فيبقى له من إجمالي القرض 2.35 مليون ليرة سورية دون وجود ورقة واحدة تشير إليه أو تدينه أمام القانون، وبعد أن يبادر المصرف إلى الإنذار يحجز على المحل ويبيعه بالمزاد العلني ويفاجأ بعدم وجود أي ملكية باسم طالب القرض وحتى لو لوحق طالب القرض بتهمة الاحتيال يكون المحتال الحقيقي في مأمن وربح الملايين والفدائي لا يبالي لأنه يعرف سلفاً بأن هذه مهمته. إحدى الحالات تضمنت الاحتيال بهذه الطريقة بمبلغ تجاوز 150 مليون ليرة سورية وبالقانون لأن المحتال الأكبر يمتلك من السيولة ما يمكنه من استخدام مجموعة كبيرة من الأشخاص وصل عددهم إلى ما يقارب 700 شخص كلهم من أشباه المعدمين. المسألة باختصار وفي نصيحة نوجهها لبعض المعنيين: دققوا في بيانات وثبوتيات بعض المتقدمين لطلب القروض حفاظاً على هذه التسهيلات التي تعبتم وجهدتم في ابتكارها وتنظيم آليتها فلا تكون مغنماً سهلاً لبعض المحتالين.

مازن خير بك

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...