تدهــور شـامـل للبورصات الكبرى... وخسائر خليجية فادحة

07-10-2008

تدهــور شـامـل للبورصات الكبرى... وخسائر خليجية فادحة

بدا امس ان العالم كله دخل في نفق اقتصادي مظلم، عندما هز زلزال مالي عنيف البورصات العالمية من طوكيو وهونغ كونغ الى نيويورك مرورا بالاسواق الاوروبية والخليجية التي شهدت يوما اسود لم تعرفه منذ سنوات، في مؤشر على ان الازمة المالية الكبرى التي بدأت في اميركا الشهر الماضي خرجت عن السيطرة ولم تنفع خطة الرئيس جورج بوش في كبح جماحها، كما لم تثمر الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول الاقتصادية الكبرى في آسيا او اوروبا، والتي اوحت بان النظام المالي العالمي مهدد بالسقوط، كما ان الاقتصاد العالمي مهدد بكساد قد يمتد نحو عامين.
في هذا الوقت اعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك أن مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى »لم تعد فعالة« وينبغي إبدالها بـ»مجموعة توجيه« تضم قوى اقتصادية صاعدة مثل الصين والهند والبرازيل والسعودية وروسيا. وقال زوليك، إن الأزمة المالية الأميركية »جرس إنذار« وتظهر الحاجة إلى مزيد من التعاون عبر الحدود بين مجموعة أكبر من البلدان. وأضاف »ينبغي للتعددية الجديدة، التي تناسب أيامنا، أن تكون شبكة مرنة، وليست نظاما ثابتا أو مركزيا«، مشيراً إلى أنّ«النظام العالمي الجديد ينبغي أن يحترم سيادة الدول لكنه يتطلب »شعورا بالمسؤولية المشتركة«.
من جهته، حذر مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان من أنّ توقعات الصندوق الاقتصادية تشير إلى تباطؤ ملموس في معدلات النمو الاقتصادي بسبب الأزمة، موضحاً أنه لا يتفق مع الرأي الذي يقول إنّ الأزمة ستؤثر فقط على دول الشمال، حيث إنّ دول الجنوب لن تكون بعيدة عن آثارها.
أمّا البابا بندكت السادس عشر فاستغل الأزمة العالمية للتأكيد على عدم قيمة المال. وقال، خلال افتتاحه أعمال سينودوس الأساقفة الكاثوليك، »إننا نرى في انهيار المصارف العالمية أن المال يختفي، وأنه عديم القيمة، وكل هذه الأمور التي تبدو أساسية ليست هي في الحقيقة إلا أمورا ثانوية«.
في اليوم الأول من التعاملات المالية بعد إقرار الكونغرس الأميركي خطة الإنقاذ المالي يوم الجمعة الماضي، تراجع مؤشر »داو جونز« الصناعي لأسهم الشركات الأميركية إلى ما دون العشرة آلاف نقطة، منخفضاً بنسبة ٣,١١ في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ تشرين الأول العام ،٢٠٠٤ فيما خسر مؤشرا »ستاندرد أند بورز« الأوسع نطاقاً ٣٢,٤٢ نقطة (٣,٨٥ في المئة)، و»ناسداك« لأسهم شركات التكنولوجيا ١٢,٧٨ نقطة (٤,٠١ في المئة).
وعزا المحللون في البورصات سبب هذا التدهور إلى المخاوف بشأن استقرار المؤسسات المالية العالمية، بعد اتساع نطاق تداعيات الأزمة الائتمانية إلى المصارف الأوروبية.
كذلك تراجعت الأسهم الأوروبية بنسبة سبعة في المئة، لتبلغ أدنى مستوياتها في أربع سنوات، متأثرة بتراجع أسهم المصارف والطاقة وانخفاض مؤشرات »وول ستريت«، فيما اقفل مؤشر »كاك ٤٠« في بورصة باريس على تدهور بنسبة ٩,٠٤ في المئة، هو الأكبر منذ بدء العمل به في العام ،١٩٨٨ في حين تراجع مؤشر »يوروفرست« الرئيسي للأسهم الأوروبية الكبرى بنسبة ٦,٨ في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ أربع سنوات.
وامتدت هذه الموجة إلى أسواق آسيا، حيث انخفضت الأسهم في تايوان أكثر من ٤ في المئة، فيما تراجع مؤشر »نيكاي« الياباني ٤٦٥,٠٥ نقطة (٤,٢٥ في المئة) في أدنى مستوى له منذ خمس سنوات.
وعلى غرار أسواق المال العالمية، تراجعت البورصة السعودية بنسبة ٩,٨١ في المئة، حيث انخفضت بشكل خاص أسهم المصارف، مدفوعة بضعف النتائج في ما يتعلق بالنمو والأرباح، والمخاوف من تعرّض سوق المال السعودية لتداعيات الأزمة العالمية الآخذة في الاتساع.
وجاء رد المستثمرين على ذلك قوياً، حيث دفعوا أسهم أكبر مصرفين في المملكة، وهما »الراجحي« و»سامبا«، على التراجع بنحو عشرة في المئة، وهو الحد الأقصى للانخفاض المسموح به في البورصة السعودية.
كذلك، واصلت بقية الأسواق الخليجية التراجع الذي بدأ، أمس الأول، مع استئناف التداول بعد عطلة عيد الفطر، حيث تراجعت بورصة الكويت، ثاني اكبر بورصة في العالم العربي بعد السعودية، إلى ما دون ١٢ ألف نقطة للمرة الأولى منذ ١٥ شهرا، بحيث خسرت ٤,٣ في المئة، فيما انخفضت بورصة دبي بنسبة ٧,٦ المئة لتبلغ أدنى مستوى لها منذ أكثر من ١٨ شهراً، ما رفع خسائرها إلى ١٤ في المئة خلال يومين، في حين أنهت بورصة أبو ظبي تداولاتها على تراجع بنسبة ٥,٦ في المئة، ما رفع خسائرها إلى عشرة في المئة خلال اليومين الماضيين.
وأرغم هذا الانهيار العالمي بورصة ساو باولو البرازيلية، كبرى بورصات أميركا الجنوبية، على تعليق تعاملاتها بعد انخفاض مؤشراتها بأكثر من ١٠ في المئة، وذلك بعد دقائق من افتتاح التعاملات، فيما اتخذت بورصتا »ميسيكس« و»ار تي أس« الروسيتان قراراً مشابهاً بعد تهاوي أسهمهما بحوالى ١٦في المئة.
وفيما تسعى الدول الأوروبية إلى طمأنة المودعين والمستثمرين، ذكرت مصادر حكومية إيطالية أنّ القادة الأوروبيين يتباحثون حالياً في صياغة إعلان مشترك من أجل دعم الأسواق، في وقت أكد فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي »ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استقرار النظام المالي، سواء عبر ضخ السيولة من المصارف المركزية، أو عبر إجراءات محددة الأهداف تتعلق ببعض المصارف، أو من خلال تدابير معززة لحماية الودائع«.
بدوره، تعهد وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلينغ باتخاذ كل ما هو ضروري للحفاظ على استقرار الاقتصاد، فيما انضمت السويد والدنمارك إلى المجموعة المتنامية من الدول الأوروبية التي زادت من الضمانات الحكومية للودائع المصرفية، حيث أعلنت استوكهولم مضاعفة الضمانات الحكومية إلى ٥٠٠ الف كرون (٧٠ الف دولار) للودائع في مصارفها، في حين اتفقت الحكومة الدنماركية والمصارف الخاصة على تأسيس صندوق لحماية المدخرات.
من جهته، أكد الرئيس الأميركي جورج بوش أن الهدف من خطة الإنقاذ التي اقرها الكونغرس الأسبوع الماضي هو »توفير الائتمان وتحريك الأموال«، لكنه أوضح أنّ »الأمر سيستغرق بعض الوقت«.
وتوقع نائب رئيس مجلس إدارة مصرف »ميريل لينش« ريتشارد ماكورماك أنّ تستمر الأزمة ما بين ١٨ شهراً وعامين، مشيراً إلى احتمال هبوط أسعار السلع الأولية مع تراجع الطلب.
وفي كاراكاس، أعلن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز أنّ بلاده تعمل على تأسيس »نظام مالي خاص« بالتعاون مع »حلفائها«، وعلى رأسهم روسيا وبيلاروسيا وإيران والصين، وذلك بإشراف الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو. وأوضح أنّ هذه البنية المالية ترمي إلى حماية البلاد من الأزمة المالية العالمية، مطمئناً الى أن فنزويلا بمنأى عمّا يحدث في الأسواق، وذلك بسبب ابتعاد حكومتها »الثورية« منذ سنوات عن النظام الرأسمالي »المنحرف«.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...